تباينت الآراء واختلفت ردود الأفعال الدولية والإقليمية والمحلية ومابين جوباوالخرطوم حول قرار مجلس الأمن والسلم الأفريقى رقم «397» والذى نص على «ايقاف استفتاء أبيى المقترح فى اكتوبر الجارى من طرف واحد » فالقرار صدر بنيويورك فى الرابع من اكتوبر 2013 ، فيما توقع مراقبون ردود أفعال أقوى من قبل مكونات الدينكا نقوك بدولة جنوب السودان ،بينما كشف رئيس لجنة الإشراف المشتركة «أجوك» من جانب السودان الخير الفهيم المكى عن زيارة مرتقبة لمجلس السلم والأمن الأفريقى لمنطقة أبيى فى الاسبوع الأخير من الشهر الجارى لم يوافق عليها الجانب السودانى لظروف العيد والحج يتم تحديدها لاحقا. موقف مسبق دولة جنوب السودان أعلنت مسبقا على لسان وزير رئاسة مجلس وزراء جنوب السودان السابق دينق ألور أبرز قيادات أبيى عن تكوين لجنة سياسية عليا للاشراف على استفتاء ابيى برئاسته وعضوية ادوارد لينو واخرين، وجدد ألور موقف بلاده الثابت والداعى الى قيام استفتاء ابيى فى موعده المقترح فى اكتوبر إن «قبلت الخرطوم أم لم تقبل»! بينما وجد ذات قرار رقم «397» رفضا وشجبا واستنكارا من قبل مكونات دولة جنوب السودان سيما مشيخات دينكا نقوك التسع، إلا أن الأوضاع فى المنطقة ذاتها قد تأزمت بمقتل زعيم الدينكا نقوك كوال دينق ماجوك فى مايو الماضى فى ظل ظروف وملابسات غامضة اتهم بها بعض المنتسبين لقبيلة المسيرية فيما تقول الأخيرة إنها بريئة من الاتهام وتشير لمجموعات متفلتة بالمنطقة قالت إنها فى منطقة «أم خرائط» تنطلق من داخل أراضي دولة جنوب السودان. جسر للتواصل مراقبون اختلفوا حول «أبيى» وصفوها بالقنبلة الموقوتة، وآخرون وصفوها بسويسرا أفريقيا ،فيما «وصفها برتكول أبيى» فى الفقرة الأولى بأن تكون أبيي جسرا بين الشمال والجنوب وتربط شعبى السودان وجنوب السودان، إلا أن اتفاقية نيفاشا التى كانت تبطن خلاف ما تظهر حسب مراقبين، قالوا إنها جاءت بانفصال جنوب السودان ليصبح مجتمع أبيى أحد ضحايا الانفصال لتتحول منطقة أبيى منذ تلك اللحظات إلى «نقطة سوداء» فى طريق العلاقة بين دولتى السودان رغم نجاح رئيسي البلدين نزع فتيل الأزمة لأكثر من مرة. إشادة الا أن ستفتاء أبيى حول الوضع النهائى ذاته جاء فى برتكول أبيى فى آخر مادة حول الوضع النهائى للمنطقة ،قبل صدوره كمقترح من قبل رئيس الآلية الأفريقية الرفيعة المستوى ثابو أمبيكى، فيما لم يكن قرار مجلس الأمن والسلم ذاته بالمفاجأة فقد ثمن مجلس الأمن والسلم الأفريقى فى جلسته بتاريخ 27 سبتمبر 2013 بنيويورك جهود أمبيكي وجدد ثقته فيه وأيد قراره حول إستفتاء أبيى قبل إصدار قراره الأخير رقم «397» كما أشاد بالفريق التابع للاتحاد الأفريقى لمُساعدة الطرفين على بناء علاقات تعاون لإقامة دولتين مُتعايشتين في سلام، وأعرب البيان عن تقديره لهايلي مناكريوس ، وقوة الاُمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي «يونسفا» والشُركاء. تأييد أممى وخطة أمريكية الأممالمتحدة من جانبها أعلنت على لسان نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق تأييدها للجهود الأفريقية بشأن هذه القضية وقال إن المنظمة الدولية تطالب حكومتي الخرطوموجوبا، بالامتناع عن اتخاذ أي إجراءات أحادية الجانب بشأن أبيي، مجددا تأكيدات الأممالمتحدة دعم جهود فريق الاتحاد الأفريقي رفيع المستوى لتنفيذ اتفاقات التعاون الموقعة