هل سألنا أنفسنا لماذا تناصر أميركا وحلفاؤها من دول الغرب الديمقراطية في مكان ويعارضونها في مكان آخر؟ هل هي المصالح التي تقتضي الدوران معها أينما دارت؟ لماذا تجبر أميركا دولة بالإكراه لتطبق نظام الديمقراطية، بينما تغلق كل الأبواب المؤدية إليها في بلد ثان؟. يعجبني جداً هذا التوجه الغربي الأصولي في تقييمهم للأشياء من حولهم، يعجبني التمسك بالأفكار حتي وإن كانت في نظري خطأ، يعجبني هنتجتون صاحب "صدام الحضارات" حين أشار لحتمية الصدام المتوقع بين الحضارة الغربية الإمبراطورية والحضارة الإسلامية. فحين هرع الرئيس كلينتون بدبلوماسية ليهدئ من غضب السفير السعودي، ويشرح بأن المواجهة الأمريكية ستكون مع الإسلام الأصولي الإرهابي وليس مع الإسلام المعتدل، رد هنتجتون بأن المواجهة ستكون مع كل تصنيفات الإسلام معتدلة في رأي البعض أو أصولية. وضرب الرجل مثلاً بالكتابة الجزائرية أحلام مستغانمي التي هي في نظر الأصوليين مارقة، وربما أهدروا دمها، وطالب بتتبع كيف تكتب باستعلاء إسلامي، وكيف أنها منحازة للقيم الإسلامية ومتطرفة إليها، وكيف تكره الغرب الاستعماري وفكرة وقيمة وحضارته. وبهذا فإن الغرب يظل مبدأ ضد أن يحكم الإسلام وإن جاء بالأغلبية الديمقراطية مثلما هو في تركيا وتونس ومصر وغيرها، وضده إن جاء بالعسكرية، وهو مع الديمقراطية التي تصمم علي إبعاد ظل الإسلام ومع الانقلابات العسكرية التي تسجن الإسلام وتسلحه. ولو تخلت الحكومات التي حكمت بإسم الإسلام عن إسلامها، ولو قدمت كل فروض الولاء والطاعة، ولو مشت (أم فكو) بين صفوفهم ترجو العفو والمغفرة، فإن الغرب العقائدي لن يتصالح معها أبد الآبدين حتي يراها وقد تحولت إلي هشيم تذروه الرياح. وقد أعجبني جداً موقف اليسار الديمقراطي السوداني حين عارض حكومة مرسي الديمقراطية وأيد انقلاب السيسي العسكري، ليعلنوا لنا أنهم أولاً ورابعاً وعاشراً مع العلمانية التي تقصي الإسلام عن الحياة تماماً، وأنهم ضد الديمقراطية التي تأت بالإسلاميين. وهم هذا الذي نسوقه لشعوبنا الإسلامية، بأن الغرب يمكن أن يعشقها ويحتضنها تماماً، وهي لا تزال علي إسلامها، سواء كانت عاكفة في المسجد أو متفلتة في الدسكو. نقلا عن صحيفة الوفاق السودانية 20/11/2013م