ما زالت الحكومة تمد حبال الصبر لحكومة جنوب السودان في مسألة القضايا العالقة.. بل حتى في الالتزام بالاتفاقيات التي تم التوقيع عليها في ظل حكماء إفريقيا وبشهاداتهم.. وقد تكون هذه المماطلة من الطرف الآخر نابعة من نصائح أو توجيهات الدول الراعية للحركة الشعبية التي أشرفت عليها منذ مولدها وحتى أظهرت ثمراتها ممثلة في دولة جنوب السودان.. وهو مخطط ندرك إبعاده ومهدداته وأهدافه.. وهي إنهاء وجود السودان الشمالي.. وليس وجود الحكومة الراهنة..لأن المخطط أكبر وأعمق من معاداة حكومة واحدة.. وهو مخطط إستراتيجي جرت دراساته في القرن التاسع عشر.. ووضعت خارطة طريقه بعزل إفريقيا جنوب الصحراء عن شماله.. وبمعنى أدق وقف الزحف العربي الإسلامي وإنشاء حزام واحد يمنع امتداد الإسلام إلى وسط وجنوب إفريقيا.. وأحداث التاريخ تؤكد هذه الحقيقة إذا كنا نقرأ التاريخ بوعي ونحلل ما نقرأه وما هو موضوع فيما وراء السطور والأحداث. وبالنظر إلى غزو بريطانيا في عهد الإمبراطورية والملكة فيكتوريا سنجد أن حملة كتشنر والجيوش البريطانية على السودان في نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين كانت تستهدف ما ذكرت آنفا.. وقد قضت على الثورة المهدية وطاردت عناصرها.. وعملت الحكومة البريطانية التي ارتكبت في ذلك الوقت حملات إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية.. وظلت هكذا دون مساءلة ودون عقاب.. ولا حتى مواساة لأهالي شهداء الثورة المهدية إلى يومنا هذا.. مما شجعها للاستمرار في تنفيذ المخطط وإقامة التمرد في الجنوب عام 1955 وهي تهم بسحب جيوشها وحمل عصاها وتخرج من بلادنا.. فقام المتمردون بإبادة جميع العاملين بالجنوب من مدرسين وجنود وتجار في مخطط إبادة فاضحة أبرزها كانت أحداث توريت المؤسفة التي وقف في ذكراها سلفاكير قبل سنوات قليلة وقال إن هذا اليوم هو بمثابة يوم وطني لنا. في الثاني من سبتمبر 1922 أصدر الحاكم العام للسودان السير لي ستاك حامل نيشان الفرسان من الإمبراطورية البريطانية ونيشان القديسين ميخائيل وجورج قراراً بإعلان المناطق المقفولة في السودان.. والقرار ضم معظم أجزاء من دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وأجزاء من مديرية كسلا وكل جنوب السودان وهذا يؤكد ما ذكرته في صدر المقال عن أهداف إعادة فتح السودان بواسطة تجديدات من جيوش الإمبراطورية والعديد من القوات المرتزقة من دول أوروبا وعدد كبير من القوات المصرية وبعض السودانيين الذين كانوا يقيمون في مصر عندما كانت الدولتان دولة واحدة.. وقد اتخذت خطوات تالية لغلق هذه المناطق بالقيام بوضع سياسات تبتعد بهذه المناطق عن السودان الدولة الأم.. واليوم ودون الدخول في تفاصيل المخطط ونتائجه وثمراته نقف على حجم ما يجري في هذه المناطق من صراعات ومشكلات أمنية وعدم استقرار.. ويقال عندما يعرف السبب يبطل العجب وينصرف الناس لإيجاد الحلول والمعالجات فهلا عاد الجميع إلى صوابه وأعاد ترتيب أوراقه وجلسنا لكتابة دستورنا الذي يحدد هويتنا ويرسم لنا خارطة الطريق نحو السلام والوحدة والاستقرار!. المصدر: الشرق القطرية 1/8/20213م