لم يصدق البعض ذلك الخبر الذي تسرب الي وكالات الأنباء العالمية ومفاده أن المحامي الأرجنتيني لويس مورينو اوكامبو الذي استغنت محكمة الجنايات الدولية مؤخراً عن خدماته سيصبح رئيساً لدائرة التحقيقات في لجنة الأخلاقيات بالاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) فالأرجنتيني اشتهر في السنوات الأخيرة بالعمل علي قضايا ذات طابع سياسي تتعلق في معظمها بتوجية اتهامات للزعماء الأفارقة حول ارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان أثناء الحروب بينما اشتهرت الفيفا في السنوات الماضية بفضائح الفساد المتلاحقة وشبهات تلقي الرشاوي وبيع النفس والضمير.. شبهات طالت رئيس الفيفا شخصياً. موقع اوكامبو الجديد الذي يتوقع ان يباشر مهامه فيه قريباً دفع البعض للتساؤل: هل سيحمل الرجل خصومته القديمة مع الخرطوم من المحكمة الجنائية الي الفيفا فمعركة الرجل مع حكومة الخرطوم والرئيس البشير تكاد تصبح شخصية فالكثير من الشعارات رفعت ضد الرجل بينما لم يدخر من جانبه وسعاً في الحشد لمذكرة الاعتقال التي طلبها بحق البشير اثناء بقائه في كرسي المدعي العام لمحكمة الجنايات وحتي عقب خروجه منه.. سمعة الفيفا علي المستوي الدولي دمرتها مجموعة من الأحداث والفضائح المتواترة التي ترتبط بفساد أعضاء في اللجنة التنفيذية للمنظمة لجنة شبيهة في صلاحياتها وقوتها ونفوذها غير المحدود باللجان المركزية للأحزاب اليسارية خلال القرن الماضي فاللجنة مسئولة عن تسيير أعمال المنظمة التنفيذية بما فيها إبرام صفقات الرعاية والبث التلفزيوني والشركات التجارية، كما تقوم في تصويت سري باختيار الدول التي تستضيف نهائيات كأس العالم ذات العائد التجاري والسياحي والإعلامي المريح. فضائح الفيفا ولجنته التنفيذية انفجرت أواخر العام 2010م عندما نشرت صحيفة بريطانية تحقيقاً كشف تورط عضوين باللجنة التنفيذية في عرض صوتيهما للبيع بشأن التصويت لاختيار البلد الذي ينظم كاس العالم للعام 2018م وتمكن الصحافيون الذين اعدوا التحقيق من تصوير النيجيري اداموس عضو اللجنة التنفيذية للفيفا داخل احدي الغرف وهو يطلب نصف مليون دولار مقابل بيع صوته فيما طلب رينالد تيماري نائب رئيس الفيفا عضو اللجنة التنفيذية ورئيس اتحاد اوقيانوسيا تمويل مشروع أكاديمية رياضية مقابل بيع صوته. الضربة القاضية لسمعة الفيفا أتت العام الماضي عندما اتهم الأمريكي تشاك بلايرز أمين عام اتحاد الكونكاكاف سابقاً وعضو اللجنة التنفيذية كلا من الترينيدادي جاك وارنر الرئيس السابق لاتحاد الكونكاكاف وعضو اللجنة التنفيذية والقطري محمد بن همام الرئيس السابق للاتحاد الاسيوي والعضو السابق في اللجنة التنفيذية بمحاولة شراء صوت اتحاد الكوكاكاف في انتخابات رئيس الفيفا التي حاول فيها بن همام منافسة السويسري جوزيف بلاتر علي منصبه السحري. بلاتر رئيس الفيفا الذي طالته سهام النقد ودخل دائرة الشبهات عقب الفضائح التي عصفت بالمنظمة ولجنتها التنفيذية تردد انه الشخص الذي قام باختيار اوكامبو في محاولة مستميته لإنقاذ سمعة الفيفا التي تعرضت مصداقيتها ونزاهة قياداتها الي نكسات متلاحقة تسببت في تعرض الرجل السبعيني لانتقادات حادة من شخصيات كروية مرموقة أشهرها ذلك الانتقاد الذي وجهه الألماني كارل هاينز رومينيغه رئيس رابطة الأندية الأوربية عندما طالب بلاتر بتنفيذ كل شيء بشكل سليم ونظيف ووصفه بأنه ماكر مثل ثعبان