كان لافتاً مع دخول السباق الانتخابي مراحل (ربع النهائي) بتدشين الحملات الانتخابية وتسابقت كل القوى لتقديم مرشحيها للأضواء وطرح برامجها وأهدافها النظرية والعملية وتفسيرات مساعيها للوصول إلى السلطة سواء كانت في الرئاسة أو الولاية أو المجالس التشريعية كان لافتاً بروز ظاهرة (الانسحاب) في مواقيت متأخرة من العملية الانتخابية خاصة لمرشحي الولايات سواء لمقعد الوالي أو في الدوائر الجغرافية . حتى مرشحي الرئاسة اعتقد أن البعض ساورته الرغبة في الانسحاب خاصة لبعض الزعامات التي إنما تقدمت بعد فكرة (تشتيت الأصوات) ثم سرعان ما أدركت بعد أن (ركبت الحربة الزمل) أن اختبار الأمر قد يؤدي لنتائج ذات دلالات (فضائحية) حين يتذيل (نقد) أو (المهدي) قوائم الترتيب العام مما يحرج هؤلاء الآباء المؤسسين ويزري بمقاماتهم ولم يكونوا في حاجة لهذا الاختبار. الانسحاب وبعودة للحديث عنه قد يفسر من زاوية أنه ضرب من ضروب (التكتيك) بحيث ينسحب مرشحون في ميقات معلوم على نحو مفاجئ لصالح مرشح في مواجهة آخر مستهدف بالانسحاب وعوائده المتمثلة في أن الكتل الداعمة للمنسحبين يفترض بها أن تتجه مجتمعة لوعاء وصندوق واحد . تكتل بعض المرشحين ضد تنظيم واحد مسألة تجلب الشرف للتنظيم المعني بهذا وسيكون طعم الخسارة مريراً مثل الحنظل إن استطاع المؤتمر الوطني في البحر الأحمر مثلاً أو أي ولاية أخرى اكتساح منافسيه رغم حوائط التحالفات المعلنة أو غير المعلنة لأن الكسب حينها سيعري تلك القوى المتكتلة ويؤكد عدم ارتكازها على قواعد مساندة وإلا فما معنى أن يكسب مرشح للمؤتمر الوطني في ظل مواجهة أربعة أو خمسة مرشحين من خصومه اتفقوا على ممثل واحد يمنحونه الأصوات والبطاقات . هذا التفسير يبدو منطقياً ومقبولاً ولا حرمة له إذ أن العملية برمتها نشاط سياسي تجوز فيه كافة التكتيكات المناسبة والمطلوبة طالما أنها التزمت ناصية قانون الانتخابات وتحاشت السلوك الفاسد لكن هل يعني هذا أن ظاهرة الانسحابات يجب أن تبرر بهذا التفسير ؟ الإجابة الأخرى هي (لا) لأن المسألة ربما ترتبط بأن البعض نهض أساساً لعملية الترشيح وتقديم النفس عبر الحزب أو من مدخل (المستقلين) من باب ركوب الموجة ، وقد كنت أضحك كثيراً وكل شخص مستوفي للشروط يتقدم لسحب استمارة ترشيح ، بغض النظر عن الطموحات الذاتية فإن الجدية شرط – غير مكتوب – كان لزاماً أن يتوافر في العملية الانتخابية لدرء اشكالية تحويل هذا النشاط الهام إلى (شو) اكتشف بعض المشاركين فجأة أنهم لا يملكون أدوات المنافسة فيه لأنهم في حقيقة الأمر إنما تقدموا خبط عشواء فاختلط حابل القوى الحقيقة الباحثة عن منافسة انتخابية حقيقة ونزيهة بنابل جماعة قدرك قدرك ! نقلا عن صحيفة أحداث الساعة السودانية 14/2/2010م