علاقتنا مع القاهرة ومابعد حكومة عدلي والسيسي ، لا تزال في مرحلة خطوات التنظيم. لا هي متدهورة يؤسى لها ، ولا متقدمة يستبشر بها . الرئيس عمر البشير قال انها محكومة بقانون شعرة معاوية. فهم البعض ان وصف الرئيس للعلاقة يشي بانها في حالة صحية سيئة ، لكن من الراجح ان الرئيس البشير اراد الذهاب الى معنى او وصف ادق . ربما اراد من الاشارة الى( شعرة معاوية ) لا تحديد القوة والضعف ، ولكن ان يقدم ما يفيد انها في درجة عالية من الحساسية ، اقتضت التعامل معها من الجانبين بقدر وافر من الحذر والحرص . عوامل الحساسية بين الخرطوموالقاهرة معروفة للجميع . اهمها كان قبل الاطاحة بحكومة الاخوان ، وعزل الرئيس مرسي ، وهي قضية سد النهضة الاثيوبي. وثانيها موقف الشارع الاسلامي في السودان مما حدث للاسلاميين في مصر من قتل واعتقالات . ويظل ملف حلايب خميرة العكننة في العلاقة من ايام مبارك ، مرورا بفترة مرسي ، وانتهاء بحكومة عدلي منصور. العلاقة بين البلدين لها تعقيدات عدة لا تحتمل ان تظل لفترة طويلة في منزلة بين المنزلتين . لا تزال كثير من المصالح معطلة ، في وقت تزداد فيه المخاوف وتتناسل ثعابين الظنون . بالحسابات المجردة منزوعة المساحيق ، والخالية من كريمات العواطف. لايوجد خيار امام الحكومة السودانية ، سوى ان تحدد موقفها من ملف سد النهضة وفق قانون المصلحة ، مع مراعاة المخاوف المصرية ، وايجاد ضمانات تطمئن القاهرة . لا يوجد حل لقضية حلايب في غياب رؤية استراتيجية للعلاقة بين البلدين . الاهم من كل ذلك، ان على الخرطوم التعامل مع الحكومة القائمة في القاهرة ، باعتبارها حكومة امر واقع، لا مناص من التعامل معها دون تحسر على مامضي ، او ترقب لمجهول قد لا ياتي ابدا ! لا شك ان الحكومة السودانية تعاملت مع تداعيات الاحداث الداخلية في مصر ، بحكمة افتقدتها في كثير من المواقف في قضايا اخرى . الحكومة السودانية لم تزج بنفسها داخل حلبة الصراع الداخلي في مصر ، كما انها لم تقف في وجه عواطف قاعدتها الاسلامية في السودان . العلاقة بين الدولتين يجب ان تحكمها المصالح المشتركة ، بغض النظر عن الطبيعة السياسية والايدلوجية للنظامين الحاكمين . معطيات الواقع المصري لكل متابع ومراقب ، تفيد بتضاؤل فرص عودة الاخوان المسلمين الى الحكم مرة اخرى على الاقل في المستقبل القريب او المتوسط . الاحتمال الراجح ان المؤسسة العسكرية ، لن تعود الى ثكناتها مرة اخرى ، وان السيسي سيستمر في حكم مصر بصناديق الاقتراع او الذخيرة . لم يعد هناك فرق بين الاثنين بعد 30 يونيو ! على ماتقدم ؛ الضرورة تقتضي اعادة العافية لجسد علاقة البلدين ، ولو ب(السيسي). نقلا عن صحيفة السوداني 4/11/2013م.