اطلق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هجوماً مضاداً على الغرب، واتهم الدول التي تلوّح بفرض عقوبات على بلاده بأنها شجعت «المتطرفين» في كييف على تجاهل مصالح الأقاليم الشرقية والجنوبية الناطقة بالروسية في أوكرانيا. وشدد رئيس الوزراء الروسي ديميتري ميدفيديف، في اتصال هاتفي مع جو بايدن نائب الرئيس الأميركي، على ضرورة دفاع بلاده عن مصالح جميع الأوكرانيين ومواطنيها المقيمين في البلد الجار، فيما لم يناقشا إلغاء واشنطن اجتماعات اقتصادية وعسكرية مشتركة، أو تعليق «الدول السبع» الشريكة لروسيا في مجموعة الدول الثماني، قمة للمجموعة تستضيفها سوتشي في حزيران (يونيو) المقبل (للمزيد). وبعدما عززت السلطات الموالية لموسكو سيطرتها على القطاعات العسكرية في القرم الخاضع لحكم ذاتي، عبر أداء قادة أجهزة الأمن في الإقليم قسم «الولاء للشعب»، وجه أسطول البحر الأسود الروسي، إنذاراً أخيراً تنتهي مهلته في الساعة الخامسة من فجر اليوم، لاستسلام الجنود الأوكرانيين الموجودين في الإقليم. وحذرت واشنطن من ان اي انذار توجهه روسيا الى اوكرانيا سيشكل «تصعيدا خطيرا» في هذه الازمة الدولية. ولفت إعلان رئيس مجلس النواب الروسي (الدوما) سيرغي ناريشكين، أن تدخل الجيش الروسي «غير ضروري في أوكرانيا الآن»، في وقت احتل حوالى 300 متظاهر موالين لروسيا مبنى الحكومة الإقليمية في مدينة دونيتسك شرق أوكرانيا، ورفعوا الأعلام الروسية. وخلال مشاركته في أعمال الدورة ال 25 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، شن لافروف «هجوماً معاكساً» على اتهام الغرب بلاده ب «منح حسابات الجغرافيا السياسية الخاصة بها أولوية على مصلحة الشعب الأوكراني»، وقال: «عارض بعض شركائنا الغربيين حق السلطات الشرعية في كييف (حكومة الرئيس المعزول فيكتور يانوكوفيتش) في مواجهة المتطرفين، وأيدوا الاحتجاجات ضدها في مقابل التشجيع على استخدم العنف». وتابع: «استولى المعارضون على المباني الحكومية وأحرقوها، وهاجموا الشرطة وسرقوا مستودعات السلاح، ورفعوا شعارات معادية للروس واليهود، ثم لم ينفذوا اتفاق التهدئة واستولوا على السلطة واستخدموا انتصارهم لقمع الحريات وحقوق الإنسان». وطالب لافروف باتخاذ الغرب «موقفاً مسؤولاً من أزمة أوكرانيا، والتخلي عن المصالح الجيوسياسية»، وأضاف: «من يتهمنا بالعدوان ويهدد بفرض عقوبات هم من شجع أطرافاً أوكرانية على تجاهل مصالح المناطق الجنوبية والشرقية في أوكرانيا، ونملك معلومات عن تحضير أعمال استفزازية ضد الأسطول الروسي في البحر الأسود». في غضون ذلك، اعتبرت الخارجية الروسية أن «تهديدات» وزير الخارجية الأميركي جون كيري بفقدان موسكو مقعدها في مجموعة الدول الثماني الكبرى «غير مقبولة»، ودعا الناطق باسمها ألكسندر لوكاشيفيتش الدول الأعضاء في مجموعة الثماني إلى دراسة توضيحات موسكو في شأن تطور الوضع في أوكرانيا. وأفادت الوزارة في بيان، بإن كيري الذي يزور كييف اليوم «استخدم تعابير الحرب الباردة ولم يحاول درس العمليات المعقدة الجارية في المجتمع الأوكراني، وتقويم الوضع المتدهور بعدما سيطر متطرفون بالقوة على السلطة في كييف». وأشارت إلى أن «حلفاء الغرب الآن نازيون جدد يدمرون كنائس أرثوذكسية ومعابد يهودية». وتمثلت أولى نتائج «المقاطعة الغربية» لروسيا بإلغاء وزير الخارجية الفنلندي كارل هاكولند زيارة مقررة منذ شهور لموسكو. وأبلغت السفارة الأميركية في موسكو خبراء حكوميين كانوا سيتوجهون إلى واشنطن اليوم للمشاركة في محادثات حول انضمام كازاخستان إلى منظمة التجارة العالمية، بأن «زيارتهم غير مرحب بها». وهدد الاتحاد الأوروبي بإعادة النظر في علاقاته مع روسيا، في حال «عدم نزع فتيل الأزمة في أوكرانيا»، فيما أرجأت نيوزيلندا إلى أجل غير مسمى، محادثات كانت مقررة هذا الأسبوع لإنشاء منطقة تجارية حرة مشتركة. وقال رئيس المجلس الاوروبي هيرمان فان رومبوي أمس إن زعماء الإتحاد الأوروبي سيجتمعون في بروكسل في قمة طارئة الخميس. في القرم، أعلنت السلطات الجديدة بدء عملية «إعادة بناء القوات المسلحة للإقليم» التي تشمل وحدات بحرية أعلنت ولاءها للسلطات المحلية، وقوات من حرس الحدود. وكشف مصدر عسكري أن «الإقليم سيشتري أنظمة صاروخية دفاعية ومعدات وآليات ثقيلة لتعزيز قواته». تزامن ذلك مع عقد وزير المال الروسي أنطون سيلوانوف اجتماعاً مع ممثلين عن قيادة القرم الجديدة في موسكو. وأعلنت الوزارة أن النقاشات تناولت تنظيم موازنة الإقليم، ووضع جدول لتقديم مساعدات روسية بهدف ضمان صرف الرواتب، وتسيير الأمور المالية والمعيشية. وكانت موسكو تحدثت عن تقديم بليون دولار مساعدة عاجلة، وبدء درس استثمارات قيمتها خمسة بلايين دولار. وقال رئيس الوزراء الروسي ميدفيديف، بعد محادثات مع الوفد، إن «روسيا ستواصل تنفيذ الاتفاق الموقع مع أوكرانيا سابقاً حول بناء ممر للنقل عبر مضيق كيرتش الذي يصل البحر الأسود ببحر آزوف، ويفصل شبه جزيرة القرم في الغرب عن شبه جزيرة تامان في الشرق. المصدر: الحياة 4/3/2014م