الشخص الذي سيخبرنا بنتيجة حملة التوقيعات التي بدأ جمعها لإسقاط النظام من داخل دار حزب الأمة هو الصادق المهدي نفسه، طريقة الإخبار لن تكون الأرقام بالتأكيد، أو إعلان مؤتمر صحفي ليقول إن الحملة التي أطلقت لجمع التوقيعات لإسقاط النظام، قد تقهقرت بفعل ضعف النشاط السياسي وارتفاع درجات الحرارة في رمضان، مبادرة الصادق سيقتلها الصادق بإطلاق مبادرة جديدة ولن يتسني لنا ولكم سؤاله عن نتيجة حملة جمع التوقيعات من أجل إسقاط النظام، مهما كنت سريعاً في البحث عن أسئلة فإن الصادق أسرع منك بكثير في إطلاق مبادرات جديدة، لا تهم النتائج بقدر أهمية المبادرات نفسها في سوق الكلام. ذكرت في عمود سابق رفضي للسخط الذي أبداه أبناء جيلي تجاه الصادق المهدي، فهم يريدون منه أن يسط لهم النظام وهذا طلب غير منطقي، لأن الصادق سياسي من عصر سابق، مهما أصر بأنه مواكب ورياضي وسياسي دقيق المتابعة، الجيل مطالب بخلق الأدوات التي تشبه معضلته. خير دليل علي أن الصادق غير مواكب، هو فكرة التوقيعات نفسها، يوم أن أعلن الصادق عنها قلنا إنها فكرة جيدة لأنها ستبقي قضية المطالبة بضرورة تغيير النظام قيد النقاش، وتغيير النظام أو تفكيكه لصالح دولة الوطن، مطلب تراجع في أجندة معظم الساسة، ولم نعد نسمعه إلا عند فاروق أبو عيسي الذي تسخر منه المعارضة والحكومة لذات السبب فمرة لأنه دون حزب ومرة أخري لأنه دون قبيلة، وهكذا تفاخر بالأنساب والأحزاب التي لم تغن عنهم شيئاً. التوقيعات التي تجمع لن تسقط نظاماً ولن تخلق حركة شعبية مثل (تمرد) المصرية، لعدة أسباب أولها أن التوقيعات تراث مصري قديم في مناهضة الحكومات وهي موجودة في ذاكرة المصريين، بل إن حزب الوفد المصري الذي سماه نزيه نصيف وعد الأمة المخلوف كان نتيجة حملة توقيعات جمعها الشعب المصري لتفويض سعد زغلول ورفاقه للتفاوض باسم الأمة المصرية عندما رفض الإنجليز الاعتراف بهم كممثلين للمصريين، الإنجليز لم يعتدوا التوقيعات بالطبع، لعدم وجود آلية للتأكيد من صحتها، لكن استجابوا للضغوط التي صنعها الحراك من أجل جمع التوقيعات، هل هنالك أي حراك سياسي يتبع توقيعات الصادق المهدي؟ الإجابة سهلة جداً لكل متابع. السبب الثاني لنجاح حمله التوقيعات هو أن المجتمع المصري في حالة سيولة كاملة، لذلك تحركت حملة التوقيعات لتوحيد كل المعسكر الآخر في مواجهة الإخوان المسلمين، إذن التوقيعات وسيلة فعالة للمجموعات الشبابية والفعاليات، لكن الذي لا أفهمه كيف يدعو رئيس حزب كبير مثل حزب الأمة لجمع توقيعات لإسقاط النظام علماً بأن الصادق يردد في كل محفل أن عضوية حزبه بالملايين، هذه الملايين كافية لإحداث فعل كبير جداً، ليس بالضرورة التظاهر ضد النظام، لأن الصادق يخشي أن يقمع النظام الأنصار، مثلما يحدث دائماً بينما يتواري الجميع حفاظاً علي حياتهم، لكن توقعات أعضاء الحزب كافية، واعتصام أعضاء الحزب في الميادين كافٍ، اللهم إلا إذا كانت عضوية الحزب غير ملتزمة بحديث رئيسها وتتعامل معه من باب الكلام الساكت. رئيس الحزب يجب أن ينزل قراراته عبر هياكل الحزب إن وجدت أو يبني هياكل إذا لم تكن هنالك هياكل تنساب عبرها القرارات. التوقيعات تكتيك غير مألوف في بلادنا، نحتاج لنقاشات كثيرة لتطويرها بوصفها أداة لتسليط الضوء علي قضية، كما أن التوقيعات ليس من تكتيكات الأحزاب، فالأحزاب لها أدواتها المعروفة، وعضويتها الملتزمة، فلماذا توقع علي قرار اتخذته أعلي الهيئات الحزبية. نقلا عن صحيفة القرار السودانية 23/7/2013م