التفاهم والتعاون والتكامل يفترض أن تكون الأصل الثابت والجذور الراسخة في العلاقات السودانية المصرية، ويمثل الوضع الأمثل لصالح شعبي سطري وادي النيل "السودان ومصر" ما كان عليه الحال عندما وقعت اتفاقية الدفاع المشترك في صيف 1976م واستندت إلى ميثاق الجامعة العربية، وقبلها منهاج العمل السياسي والتكامل الاقتصادي ووقفة الرئيسان جعفر نميري وأنور السادات لتحقيق التعاون والتكامل وتحقيق المنافع والتواصل السلس في شطري وادي النيل في فبراير 1974م، وقيام أجهزة التكامل ولجنة وزارية عليا ومجلس وزراء مشترك واجتماعات دورية في الخرطوم والقاهرة وغيرها من مدن السودان ومصر وقيام برلمانه وادي النيل واستخدام بطاقة وادي النيل لتسهيل السفر بحراً وبراً وجواً وتخفيض قيمة تذاكر السفر، وتشجيع المعاملات التجارية والاقتصادية على كافة المستويات وقيام المشروعات الزراعية الخاصة بالأمن الغذائي لشعبي وادي النيل، وكانت الجهود آنذاك تمضي بإخلاص وجدية لإذابة الخلافات والتباينات بين الشعبين الشقيقين، وحصرها في أضيق الحدود ولتحسين وحدة التاريخ والانتماء والمصير المشترك فعلياً وايجابياً، وكان يفترض آنذاك – حقبة الثمانينات – إن تعقب مرحلة بناء التكامل توحيد السياسات وتهيئة المناخ المناسب للوحدة أو الاتحاد لفترة تستغرق "4 أعوام" من 1989م – 1992م" ولكن الأفاعيل السياسية القصيرة الرؤية هدمت هذا الصرح الايجابي المهم دفعة واحدة عام 1986م، تدخلت "الأجندة الخبيثة" الأجنبية والاسرائيلية بوجه خاص لتكون طرفاً مباشراً في حرب الجنوب 1983م – 2005م" وكان أول مطب للعقيد جون قرنق زعيم الحركة الشعبية لوقف "أطلاق النار" وليس لتحقيق السلام هو إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك القائمة بين السودان ومصر كانت الحركة الشعبية الجنوبية بهما أولاً إحداث شرخ مباشر وغائر في العلاقة السودانية المصرية وفك الارتباط الأمني، وكانت إسرائيل من جانبها تعتبر أن هذه الاتفاقية "الدفاع المشترك" تشكل تهديداً مباشراً لها. استرجع بإيجاز شديد هذه الجوانب لتذكير الخرطوم والقاهرة بأهمية جعل التفاهم والتعاون والتشاور البناء هو أمر حيوي وضروري واستراتيجي لشعب وادي النيل، وانهما معاً مستهدفاً تماماً من جانب الأجندة الخبيثة" فإسرائيل تعتبر أي استقرار في العلاقات السودانية – المصرية يشكل تهديداً لامنها القومي الاستراتيجي، أما اذا تحولت العلاقات إلى تكامل أو وحدة أو اتحاد فذلك يشكل التهديد المباشر بعينه وهي تستخدم عبر أذرع ووكالات استخباراتية وعلى رأسها "الموساد" لتحقيق أهدافها وتعتمد إلى إثارة الفتن وخلق أزمة الثقة أو المعاملات لتجعل العلاقات السودانية – المصرية في حالة "شد وجذب" و" توتر وتباعد" وتوقع بكرة اللهب في أكثر من اتجاه لاشتعال الحرائق والنيران، ولذلك تحسن الخرطوم والقاهرة لشعب وادي النيل في حالة الانتباه واليقظة التامة، والاستفادة القصوى من التجارب والدروس واستيعاب لحظات الفرص التي ضاعت بسبب مخطط وسياسات شد الأذرع والالتفاف معاً" وللتفكيك" وللتمزيق" ولكي يتحول "المشهد" في شطري وادي النيل ليكون موازياً "للمشهد" في العراق، الذي يوائم ويلائم طموحات إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، إن اعتماد الحوار الأخوي المخلص البناء أمر ضروري بين الخرطوم والقاهرة، وتفعيل وتنفيذ اتفاقيات الحريات الأربع، والاقتصادية والتجارية فضلاً عن التشاور والتنسيق السياسي في كافة المجالات ينبغي أن تكون غالبة وسائدة ومستقرة. أي "ثغرة" "خلل" أو "فتور" في علاقات شطري وادي النيل، يخصم منهما ويضيف إلى الأجندة الخبيثة التي لا ترغب في أي تعاون أو تفاهم بين الخرطوم والقاهرة. نقلاً عن صحيفة التغيير 2014/3/6م