البحر وحذره من ملاقاة مصير مأساوي مثل مصير الرئيس المصري السابق حسني مبارك. وتابع رومينيغة: حسني مبارك لم يكن يتوقع منذ عام أن يطاح به من منصبه ويجب ان يكون بلاتر مسئولاً عما يجري وإلا واجه ثورة، كما طالب كارلوس البرتو توريس قائد المنتخب البرازيلي الفائز بمونديال 1970 بلاتر بالتنحي لصالح لاعبين سابقين محترمين مثل الفرنسي ميشيل بلاتيني أو الألماني فرانس بيكنباور كما دعت الشركات التي ترعي الفيفا مثل شركة فيزا بطاقات الائتمان بلاتر الي اتخاذ خطوات بينما دعت منظمة الشفافية الدولية الفيفا لإلغاء انتخابات رئيسه وتطهير نفسه. كل تلك الضغوط والضربات لم تنجح في ثني جوزيف بلاتر عن المضي قدماً في ولايته الرابعة التي فاز بها العام الماضي بالتزكية وتمتد أربع سنوات ويري البعض أن إقدام بلاتر علي محاولة الاستعانة بخدمات لويس مورينو اوكامبو تشير الي رغبة حقيقية في تنظيف واجهة المنظمة من بقع الفساد التي لوثتها مؤخراً خاصة أن اوكامبو وجه قانوني دولي كفيل بإخافة المتلاعبين والفاسدين من ديناصورات اللجنة التنفيذية للفيفا في المقابل يؤكد آخرون أن استعانة ملك عرش الفيفا بالمحامي الأرجنتيني سيطلق رصاصة الرحمة علي مصداقية الفيفا ودليل علي رغبة دفينة للمضي في طريق الشبهات والرشاوي خاصة أن اوكامبو وان كان قانونياً معروفاً علي المستوي الدولي ويحب كرة القدم كما يقول البعض إلا انه رجل لا يمتلك خبرة كافية بأمور الرياضة ولا يعرف كيف تسير الأمور تحت الطاولة في عالم المؤسسات والاتحادات المعنية بشئون الساحرة المستديرة. شخصية لو يس مورينو اوكامبو نفسها قد تساعده علي النجاح أو تساعده علي الفشل في تجربته القانونية الجديدة ويري البعض أن القانوني الأرجنتيني تأثر أثناء عمله في محكمة الجنايات الدولية بضغوط وسياسات حكومات الدول الكبري وخلط عمله القانوني بأجندة السياسيين والمنظمات ما يعني أنه سيتأثر حتماً بالضغوط والإغراءات التي تمتلئ بها دهاليز مقر الفيفا، ولن تمكنه شخصيته التي تتأثر بضغوط الأقوياء وذوي النفوذ من مطاردة الفاسدين والمتلاعبين داخل المنظمة، في المقابل يقول آخرون أن التصميم الذي يتسم به الرجل وعدم شعوره باليأس من عدم تنفيذ مذكرات الاعتقال التي أصدرها سيساعده علي تتبع روائح الفساد والصفقات المشبوهة والرشاوي داخل أروقة الفيفا والعمل بصبر لاصطياد رؤوس الفساد في عالم كرة القدم. خصوم اوكامبو يقولون ان فترة عمل الرجل بالمحكمة الجنائية الدولية اتسمت بالصمت عن جرائم وحروب الكبار في المجتمع الدولي والبحث عن مخالفات البعض في أفريقيا ما يعني أن انتقاله من ملعب القانون الدولي الي ملعب الرياضة العالمية ليس كفيلاً بالقضاء علي تلك السمة التي لازمت أداء الرجل ومن المتوقع بالتالي ان يمارس من داخل مكتبه في زيزرخ الصمت علي فساد الكبار من ديناصورات اللجنة التنفيذية والبحث عن مخالفات الصغار بعيداً في القارة السمراء او آسيا او منطقة الكاريبي وبدلاً عن طلب التحقيق مع جوزيف بلاتر ومساعديه في اللجنة التنفيذية لا يستبعد هؤلاء أن يواصل اوكامبو عقب استلام موقعه الجديد اللعب الخشن مع الخرطوم فيطلب التحقيق مع مدرب الفريق القومي .. محمد عبد الله (مازدا) ولا يهم تحت أي ذريعة كان ذلك فالرجل كما يرع في نسج خيوط الاتهامات الواهنة ضد الرئيس البشير يستطيع أن ينسج أخري ضد احد مواطنيه بالضرورة..!. نقلا عن صحيفة الرأي العام3/6/2012