من المهم أن يدرك قادة السودان شمالاً وجنوباً أن تجدد الحرب بين البلدين غير مقبول ولا يجب السماح به مهما كانت الظروف أو الدوافع وأن إعلان الخرطوم استعادة منطقة هجليج التى احتلتها قوات جنوب السودان قبل أكثر من عشرة أيام يجب أن يفتح الآفاق لمواقف جديدة بعيدة عن الحرب بحيث تكون حرب هجليج آخر الحروب بين السودان وجنوب السودان خاصة أنهما جربا هذه الحرب عندما كان السودان موحداً على مدى أكثر من خمسين عاماً ولم يحقق السودانيون خلالها إلا الدمار والخراب والانقسام. إن المطلوب من الطرفين في الخرطوم وجوبا أن يعوا درس حرب هجليج وآثارها المدمرة على العلاقات الاجتماعية والسياسية والثقافية المشتركة تاريخياً ولن يتم ذلك إلا بالامتناع المشترك عن الدخول في حرب جديدة، فليس من المقبول السماح بوقوع حرب جديدة في أي منطقة حدودية مشتركة بين البلدين أياً كانت الدوافع والمسببات، فالخروج من هجليج وبأي أسلوب كان لا يشكل نصراً لأي طرف إذا لم يلتزم الطرفان بعدم الدخول في حرب جديدة قد تقود لحرب شاملة تأكل الأخضر واليابس ولذلك فإن المطلوب ضبط النفس والعودة بلا شروط إلى المفاوضات باعتبارها الطريق الأسلم لحل الخلافات بينها والتي يجب أن تحل بعيداً عن لغة السلاح والتهديد والحرب أو اجتياز الحدود واحتلال مناطق خاضعة للطرف الآخر كما حدث بهجليج. إن حالة الحرب المستعرة حالياً بخصوص هجليج بين السودان وجنوب السودان غير مقبولة ومضره باستقرار الأوضاع في البلدين خاصة أنهما يعانيان من أزمات داخلية متعددة ما بين تمرد داخلي وتدهور اقتصادي مريع ، فليس من المنطقي أن تتواصل هذه الحرب وتتبعها حروب كلامية مضرة وتعبئة وتجييش للشعبين. إن المطلوب بعد استعادة الجيش السوداني منطقة هجليج، إعادة الثقة المفقودة بين البلدين وهذا لن يتم إلا بالالتزام بضبط النفس وعدم الدخول مجدداً في أي حرب جديدة كما أن المطلوب من قادة البلدين مراعاة الروابط التاريخية المشتركة بأن تكون علاقتهما مبنية على الاحترام المشترك وليس العداء والحرب كما هي الحال حالياً. إن عودة العلاقات إلى طبيعتها بين البلدين لن تتم إلا عبر الحوار غير المشروط لحل جميع الملفات الخلافية التي نجمت عن انفصال الجنوب كدولة قائمة بذاتها ومن بينها قضايا الحدود والنفط والاقتصاد وأبيي، باعتبار عدم حل هذه المسائل هو ما قاد إلى حرب هجليج والحروب بالوكالة سواء كانت في جنوب كردفان أو جنوب النيل الأزرق بالسودان ومناطق عدة بالجنوب، ولذلك فإن المطلوب العودة إلى المفاوضات التى يرعاها الاتحاد الإفريقي بدعم دولي لأن فيها المخرج من أزمات السودان شمالاً وجنوباً. فليس من المقبول إفشال المفاوضات التى يرعاها الاتحاد الإفريقي بعدما توصلت إلى قواسم مشتركة كانت كفيلة بحل جميع الملفات الخلافية التى نجمت عن انفصال الجنوب عن الشمال بعيداً عن لغة الحرب والتهديد والتهديد المضاد واحتلال أراضي الغير. المصدر: الراية القطرية 21/4/2012م