قبيل اندلاع الحرب الاهليه الأولي (1956_1972)كانت قبيلتا المسيريه ودينكا نقوك تعيشان بصوره سلميه وطبيعيه في المنطقة الحدودية بين السودان وجنوب السودان، من ثم في أعقاب ذلك أدعي كل طرف سيادته التاريخية علي المنطقة، وتأزمت وضعيتها منذ ذلك الوقت ومرورا باتفاقية أديس أبابا في عهد الرئيس جعفر نميري في العام( 1972م) حيث نقضها أهالي المسيريه ووصفوها بغير العادلة، وحتى وصول الإنقاذ إلي سدة الحكم ما زالت القضية شائكة بين الشمال والجنوب وزاد من تعقيداتها النزاع السياسي القوي بين النظامين في الخرطوموجوبا عقب انفصال جنوب السودان، وعدم حسم ملف الترتيبات الخاصة بالمنطقة، وتركها شائكة مما عقد مصير مواطني قبيلتي (دينكا نوك والمسيريه). حاولت الحكومات إيجاد وسيله تقلل من حده التوتر القبلي بعقد مؤتمرات للتعايش السلمي بين قاطني (أبيي) تماشياً مع الحوار السياسي بين السلطات السياسية في البلدين للوصول إلي تفاهمات شامله تضع حدا لكل الإفرازات الناتجة عن ألازمه. آخر تلك التحركات عقد الاجتماع السادس للجنة الاشرافيه المشتركة بين دولتي السودان وجنوب السودان (أجوك) بمنطقة أبيي الأيام الماضية بغرض مناقشة التعايش السلمي بين قبيلتي المسيريه ودينكا نوك بحضور الاتحاد الإفريقي وبعثة حفظ السلام بأبيي ووقعت الإدارات الاهليه للقبيلتين مذكرة إعلان المبادئ لأجل التعايش السلمي بين مجتمعات منطقة أبيي تحت إشراف ال(أجوك) بعد اجتماعات استمرت ليومين. وحددت (6) بنود أكدت ضرورة الحوار وإستمراريته والاحترام المتبادل بين مجتمعي دينكا نوك والمسيريه لإزالة الترسبات وخلق علاقات سويه فيما بينهم والعودة إلي العلاقات الازليه السمحاء. وأقرت المذكرة بوجود غبن مشترك بين مجتمعي دينكا نوك والمسيريه وضرورة العمل سويا ً لإزالته والتأكد علي ضرورة إعمال الأعراف والتقاليد المتفق عليها بالمنطقة للتعايش بين المجتمعين. وأوضحت أن الأطراف تتطلع إلي تسريع الحوارات التحضيرية لعقد مؤتمر صلح وتعايش سلمي جامع وذلك لإعادة العلاقات الي سابق عهدها وأكدت المذكرة ضرورة الحوار واستمرار يته والاحترام المتبادل بين مجتمعي دينكا نوك والمسيريه لإزالة الترسبات وخلق علاقات سويه فيما بينهما والعودة إلي العلاقات الازليه السمحة. إلي ذلك رهن رئيس اللجنة الاشرافيه المشتركة لمنطقة ابيي المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان الخير الفهيم، الوصول إلي تفاهمات بشأن المنطقة خلال المباحثات القادمة بأديس أبابا نهاية الشهر الجاري، باستصحاب المصالح المشتركة لقبيلتي المسيريه ودينكا نوك. وأشار الفهيم في تصريح ل(الشروق) إلي أن هناك خيارات عديدة مطروحة علي طاولة الرئيسين عمر البشير وسلفا كير ميارديت عندما يحين الوقت للفصل النهائي في نزاع أبيي. وأشاد رئيس اللجنة من جانب جنوب السودان، د. لوكا بيونق، بقيادة البلدين، لسعيهم لإيجاد الحلول للقضايا التي تهم الأطراف المعنية، مؤكداً أن اتفاق النفط بأديس أبابا يمثل دفعه لحل ما تبقي من قضايا وفي مقدمتها قضية أبيي. وقال أن وفد الجنوب لديه تفويض من الرئيس سلفا كير للعمل علي وضع الحلول من خلال بحث التعايش السلمي بين قبائل منطقة أبي. ودعا أطراف الاجتماع لمساعدة رئيسي البلدين في اجتماعهما المرتقب في اتخاذ القرارات التي تسهم في حل مشاكل البلدين وأضاف أن الدولتين أصبحتا لديهما واقع جديد وعليه يجب مراعاته في اتخاذ القرارات، مؤكداً أن دينكا نوك والمسيريه سيعملان في ما بينهم علي مراعاة المصالح المشتركة مستقبلا. من جهة أقر الفهيم، بوجود تباين بين الطرفين أدي إلي التأخير في تشكيل المؤسسات المدنية بالمنطقة مثل المجلس التشريعي والشرطة المجتمعية والمؤسسات الاخري، كاشفا عن رفع هذه في أمر التشكيل إلي رئيسي البلدين لمناقشتها في اجتماعهما المرتقب في سبتمبر المقبل. ودعا أطراف الاجتماع لمساعدة رئيسي البلدين في اجتماعهما المرتقب في اتخاذ القرارات التي تسهم في حل مشاكل الدولتين، مشددا علي أن الدولتين أصبح لديهما واقع جديد وعليه يجب مراعاة ذلك في اتخاذ القرارات، مؤكدا أن دينكا نوك والمسيريه سيعملان فيما بينهما علي مراعاة المصالح المشتركة مستقبلا. غير أن المتابعين طالبوا الحكومتين في الخرطوموجوبا بالتعامل مع القضية من عدة زوايا بما فيها مصالح القبيلة في المنطقة وأن لا ينظران إليها بعين أرض المصالح العينية، مؤكدين أن أزمة أبيي لن تحل إلا بتوافق شامل بمشاركة كل أطراف القضية. وأكد ممثل الاتحاد الإفريقي أن حلول مشكلة (أبيي ) لن تأتي من الخرطوم أو جوبا أو الاتحاد الإفريقي وإنما من خلال جلوس الإدارات الاهليه لإقرار التعايش السلمي بين سكان المنطقة، مشيراً إلي أن ما تقره الإدارات الاهليه من أحكام وقرارات معمول به في المجتمعات الافريقيه. نقلا عن صحيفة الوفاق السودانية 15/8/2012م