أثناء مرافقتنا لرئيس الجمهورية في زيارته لولايات دارفور بعد اتهامات المحكمة الجنائية في يوليو من العام 2008م أجريت حواراً فيما اذكر مع البرتوفيرنانديز القائم بالأعمال الأمريكي في السودان ، فكرة الحوار كانت التعرف علي الحيثيات الحقيقية لنكوض واشنطن من التطبيع مع الخرطوم بعد طول وعود وشروط متحركة ما ان تفي الخرطوم بها حتي تفاجئها واشنطن بذريعة جديدة من قائمة مطالبها التي لا تنتهي. قلت للقائم بالأعمال الأمريكي وقتها: لماذا دائماً مطالبكم متحركة فانتم اشترطتم لرفع العقوبات وتطبيع العلاقات مع الخرطوم في وقت سابق بمكافحة والوصول لسلام مع الحركة في نيفاشا ، ولما حدث ذلك طالبتم بالوصول لحل في دارفور وأوردت له الكثير من الأمثلة بينما كان يسلك منعطفات لغوية للهروب من الإجابة المباشرة وتحت ضغط السؤال وضع أسفله نصف إجابة عندما قال: (نحن أولوياتنا اقتصادية في السودان). وبعد وفاء السودان بما يليه من التزامات تجاه اتفاقية السلام الشامل بما في ذلك الاستفتاء والاعتراف بنتائجه بعد ان كان ذلك مطلباً أمريكياً لتطبيع العلاقات مع الخرطوم ، تذرعت واشنطن بالأوضاع الإنسانية في جنوب كردفان والنيل الأزرق وستقفز الي مطالبات أخري في حال طي هذا الملف فهي لم تصدق مع الخرطوم باعتراف اندرو ناتسيوس الذي اعترف كذلك بأن واشنطن قد خسرت من العقوبات التي تفرضها علي الخرطوم عندما تركتها للصين ودول أخري لا تأبه بالعقوبات المفروضة. بالأمس حملت صحف الخرطوم خبراً عن إبقاء الخارجية الأمريكية السودان ضمن الدول الراعية للإرهاب الي جانب سوريا وإيران وهي ذات القائمة التي ظل قابعاً فيها منذ العام 1993م رغم اعتراف الخارجية الأمريكية نفسها بالتعاون السوداني في مجال مكافحة الإرهاب. وفي صحف الخرطوم صبيحة أمس نفسها لم تنس واشنطن هوايتها غير المجببة في وضع شروط جديدة للتطبيع مع الخرطوم وهي هذه المرة تسوية سلمية لكافة القضايا العالقة مع جوبا طبقاً لما صرح به القائم بالأعمال الأمريكي جوزيف استفاورد لدي لقائه برئيس البرلمان قبل ان يؤكد ان لا نية لديهم في تغيير الحكومة في الخرطوم بالقوة. مشكلة واشنطن أنها غير جادة في التطبيع مع الخرطوم وكل تصريحاتها في وقت سابق عن قرب التطبيع هي للاستهلاك ومحاولة لإغراء الخرطوم بالمزيد من الجزر دون ان تتمكن في الواقع من قضم واحدة منه،وإذا كان رفع العقوبات الأمريكية والتطبيع مع الخرطوم يتم بالنظر للواقع علي الأرض أو تحتكم الي مصالح البلدين لكان انسب توقيت لرفع هذه العقوبات هذه الأيام خاصة بعد أن قامت وزارة الخارجية تحت قيادة الوزير علي كرتي بجهود جبارة وتحرك بلباقة دبلوماسية لافتة في مساحات غير مسبوقة واستطاع الوصول لجهات نافذة ترسم بريشتها ملامح السياسة الخارجية الأمريكية. من الآخر عزيزي الوزير علي كرتي لقد تمت و(أركان سلمك) لا حربك بما يلزم لإحداث اختراق في ملف العلاقات السودانية الأمريكية وسلكتم الدروب المفضية للتطبيع ولكن واشنطن تكذب ولا تتجمل وتأبي إلا أن تنكص في كل مرة عن وعودها العرقوبية بسبب ضغط اللوبيات سافرة العداء للبلاد. نقلا عن صحيفة الرأي العام 2/8/2012