بضع ساعات مضت على توقيع اتفاق هدنة أو وقف إطلاق النار بين الرئيس سلفا كير ميارديت ونائبه السابق د.رياك مشار، انقضت تلك الساعات وعادت الاتهامات بخرق الاتفاق تدور من جديد في حلقة مفرغة، تضع مزيداً من التعقيدات على ساحة السلام الجنوبية، التي ظلت تنزف منذ منتصف ديسمبر الماضي. وفي غضون تلك الساعات أعلنت المعارضة المسلحة، عن تحركات عالية للقوات اليوغندية أمس في عدة مناطق في جونقلي، بجانب هجوم كبير قامت به مليشيات مسلحة سودانية بمنطقة ربكونا. وأوضحت المعارضة أنها انسحبت من ربكونا وفضّلت عدم مواجهة تلك الحركات المسلحة، في المقابل اتهمت جوبا المعارضة المسلحة، بشن هجمات على مواقع ربكونا وسارجاس ومنكين. ووسط حالة من الشد والجذب والاتهامات المتبادلة تبدو الصورة قاتمة ناحية مستقبل الاتفاق الأخير بين سلفا كير ومشار. وميدانياً أقرت قيادات بالجيش الشعبي في تقارير، بوقوع اشتباكات في عدة مناطق. وبموازاة ذلك قال الفريق قبريال تانج، إن قواته صدت هجوماً على مناطق بأعالي النيل، وعلى صعيد السياسيين والمفاوضات عقدت الحكومة في جوبا مؤتمراً صحفياً بأديس أبابا أمس، كالت فيه اتهامات للمعارضة بخرق الاتفاق. بداية الأزمة فجر أمس وبحسب الفريق قبريال تانج، شنت قوات تابعة للجيش الشعبي هجوماً على منطي وايسي البر الثاني لملكال «1» كيلو. والتي تسيطر عليها قواته. وأوضح أن قوة كبيرة من الجيش الشعبي قامت بالهجوم متزامناً مع عملية قصف مدفعي ثقيل، وذكر أن قواته صدت الهجوم وقامت بتدمير «2» دبابة، فيما تحاصر قوة أخرى تابعة للجيش الشعبي تدعمها «4» دبابات أخرى منطقة تيدانق. مسؤولية مباشرة حمّلت حكومة جنوب السودان، قائد التمرد مسؤولية استعادة الثقة للمضي في تحقيق السلام. وأعلنت احتفاظها بحق استخدام السلاح «للدفاع عن النفس» حالة خرق اتفاق السلام. تزامن التحذير مع دخول الاتفاق، الذي يشمل هدنة في العمليات العدائية، حيز التنفيذ. وقال أتيني ويك أتيني، المتحدث باسم الرئيس سلفاكير ل« بي بي سي»، إن القوات الحكومية سوف تدافع عن نفسها حال تعرضها لإطلاق نيران. وأشار إلى أن «الأمر يعود لزعيم التمرد رياك مشار في إعادة بناء الثقة التي فقدت خلال الصراع الذي استمر«5» أشهر وكلف آلاف الأرواح وشرد أكثر من مليون شخص». وأكد المتحدث باسم الحكومة عدم وجود نية «لإثارة المشكلات». ورفض اتيني ما يقال عن أن الصراع المسلح، الذي استمر «5» أشهر، تحول إلى حرب عرقية بين قبيلتي الدينكا التي ينتمي إليها الرئيس وقبيلة النوير التي ينتمي إليها نائبه السابق. وقال أتيني،«نأمل أن تسير الأمور وفق ما يرام لأن أعلى المستويات وقعت على الوثيقة «الاتفاق» ويجب على الطرف الآخر، وهم المتمردون، أيضاً احترام تعهدات وتوقيعات زعمائهم». اتهام أول قال المتحدث باسم الجيش فيليب أقوير إن «قواته هوجمت في ولاية الوحدة، كما وقع هجوم آخر قرب بلدة بانتيو». وأعلن المتحدث باسم الرئيس سلفا كير أن «أوامر صدرت للجيش بالبدء باحترام وقف الأعمال الحربية»، لافتاً إلى أن الحكومة لم تتلق أية رسالة من المتمردين، لكن ضباطاً كبار في الجيش «أرسلوا تقارير تشير إلى حصول انتهاكات» لقرار وقف إطلاق النار من جانب المتمردين. اتهام ثان اتهم المتحدث الرسمي باسم وفد التفاوض بأديس أبابا يوهانس موسى، الحكومة بقيادة سلفا كير ميارديت بنقض الاتفاق والقيام بالهجوم على مواقع تابعة لجناحه. وأعلن يوهانس عن تقديم وفده لشكوى رسمية إلى ايقاد، بشأن الهجمات التي طالت بانتيو وقصف المابان بالطيران، بجانب الهجوم على منطقتي الناصر وايوت، وذكر يوهانس ل«الإنتباهة» أمس، أن الجيش الشعبي في حالة هجوم على مواقعهم منذ أمس الأول، ورفض يوهانس التعليق على أن الهجمات ستؤثر على الاتفاق ومدى تمسكهم به وقال« هذا الحديث ليس وقته الآن ولسنا في مرحلة تقييم للاتفاق الآن وهذه مسؤولية الايقاد». اتهام ثالث اتهم المتحدث العسكري الرسمي باسم قوات مشار في جنوب السودان لول روي، الجيش الحكومي بالهجوم على مناطق تسيطر عليها قوات مشار، وقال إن الجيش الشعبي مستمر في مهاجمة مواقع المعارضة. وقال روي إن هناك تحركات للجيش الشعبي في جونقلي، ولفت إلى قصف قامت به القوات الحكومية على مناطق في ثلاث ولايات، أعالي النيل وجونقلي والوحدة. ودمغ روي الحكومة بانتهاك الوثيقة وأضاف «تُظهر هذه الانتهاكات إما أن الرئيس سلفا كير منافق، وإما أنه لا يسيطر على قواته».