وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة على انتخاب السودان عضواً في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة خلال دورته الجديدة في الفترة من العام 2013 – 2015م. وعلل القائمين على الأمر الاختيار لمساهمة السودان في هذا المجال في كل أنحاء العالم، وقد حصل السودان على 176 صوتاً متفوقاً على كبريات دول العالم، الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا اللتين حلتا وفقاً للتقارير الصادرة من الأممالمتحدة على 147 و 177 على التوالي. وجاء انتخاب السودان في جلسة عادية للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تم خلال الجلسة انتخاب 18 دولة للانضمام للمجلس الاقتصادي الاجتماعي المكون من 54 عضواً لمدة ثلاث سنوات، وتم إلى جانب انتخاب السودان انتخاب تونس وجنوب إفريقيا وموريشص. ومعروف إن المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة يمثل المنبر الرئيسي لمناقشة السياسات الدولية ذات الصلة بالتنمية البشرية والصناعية إضافة لمهمة التنسيق مع وكالات الأممالمتحدة المتخصصة في صياغة القرارات والتوصيات التي تقدمها والعمل على إعداد الدراسات والتقارير وإقامة المؤتمرات الدولية الرئيسية ذات الصلة بالمجالين الاقتصادي والاجتماعي والقضايا والموضوعات ذات الصلة بالملفين. وبمعايير النشاط الدبلوماسي والتفاعل معه يعد كسب السودان للمقعد الأعلى بهذا المستوي من الأصوات خاصة إذا تمت قراءة الفوز مع ما يواجهه السودان من حصار وهيمنة غير مخفية من قبل الدول الكبرى المسيطرة على المؤسسة الأممية ومحاولات تضليل الرأي العام والسعي بكل الطرق لعزله. ويري السفير أنس الطيب الجيلاني مدير الإدارة الاقتصادية بوزارة الخارجية أن الفوز بالعضوية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة يشكل دلالة سياسية كبرى تؤكد أن السودان ليس معزولاً كما يدعي البعض خاصة في هذه الظروف وأنه ووفقاً لعلاقاته وتحركاته كعضو فاعل في الجمعية العامة يمكنه إحراز أصوات متجاوزاً مجلس الولاياتالمتحدة بكل ما تحمله كل الدلالات من كونها قوة مؤثرة جداً في العالم، ويضيف السفير انس في حديثه ل(الرأي العام) معلقاً على نيل السودان للمقعد أن الفوز تحقق والسودان يواجه استهدافاً وحملات مسعورة لتشويه سمعته ومحاولات من قبل بعض القوى لاستقطاب أطراف النزاع وتأجيج بؤر التوتر داخله. وتجب الإشارة هنا إلى أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة يعد أحد الأجهزة المهمة والمسؤولة عن كل المؤسسات والوكالات المعنية بالنشاط الاقتصادي والاجتماعي في الأممالمتحدة وذلك بموجب المادة السابعة من ميثاق الأممالمتحدة، ويضم المجلس ثلاث لجان وستة أقسام، إقليمية ودائمة ومعنية بجانب عدد من الهيئات المتخصصة ذات الصلة كالإحصاء السكاني، التنمية، مكافحة المخدرات والأنشطة الاجتماعية كافة. وبحسب المصادر فإن المجلس هو المعني بتقرير المشروعات ومراقبتها في كل أنحاء العالم. ويري السفير أنس أن وجود السودان في المجلس وبهذه الصورة الفاعلة وفي ظل التغطية الواسعة للمجلس يمكنه بكل ارتياح إن يدعم المشروعات الموجهة للسودان بصورة ممتازة، كما أنه سيصبح بالطبع محط أنظار من الدول كافة خارج المجلس ومن خلال جهود التنسيق والتحرك لدعم مشروعاتهم بحكم أن السودان من خلال هذا الفوز غير المسبوق سيحظي بوضعية مميزة تجعل محاولات تفاعله مع محيطه وتقوية علاقاته الثنائية سهلة، إضافة إلي ذلك فإن السودان وطبقاً لمدير الإدارة الاقتصادية بوزارة الخارجية قد برز من خلال هذا الفوز كدولة تلعب دوراً ليس بالسهل في الدبلوماسية متعددة الأطراف خلال السنوات الثلاث المقبلة عبر هذه النافذة بالأممالمتحدة ومن ثم تحقيق وضعية أفضل في مقبل الأيام تصب لصالح السودان في كل التحركات وتكسر محاولات تحجيم دوره ووضعه في خانة الاتهامات. ويري خبراء في شان العمل بالمؤسسة الأممية أن اجتماعات المجلس تتم أحياناً على مستوي الخبراء وفي أحيان آخر على مستوي المندوبين الدائمين، بل وعلى مستوي الوزراء مما يجعل مجالات تمثيل السودان لعقده في المجلس تتسق ومستوي الإجتماع والقضية التي تخص الجلسة. اتفق مع مدير الإدارة الاقتصادية بوزارة الخارجية السفير أنس عدد من المراقبين والمهتمين بالشأن الدبلوماسي من أن نيل المقعد يعد بكل المقاييس كسباً للسودان في الظرف الراهن وانه يحق للسودان أن يفخر بأن له من الأصدقاء والحلفاء داخل المؤسسة الدولية من يرشحه لنيل المعقد متجاوزاً القوى العظمي ويحصل من خلال وجوده على مساحة هو في الظرف الراهن في أشد الحاجة إليها وبالتالي يستطيع أن يفتح عبر هذه النفاذة كثيراً من الأبواب والنوافذ التي كانت موصدة بفعل بعض التكتلات المعادية. لكن مع التأكيد على إن المجلس يعد مهماً وأنه أحد المجالس الأساسية في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية التي تعني بها الأممالمتحدة ويمكن عبره أن تخرج سياسات كلية كبيرة. إلا أن الدكتور عثمان البدري أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم رغم وصفه للاختيار بالجيد قال: يجب ألا نعطي الاختيار أكثر من حجمه باعتبار أن مجالس الأممالمتحدة مقسمة على المجموعات الجغرافية، وأن جميع الدول متساوية في الحقوق والواجبات، وأن الموقع يستمد وزنه وحجمه من خلال المناديب والممثلين، وأنه وفقاً للدكتور يمكن للسودان أن يحقق مكسباً إذا أحسن ممثلوه الاستغلال، فهو ليس مجلساً يجتمع يومياً وإنما يعقد اجتماعاته بصفة دورية وتتم خلالها مناقشة القضايا العامة الكلية كالأهداف الثمانية للتنمية وكيفية توزيع الناتج المحلي الاجتماعي أو حث الدول على تقديم المعونات والإنفاق على مجالس البحث العلمي فهي في تقديره أعمال مهمة للمجلس لكنه بالمقابل ليست للمجلس قرارات مباشرة ولا يستبعد أن يكلف السودان بالقضايا الأفريقية المرتبطة باللجنة الإقتصادية الفرعية المعنية بأفريقيا والتي مقرها أديس أبابا، بجانب ذلك فإن المجلس كان في السابق يهتم بالدعم التنموي المقدم من قبل المعسكرين الشرقي والغربي. نقلاً عن صحيفة الرأي العام السودانية 12/11/2012م