تقرير : ايراهيم عربى : طالب مجلس الأمن الدولي الأول من أمس «السودان وجنوب السودان» ، تكوين «حكومة أبيي » ،التى تشمل «الادارة التنفيذية والمجلس التشريعى والشرطة » ،فيما اعتبرت سفيرة الولاياتالمتحدةالأممية سوزان رايس من جانبها أن «الحل الدائم للموقف النهائى لأبيي » وحده يمكنه انهاء دائرة العنف المتكرر فى اشارة منها الى «استفتاء سكان أبيي» . الحكومة الأمريكية واضح انها تعلم صعوبة «اجراء الاستفتاء» ،حسبما أكد وزير خارجيتها جون كيرى لدى لقائه بأديس أبابا رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت ،قائلا بأن السودانيين بحاجة الى «عصاة سحرية» لقبول مقترح الاستفتاء، الا انه عاد مؤكدا أن حل أزمة دولتى السودان فى أبيي «اجراء الاستفتاء» حسبما أقره الاتحاد الأفريقى فى اكتوبر المقبل من العام الجارى . الا أن ماتناقلته الأنباء من خلال قمة الرئيسين البشير وسلفاكير الأخيرة تؤكد بانهما وقعا بأديس أيابا على اتفاق بشأن تكملة المؤسسات المدنية كمقترح تقدم به الرئيس السودانى عمر البشير ، الا أن رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير تقدم بمقترح اجراء «الاستفتاء فى مواعيده المحددة » ، ورفض البشير المقترح، وشدد فى ذات الوقت على ضرورة تكوين المؤسسات المدنية فى أبيي ، فيما ظلت قيادات المسيرية ترفض بشدة مقترح «الاستفتاء» ،وجددت رفضها المقترح السبت الماضى من خلال آخر مؤتمر لها بشأن أبيي مؤيدة رئيس الجمهورية فى رفضه لذات المقترح . بيد أن قرار مجلس الأمن الأخير ذاته ليس بعيدا عن حفظ الأمن وتنفيذ القرارات وتمهيد الأجواء لاجراء استفتاء أبيي الذى أقره الاتحاد الأفريقى فى اكتوبر المقبل ، فقد أقر المجلس بأن تقوم القوة الأمنية المؤقتة باتخاذ الاجراءات الضرورية لحماية المدنيين المعرّضين لتهديد محدق بالعنف صرف النظر عن مصدر هذا العنف سواء كان قوة عسكرية نظامية، أو قوة شرطية فضلا عن المساهمة في تنفيذ اتفاق 20 يونيو 2011 وقرارات لجنة المراقبة المشتركة في أبيي ، فيما وافق أعضاء مجلس الأمن على تمديد ولاية قوة حفظ السلام الأممية في منطقة «أبيي» والمعروفة ب«يونسيفا» حتى 30 نوفمبر من العام الحالي بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة ،مع زيادة الحد الأقصى للقوة الى 5326 فرداً بناءً على طلب حكومتي الخرطوم وجوبا . ولكن ماذا ستفعل أمريكا والمجتمع الدولى حيال رفض السودان اجراء الاستفتاء فى مواعيده المحددة وفق قرار الاتحاد الأفريقى ؟ يجيب عبد الرحمن أبو خريس الأستاذ بمعهد الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية فى حديثه ل«الصحافة»: ان ما قاله رئيس الجمهورية بلا شك يمثل رأي الحكومة السودانية ومنها الدبلوماسية، ويؤكد بان الرئيس محق فى رفضه اجراء الاستفتاء فى «الوقت المحدد» لأسباب ومبررات يراها أبوخريس موضوعية ، ويشكك أبوخريس فى النهج الأمريكى وميوله الداعمة لدولة جنوب السودان ، الا ان الأستاذ عاد مطالبا أمريكا تقديمها محفزات تدفع العملية خاصة بانها أقرت بانه لايمكن حل الأزمة فى أبيي الا عبر الحوار وقد أقرت بأن السودانيين بحاجة الى «عصاة سحرية» لقبول مقترح الاستفتاء ، فيما عاد أبوخريس مؤكدا علي ان الدولتين متفقتان على اجراء الاستفتاء على أن تحدد موعده المكونات المحلية والظروف الموضوعية . الا أن كيرى عاد مؤكدا بأن حكومته تثنى على دولتى السودان لانتهاجهما الحوار السلمى وسيلة لحل خلافاتهما ، مؤكدا أن «الحوار السلمي» هو النهج المعتمد في جميع أنحاء العالم لحل مثل هذه النزاعات ، وقد جاء ضمن قرار مجلس الأمن الدولى «2046» مؤكدا على اهمية مبدأ «تسوية النزاعات الدولية بالطرق السلمية» ، واذ يؤكد على اهمية بناء الثقة المتبادلة بين السودان وجنوب السودان كدولتين يعيشان في رخاء اقتصادي جنبا الى جنب في سلام ،وتهيئة بيئة ايجابية تشجع الاستقرار والتنمية الاقتصادية على المدى الطويل . ولكن هل من مسهلات أمريكية ؟ يؤكد كيرى بان أمريكا على استعداد لتقديم الدعم المطلوب من قبل الدولتين لانهاء النزاع بينهما ، وخلص كيرى خلال لقائه رئيس دولة الجنوب مستبعدا تماما «حل الأزمة فى أبيي عن طريق الحرب» وقال ألا خيار لحل الأزمة فيها الا عبر «استفتاء سكان المنطقة» . بيد ان ادوارد لينوالرئيس المشارك للجنة الرقابة المشتركة في أبيى ممثل جنوب السودان رفض بشدة تأجيل الاستفتاء عن موعده «حسب سودان تربيون» ،قائلا ان شعب أبيي لن يقبل أي تأجيل للاستفتاء الى ما بعد أكتوبر من هذا العام ، مشددا فى ذات الوقت على ان الاستفتاء يحق فقط للمواطنين المقيمين بشكل «دائم» فى أبيي ما ان كانوا يريدون الانضمام الى السودان أو جنوب السودان ، وزاد لينو مؤكدا بان التصويت يحق فقط ل«مشيخات دينكا نقوك التسعة» و«المسيرية الذين يعيشون في أبيي بصفة الاقامة الدائمة» ، وليس «المسيرية المهاجرين» . قبيلة المسيرية عادت لتقول «الموعد المحدد للاستفتاء» مقصود به اقصاء العرب الرحل من أبيي بحكم طبيعة مهنتهم الرعوية والتى يندر أن تنطبق عليها صفة «الاقامة الدائمة» ، فيما اتهمت قيادات من الادارة الأهلية المجتمع الدولى بممارسة «ازدواجية المعايير » ويتساءلون لماذا اعترف المجتمع الدولى بحقوف رعاة البقر فى أمريكا واستراليا وهولندا وتحرم قبيلة المسيرية ؟ مطالبين المجتمع الدولى ب«الحياد » وانصاف قبيلة المسيرية ،الا أن وسطاء يقولون بان استبعاد البدو المسيرية يأتي تماشيا مع قرار محكمة التحكيم في لاهاي . ولكن هل الموعد المحدد من قبل الاتحاد الأفريقى بشهر اكتوبر مناسب ومقبول لاجراء الاستفتاء ؟ ،تقول قيادات من المسيرية ان الزمن المضروب غير مناسب لعدم تواجد الرعاة من قبيلة المسيرية بالمنطقة بسبب التجوال والبحث عن الكلأ والماء حسب المسارات ، الا ان أبوخريس عاد مؤكدا ان الأوضاع الأمنية نفسها فى المنطقة غير مستقرة بسبب ما علق بالأنفس من ضغينة بمقتل ناظر قبيلة الدينكا نقوك كوال دينق ماجوك و«16» من قبيلة المسيرية على يد القوات الأممية علاوة على ان المنطقة أصلا غير مستقرة . ويعود ابوخريس ليؤكد بان الاستفتاء ذاته يتطلب «ترتيبات معينة » لابد من تنفيذها قبل عملية الاستفتاء وتتعلق فى مجملها حسب أبو خريس ب«الاتفاق بين مكونات المنطقة» وتنفيذ بنود برتكول أبيي ومنها اتفاق أديس أبابا بشأن تكوين المؤسسات المدنية . ولكن ماذا يقول الرئيس المشترك للجنة الاشراف لأبيي من قبل السودان الخير الفهيم، ففى حديثه ل«الصحافة» يشير الي ان تنفيذ الاستفتاء فى أبيي مربوط بعدة اجراءات مطلوبة التنفيذ أجملها الفهيم فى «برتكول أبيي ، واتفاقية الترتيبات الأمنية والادارية الموقعة بأديس أبابا بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية فى 20 يونيو2011» ،ويوضح الفهيم بان الاتفاقية جاءت لتكوين المؤسسات المدنية والتى تتمثل فى «حكومة أبيي التنفيذية ، مجلس تشريعى أبيي ، شرطة أبيي » ،ويدافع الفهيم بشدة على ضرورة تكوين هذه المؤسسات ويقول انها ضرورية لاعطاء الفرصة المدنية للادارات الأهلية ومكونات أبيي المجتمعية فرصة التقارب والعمل معا على واقع الأرض لازالة الكثير من المرارات والاحتقان وفرض التعايش السلمى ومن ثم تهيئة الأجواء والظروف الملائمة لاجراء الاستفتاء ،ويتهم الفهيم الجانب الآخر بدولة الجنوب بتعطيل الاتفاق طيلة هذه الفترة بمزيد من المماطلة ، الا ان الفهيم عاد قائلا ان الزمن غير مناسب ، والأجواء غير ملائمة والظروف غير مساعدة لتنفيذ الاستفتاء فى موعده المضروب ، الا ان الفهيم عاد مطالبا أمريكا بتوجيه النصح ومن ثم الضغط على حكومة دولة جنوب السودان للمضى قدما فى تنفيذ برتكول أبيي واتفاقية الترتيبات الأمنية والادارية الموقعة بين الطرفين ويقول انها ضرورية يمر عبرها الاستفتاء فى أبيي .