في 20 يونيو لعام 2011 بشأن الترتيبات الأمنية والإدارية المؤقتة لمنطقة أبيي، وفى الإطار ذاته أكد المبعوث الأمريكي الخاص للسودان وجنوب السودان دونالد بوث دعم الولاياتالمتحدةالأمريكية لحل قضية أبيي المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان على أن يفيد الحل الطرفين «ون ، ون » وكشف بوث عن خطة أمريكية لحل قضية أبيي عبر عملية سلمية تسمح لأهاليها بإجراء استفتاء على أن يكون هناك ضمان لحق أولئك الرعاة الذين يأتون لأبيي بصورة منتظمة. القرار ولكن دعونا نتوقف قليلا عند ماهية القرار، رئيس اللجنة الإشرافية المشتركة لأبيى «أجوك» من قبل السودان الخير الفهيم المكى أكد «للصحافة» انه تسلم قرار المجلس رقم «397» بواسطة مندوب السودان الدائم لدى الأممالمتحدة القرار الأفريقى الأممى «إيقاف إجراء استفتاء منطقة أبيي من جانب واحد»، وقال ان القرار حث حكومتى السودان وجنوب السودان على تسهيل عودة اللاجئين والنازحين للمنطقة وإنشاء مشاريع تنموية وخدمية حول منطقة أبيي تساعد المواطنين على الاستقرار وتبادل المنافع ،وتكوين مفوضية للاستفتاء بأبيي ومراجعة قانون الاستفتاء، إلا أن البيان الأفريقى سجل صوت إشادة بلقاء قمة الخرطوم بين الرئيسين البشير وسلفاكير في الثالث من سبتمبر الماضى، ودعا الطرفين الى الإسراع في تطبيق إتفاقية الترتيبات الأمنية الموقعة في 20 يونيو 2011م والمتعلقة بتكوين المؤسسات المدنية كل من المكتب التنفيذى والشرطة والمجلس التشريعي، ومنع القرار إتخاذ أي إجراءات أحادية فى أبيي من شأنها أن تعوق التقدم فى العلاقات بين الدولتين، علاوة على تقريب وجهات النظر بين الآليات الثنائية المشتركة. تأييد دولى أكد سفير السودان بإثيوبيا الفريق عبدالرحمن سر الختم أن قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي «397» الأخير حول أبيي وجد تأييداً كبيراً من شركاء السلام الدوليين، وداخل عضوية المجلس، وقال سر الختم إن القرار جاء عن قناعات ترسخت لدى المجتمع الدولى بأن مشكلة أبيى لا يمكن حلها إلا عبر الحوار، وأن الحلول يجب أن تكون مبنية على الثقة المتبادلة بين الطرفين من خلال لقاء الرئيسين البشير وسلفاكير، واعتبر السفير أن قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي أعطى الثقة بأن الحل يمكن أن يكون بالروح التي نص عليها بروتكول أبيي، وأن تصبح المنطقة جسراً للتواصل بين السودان ودولة جنوب السودان، وأكد سر الختم ان القرار إذا وضع موضع التنفيذ فسيخلف رؤى جديدة تجعل من أبيي منطقة تواصل حقيقية. قبول ورضا داخلي القرار وجد ترحابا وقبولا ورضا بالسودان وسط مكونات قبيلة المسيرية الرعوية خاصة التى تتأهب لدخول المنطقة فى الأول من نوفمبر المقبل كبداية لفصل الجفاف حسبما ذهب إليه الأمير مختار بابو نمر والعمدة بشتنة حماد سالم رئيس لجنة العرف لقبيلتى السيرية والدينكا نقوك معا، كما وجد كذلك قبولا لدى أبناء الدينكا نقوك بالسودان،فقد رحَّب أمين التعبئة السياسية لدائرة أبيي بحزب المؤتمر الوطني شول موين، بقرار مجلس السلم الأفريقي، برفض استفتاء أبيي من جانب واحد ،وناشد موين الزعيم بلبك دينق كوال قال إنه المسؤول عن أبناء دينكا نقوك، ناشده الوقوف مع شعبه والمحافظة على العلاقة التاريخية التي تمتاز بها المنطقة حسب تاريخ جدودهم، مطالباً فى الوقت ذاته مختار بابو نمر ناظر المسيرية