- وفق قوله-، وقال إن القوات الحكومية شنت هجمات برية وأطلقت قذائف مدفعية على قوات المعارضة، لافتاً أنهم يحتفظون بحق القتال دفاعاً عن أنفسهم. دفاع أول دافعت الحكومة بشدة عن موقفها من اتفاق سلفا كير ومشار، وقال المتحدث الرسمي باسم الوفد الحكومي المفاوض ووزير الإعلام ماكويل مكوي في مؤتمر صحفي بأديس أبابا أمس، إن القوات الحكومية صدت هجوماً للمعارضة المسلحة في ربكونا وسارجاس ومنكين، وتمكنت من تشتيت قوات المعارضة. وأوضح مكوي أن هناك أعمال عدائيات، قامت بها القوات المعارضة في عدد من المناطق، بجانب عملية تقدم لقوات المعارضة في مناطق لم يحددها. وأعلن عن تزويد الحكومة لايقاد ورئيس الوزراء الأثيوبي بتلك الأعمال العدائية، وهدد مكوي بمقاطعة التفاوض حالما استمرت تلك الأعمال العدائية وقال«الايقاد إن لم تفعل شيئاً لن نتفاوض»، ودعا مكوي إلى المحافظة على الاتفاق. دفاع ثان قالت إذاعة جوبا أمس، إن هناك تقارير تشير إلى وقوع قتال عنيف على عدة جبهات مع المتمردين. وأوضحت أن القتال يدور في عدد من المناطق، وذكرت أن القوات الحكومية في حالة دفاع بعدد من المناطق التي شنت عليها المعارضة هجوماً أمس. تسجيل مواجهات سُجلت مواجهات قتالية مباشرة، بين القوات الحكومية والقوات الموالية لزعيم المعارضة رياك مشار في مدينة بانتيو أمس. وبحسب شهود عيان فإن قتالاً كبيراً يدور منذ أمس الأول حول المدينة وعلى ضواحيها بين الطرفين، وسط استياء لدى الوسطاء عقب التوقيع الجمعة الماضي على اتفاق بين الرئيس سلفا كير ميارديت ومشار. شهادة منفصلة قال عامل إغاثة بمعسكر للاجئين والنازحين في مقاطعة ربكونا، إنه شاهد قوات مشتركة من الحركات المسلحة المعارضة السودانية، تدخل إلى المقاطعة في عملية هجومية، شهدت إطلاقاً كثيفاً للمدفعية أمس، ولفت إلى أن الحركات دخلت في شكل قوافل عسكرية، وقامت بتطويق مناطق بعينها داخل المقاطعة وتمركزت فيها. مشار في أديس عقد زعيم المعارضة رياك مشار، اجتماعاً استمر لست ساعات مع وفده التفاوضي بأديس أبابا أمس. وفيما تكتَّم الوفد على الاجتماع، علمت «الإنتباهة» أن مشار في طريقه للعودة إلى جنوب السودان براً، ونقل مصدر خاص أن مشار المتواجد بأديس أبابا حتى مساء أمس، عقد اجتماعاً مطولاً مع وفده المفاوض استمر أكثر من «6» ساعات. بيان المعارضة قالت المعارضة الجنوبية في بيان لها أمس،إن القوات الحكومية قامت بانتهاك الاتفاقية في جبهات متعددة. وذكر البيان الموقّع باسم العميد لول روي المتحدث العسكري لقوات الحركة الشعبية بقيادة رياك مشار، أن الحكومة انتهكت الاتفاق وقامت بقصف مواقع دفاعية لها بالمدفعية الثقيلة، في كالداك ومبور وخور فلوس وفم الزراف في تمام الساعة السابعة والنصف من صباح أمس، وحتى الساعة «9» صباحاً. وأوضح البيان، أن قوات الحكومة هاجمت في تمام الساعة الثانية صباحاً المقر الإداري الرئيس في ايوت وتم صد الهجوم. بجانب تمكن القوات من الاستيلاء على أسلحة، وأضاف أن قوات حكومية مدعومة بقوات تابعة لحركة العدل والمساواة السودانية وأخرى من حركة جيش تحرير السودان بقيادة مني اركو مناوي، هاجمت أمس مقاطعة ربكونا في ولاية الوحدة. ولفت البيان إلى معارك تدور الآن في بانتيو مع الجيش الشعبي، ونبه إلى هجوم آخر على مقاطعة اكوبو، واعتبر البيان الهجمات التي قام بها الجيش الشعبي والقوات الموالية له، انتهاكاً لاتفاق حل الأزمة في جنوب السودان. ويدل على أن نية الرئيس سلفا كير ميارديت غير صادقة، أو لا يستطيع السيطرة على قواته. وأعلن البيان إبلاغ الضامن للاتفاقية بالانتهاكات، والايقاد، والمجتمع الدولي، وأصحاب المصلحة. وذكر أن قوات سلفا كير أصبحت أول من ينتهك الاتفاق، وأن الحركة الشعبية بقيادة رياك مشار تحتفظ بحق القتال دفاعاً عن النفس. نقلا عن صحيفة الانتباهة 12/5/2014م
