سننتظر نتائج التحقيقات التي ستجريها الجهات الأمنية حول حادثة تفجير سيارة البرادو ببورتسودان ومقتل صاحبها ناصر عوض الله (65 عاماً) والمحققون بالطبع سيتوصلون إلى معلومات كثيرة ومتنوعة وأياً كانت نوعية هذه المعلومات والنتائج فثمة أشياء يجب أن نقف عندها فحادثة البرادو أمس نسخة بالكربون من حادثة السوناتا العام الماضي، يبدو أن سلسلة هذه الحوادث ستسمى بأسماء السيارات الفارهة!. فور وقوع الحادث تضاربت الروايات وتعددت (الرواية الرسمية ستجدونها في مكان آخر من هذه الصحيفة)، فالمعلومة الأولى أن ضرب السيارة تم بعد إلقاء قنبلة مضيئة ثم حدث التفجير وهذا يعيد للأذهان قصة السوناتا في العام الماضي، ورواية أخرى تقول إن العربة تم (تفخيخها) بقنبلة موقوتة أي أن التفسير في هذه الجزئية ينحو نحو أن الحادث مدبَّر محلياً لتصفية حسابات خاصة. وبقية المعلومات الشخصية عن القتيل تفيد بأنه رجل عَلم ووكيل لناظر العبابدة وشخص له كلمة وسط قبيلته. في حادثة السوناتا العام الماضي اعترفت إسرائيل جهراً ومن خلال صحافتها بأنها قامت بتصفية تجار سلاح يقومون بتهريبه عبر الحدود السودانية المصرية، ومن ثم إلى فلسطين عبر معبر رفح. والمعروف لدى الخبراء الاستراتيجيين أن الوجود الإسرائيلي في البحر الأحمر لم يعد أمراً خافياً، وبالطبع فإن من شأن هذا الوجود أن تكون يده الاستخبارية طويلة مثل طول مدى صواريخه، وإذا راجعنا رواية (التفخيخ) محلياً نجدنا ميالين إلى وجود عملاء للموساد في تلك المنطقة مما يدفعنا إلى الاعتقاد بأن الحرب والصراع في هذه المنطقة هو في الأساس صراع استخباراتي وليس عسكري بالمعنى المفهوم في المواجهات العسكرية، إذ إن التسابق الاستخباري هو في حقيقته صراع على امتلاك (معلومة) أو السعي لإبطال مفعول (معلومة) وهذا في اعتقادي المتواضع ما يجب أن تبنى عليه أجهزتنا الأمنية (جيش وشرطة وأمن) إستراتيجيتها الاستخبارية والمعلوماتية. وطالما أن المعلومات مصدرها أشخاص، فالبحث عن مثل هؤلاء الأشخاص هو السبيل الوحيد للتوصل إلى خبايا وأسرار هذا النشاط الاستخباري. وعملاء المخابرات الأجنبية في العادة يستغلون عدة ظروف منها الاقتصادي ومنها الجغرافي وبما أن التهريب بكافة أشكاله وأنواعه ينشط دائماً على الحدود فإن السيطرة على المهربين والسعي لمحاصرتهم سيوفر كثيراً من الجهد لإيقاف استباحة المنطقة من قبل الآخرين سواء كانوا دولاً أو أشخاصاً داخل الحدود يتصارعون على مصالح معينة وبالتالي يشكلون تهديداً أمنياً.. والدولة ليست مسئولة عن تهريب السلاح أو الذرة أو أي منتج آخر، ولكن عليها تشديد الرقابة على المعابر والمنافذ ورصد التحركات المشبوهة. المهربون لديهم من الإمكانات والوسائل التي تمكنهم من اختراق الجدر الصماء والغرف المغلقة، ولكن تطوير آليات المراقبة كفيل بوضعهم تحت السيطرة. وفي هذا الإطار وغيره أبحثوا عن الطابور الخامس وعملاء الاستخبارات الأجنبية الذين يتطوعون بمعلومات معظمها (مضروب) ستتضرر منها البلاد ضرراً بليغاً.. لا بد أن يظل الملف مفتوحاً. نقلا عن صحيفة الرائد23/5/2012