أن يتبنى مبادرة لصنع السلام والاستقرار، وأن ينسوا أحداث 2008 و2011، وأن يبدأوا صفحة جديدة لكي يعم السلام والاستقرار المنطقة. المسيرية ترحب من جانبها اكدت قيادات قبيلة المسيرية ترحيبها بالقرار وقالت انه جاء يحمل وجهة نظرها وقد أكد «للصحافة» كل من حاكم كردفان الاسبق عبد الرسول النور والقيادى القبلى الامير محمد عمر الانصارى ان القرار جنب المنطقة شبح الحرب وارجع الامر الى برتكول ابيى واتفاقية يونيو 2011 لتكوين المؤسسات المدنية وتهيئة الاجواء للتعايش السلمى وتوفير ظروف الاستقرار، واكد الانصارى «للصحافة» ان اهله مع التعايش السلمى واتاحة الفرصة للمسيرية والدينكا نقوك للجلوس والتحاور وجزم الانصارى بان القبيلتين قادرتان على التوصل لحل، مؤكدا فى الوقت ذاته ان قبيلة المسيرية مع السلام والاستقرار واردف قائلا لا للحرب نعم للسلام، إلا أن النور زاد عليه قائلا: القرار حكيم وأعطى الدولتين فرصة كما منح قبيلتى المسيرية والدينكا نقوك فرصة كبرى للجلوس والتحاور وفرصة لمزيد من التصالحات ورتق النسيج الاجتماعى. القرار جاء فى وقته المناسب: فيما اكد استاذ العلاقات الدولية عبد الرحمن ابوخريس ان القرار «397» جاء متماشيا مع القرار الدولى 2046 ويرى ابوخريس ان القرار جاء فى وقته المناسب ،ارجع عجلة الدوران الى مربع الرئيسين ومنحهما الثقة فى امكانية حلحلة الخلافات كافة فى اطار العلاقات بين الدولتين وقال انه يعطى الدولتين فرصة لمراجعة ما حققتاه من انجاز ويعزز ثقة المجتمع الدولى فى المؤسسة الافريقية كما يعزز ثقة الاتحاد الافريقى فى الدولتين من جهة اخرى، ويرى ابوخريس ان جوبا الاكثر استفادة من القرار وقال ان الاجواء فيها غير مهيئة لاجراء الاستفتاء من طرف واحد فى حالة رفض الخرطوم، وقال انها منقسمة فيما بينها وتحتاج لفرصة لاعادة ترتيب بيتها من الداخل ويتوقع ابوخريس الا تخرج جوبا بعيدا عن الموافقة على القرار مثلما رحبت به الاوساط السودانية كافة رسمية وشعبية، وعاد ابوخريس قائلا القرار ذاته يمنح الخرطوم فرصة للتشاور والتفاكر كما يعطيها فرصة لترتيب بيتها من الداخل سيما فى ظل الاشكالات الاقتصادية التى تعانى منها الدولة السودانية. استسلام: أعلنت حكومة جنوب السودان على لسان المتحدث باسم خارجيتها موينق ماكول أريك أن حكومة جنوب السودان مستعدة لاجراء محادثات مع السودان بشأن أبيي، وقال أريك ان الموقف المفضل لجنوب السودان إجراء الاستفتاء فى مواعيده شهر اكتوبر الجارى على النحو المقترح في البداية من قبل الاتحاد الافريقي، مؤكدا بأن نائب رئيس دولة جنوب السودان كان حضورا فى اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، وحصل على الدعم من بعض زعماء العالم الأخرى حول استفتاء أبيي في موعده اكتوبر ماذا حدث بعدها؟، إلا أن أريك عاد قائلا السودان ليست على استعداد للمشاركة في الاستفتاء، وأن الاتحاد الافريقي قال ان جنوب السودان لن تفعل ذلك وحدها، ولا ينبغي أن نفعل ذلك من طرف واحد، والناس يجب ان تذهب للمزيد من الحوارات والمفاوضات. فيما يرى المحلل السياسى بجوبا قبريال شداد القرار «397» بمثابة استسلام لموقف الخرطوم الرافض للاستفتاء، ويتوقع شداد أن يتم مناقشة الأمر فى اجتماع عاجل لمجلس السلم والأمن على هامش لقاء القمة الأفريقية بشأن الجنائية الدولية. نقلا عن صحيفة الصحافة السودانية 22/10/2013م