هلع لا مثيل له في قلب “الإسرائيلي" وفي كيانه كلّه، هلع في عيون الجنرالات، هلع في عيون قطعان المستوطنين . خوف عام يُلقي ب"شعب" تجميعي ملفق إلى الخنادق تحت الأرض . خوف شامل من مجرّد صواريخ “بدائية" لا حظ لها من التكنولوجيا . صواريخ عز الدين القسام وذاكرته المحفورة في قلوب أطفال فلسطين . هؤلاء الأطفال الذين يولدون ويموتون على إيقاع الحرب في إطار كذبة كبيرة اسمها السلام . لا شجاعة “للإسرائيلي" بالمطلق، إذا نزعت منه درعه الحديدية وترسانته المركبة من أفظع وأبشع أنواع أسلحة الموت والدمار الشامل . لا نبل في الحرب ولا أخلاق عند جندي “إسرائيلي" يتشبّع بثقافة الموت والتمييز وشهوة الإبادة . ثقافة سوداء يتشرّبها “الإسرائيلي" منذ أول يوم يدخل فيه إلى مؤسسة عسكرية تربيه على القتل ومحو الفلسطيني عن الخريطة وتحويله إلى رماد . هكذا يعيش “الإسرائيلي" دائماً في حماية درعه الحديدية المسلّحة وهو خارج هذه الدرع كائن خائف . انظر إلى صور مسؤولين عسكريين “إسرائيليين" ووزراء . . حتى من وزراء الحرب وهم يلوذون تحت الطاولات ويهرعون إلى الخنادق وفوق رؤوسهم صفارات إنذار . انظر إلى كل هذا التحشيد العسكري الذي يكفي لاجتياح قارّة؟ . . ألا يعني هذا أن الخوف يملأ قلب “الإسرائيلي" ويجعل منه كائناً متوتراً قلقاً، ومهزوزاً حتى العظم؟ غزة ليست قارة وليست إمبراطورية، لا يوجد في غزة ترسانة أسلحة، لا طائرات تقلع من غزة . في سمائها تحوم الطيور . حتى الطيور لا تجفل من الطائرات في فضاء ساحلي يستعير من البحر زرقة صافية تبعث على الطمأنينة . لا صفّارات إنذار في غزة . لا نوم تحت الأرض، الناس في بيوتهم وفي ذواتهم المحمية بالإرادة فقط . الفلسطيني لم يأت إلى غزة من “الاتحاد السوفييتي"، أو من أوروبا الشرقية، والحبشة، وإثيوبيا، ولذلك فهو لا يخاف . غزة بالنسبة للفلسطيني ليست مستوطنة محمية بالأسلاك الكهربية الشائكة وكلاب الحراسة وجنزير الدبّابة . . ولذلك فهو لا يخاف . الفلسطيني لم يتخرّج من مدرسة الهولوكوست . ولم يرضع من ثقافة الأساطير المؤسسة على المراوغة والخداع والكذب كما كان يقرر ذلك الفيلسوف الفرنسي الراحل روجيه غارودي . . ولذلك، فهو لا يخاف . الخوف طبيعة اللص والمحتل والقاتل دائماً، لذلك، يحيط نفسه بالترسانات والدروع، وعندما يسمع صوت الصفير يندفع كالمجنون إلى الخندق، ويحلم لو أنه يعود الآن إلى المجر أو بولندا، وقد نجا بجلده . المصدر: الخليج 20/11/2012م