* تغني الحبيبة مصر على قارعة صناديق الجنرال السيسي (الشعب الانتخابي وين.. وين الملايين؟). * كان الاعتقاد السائد حتى الأمس بأن هناك ثلاثين مليون مصري سينزلون على رغبة المشير السيسي، وسملأون الأرض أملا ووعداً، والصناديق زخماً وعدداً! * الثلاثون مليونا الذين نزلوا في ثلاثين يونيو المجيدة، أين ذهبوا؟! الصناديق في انتظارهم! * وبرغم أن (مقاطعة الانتخابات) تعد في حد ذاتها موقفاً، إلا أن القنوات المصرية التي يديرها (رجال أعمال مبارك)، رجال المشير المفترضين، على أن الأمر لا يعدو أكثر من تبديل جنرال بجنرال، هذه القنوات طفقت تصف المقاطعين بالخونة والجبناء! * لهذا وذاك اضطرت لجنة الانتخابات العليا (المحصنة من كل نقد) بقرار جمهور، لجأت إلى إضافة يوم ثالث في ظل ضعف البيانات والمقومات الجماهيرية الانتخابية وتدين درجات الحماسة والإرادة. * هكذا احتدمت فعاليات البحث والتحليل وتباينت قراءاتها، فالبعض يري أن الأزمة كلها تكمن في ارتفاع درجات حرارة الجو، الحرارة ذاتها التي لم تمنع الآخرين من أن يخرجوا في مظاهرات حاشدة ضد العملية برمتها. * وآخرون يرون أن الكثيرين يقولون بفوز الرجل السيسي سواء نزلوا ولم ينزلوا لترشيحه، إذ أن الترشيح والانتخاب فقط هما عملية تحصيل حاصل! * غير أن أوثق وأعقل وأحكم تلك القراءات هي التي ذهبت إلى أن شعبية الرجل السيسي شعبية اصطناعية غير حقيقية. * صنعت بعناية فائقة في استديوهات (مدينة الإنتاج الإعلامي) التي ترفدها عقود بأكملها من الدراما الاحترافية، لهذا كانت (صناعة خيالية) افترضت أن وراء الرجل ثلاثين مليوناً! * ولو اقترضنا بصحة ذلك الرقم المصنوعة هو الآخر، فعلي الأقل أن تلك الجموع التي تدفقت في الثلاثين من يونيو، لم تخرج لعسكرة ثورتها وإعادة إنتاج فلول مبارك، على أن المشهد الآن يتصدره ويتسيده بامتياز إعلام ونخب (الدولة القديمة)، على أن القوى الجديدة بما فيها حركات ستة أبريل وشباب الثورة هم بالكاد خارج المشهد تماما. * فضلاً على أن المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي لم يقدم برنامجاً انتخابيا، ولم يخرج في عمليات جماهيرية كما يفعل كل المرشحين حول العالم. * بحيث بدأ سعادة الجنرال السيسي لا يراهن إلا علي بزته العسكرية التي إن خلع مظهرها ظل يحتفظ بجوهرها، على أن الرجل سيواصل لا محالة ثقافة البطش التي خلفت ثلاثة آلاف شهيد وثلاثين ألفاً ما بين الأسر والسجن والتشريد. * يفترض أن العزيزة مصر بعد كل هذه (المرحلة الانتقالية المرهقة)، يفترض أن تذهب إلى (مرحلة تصالحات وطنية)، وتفاهمات سياسية حتى يتسني لها عبور مرحلة الاحتشاد والاحتشاد المضاد والتجييش والتخوين. * غير أن هذا ما لم يحدث على الأقل في عهد الرئيس المرتقب المشير السيسي، الذي يتوعد بمزيد من البطش والإقصاء، على أن خريفا ساخناً آخر في الطريق. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم نقلاً عن صحيفة اليوم التالي 2014/5/29م