إتفق اتحاد اصحاب العمل السوداني والسفارة الامريكيةبالخرطوم، على عقد ورشة عمل مشتركة لمناقشة كيفية التعاون بين القطاع الخاص فى البلدين فى المجالات التىلا يشملها الحظر الامريكي والمجالات التى رفع عنها الحظر. واشار الاتفاق الذي تم خلال اجتماع مشترك بمقر الاتحاد بالخرطوم، التى اهمية مشاركة مكتب العقوبات الامريكية (الأوفاك) بتمثيل مؤثر فى أعمال الورشة والتى سيتم تجديد موعدها لاحقاً، بجانب اهمية مشاركة رجال الاعمال من الغرفة العربية الامريكية والغرفة الافريقية. وأوضح السيد بكري يوسف عمر، عقب الاجماع مع المسئول الاقتصادي بالسفارة الامريكيةبالخرطوم السفير ميلار أن الورشة ستركز على الكيفية المثلى للاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة فى القطاع الزارعي وإمكانية تطويره. وتأتي أهمية هذا الخبر من أنه يزيح الكثير من الجمود الذي شاب علاقة هذه الدولة الكبيرة بالسودان طوال السنوات الماضية مما القى بظلال كثيفة على مجمل مجالات التعاون الاقتصادي والزارعي والتكنولوجي الخدمي والصناعي هنا. باعتبار ان حركة الاقتصاد لا تركن للسياسة إلا بقدر الذي تتدخل فيه عوامل (قانونية او تشريعية دولية أحادية خاصة) مثلما تفعل وزارة الخزانة الامريكية تجاه عدد من الدول فى العالم ومن بينها السودان لأسباب سياسية مختلفة ومتفاوتة. وكذلك يكون هذا المنحى الاقتصادي (موفقاً) ومقبولاً فى هذا التوقيت لأنه يجيء متسقاً مع (ميول اقتصادية بحتة) تعمل من داخلها الدبلوماسية الامريكية كموجهات محددة فى النصف الاخير من ولاية الرئيس أوباما الثانية. ولإرتباط العديد من المشروعات والمرافق الخدمية الكبيرة بالسودان بالدعم الفنى الامريكي منذ الستينات فإن إعادة الحيوية لهذه العلاقات الاقتصادية المشجعة على النمو يكون اختياراً سياسياً يتجاوز المرحلي للإستراتيجي. كما أن عبارة (المجالات التي لا يشملها الحظر) تفيد كثيراً فى (تحليل مدى المرونة الامريكية) عندما تم السماح بالتعامل في مدخلات الزراعة وهذا المجال الاقتصادي المهم بإمكانه -بعد التقوية- ان يكون معبراً لتجاوز الحظر نهائياً. وبقدر ما لعبت السياسة فى السنوات الماضية دوراً كبيراً في تحجيم حركة الصادرات والواردات السودانية فى الاسواق الدولية الأمر الذي قلل (عوائدها) من العملات الصعبة، فإن السياسة ايضاً قادرة على ان تفعل العكس. بما يعني ان ثمة اصلاحات على مستوى العلاقات الخارجية سيترتب علي حدوثها قدر من الانفراج الاقتصادي يمكن الدولة من التحرك بحرية فى اسواق اغلقت أبوابها فى وجهها دون أن تكون هنالك بدائل إلا عبر (التوليف والتركيب). فى وضع دولي رمى وراء ظهره ما خلفته الايدولوجيات المتنافرة غرباً وشرقاً؛ لا يقف المرء بانتظار (إعلان نعيه) في صحف الغد، وإنما هي سياسة التحرك الايجابي وتكرار الطرق على الابواب الموصودة برؤى جديدة منفتحة وممكنة، لتكون الخطوة التى قام بها اتحاد اصحاب العمل السوداني على اهميتها نابعة من صميم (منطق الاقتصاد) الذي لا يقبل تكلس راس المال أو تقييده بالسياسة التى تهدده بالزوال وتضييق الفرص أمام تمدده فى الاسواق الدولية . وتعكس هذه الخطوة اتجاه الحكومة لاحداث تغيرات على مستوى وراداتها من السوق الدولية بالرجوع الى خاصية (التنويع الدافع لخلق حالة تنافس) التى تضمن جودة هذه الواردات ما بين الغربي والآسيوي) وهذا مفيد للأسواق المحلية. ومن خلال مفاهيم (اقتصادية سياسية) لا يمكن الاستغناء عن السوق الامريكية العملاقة خصوصاً فى مجال المدخلات الزراعية ذات الصنيف الدولي المتقدم، وقطاع الزراعة لا يعطي مردودات مالية وانتاجية حقيقية بلا تنافس. وفى حال إذا ما تمعن المراقب فى طبيعة السلع والبضائع خارج الحظر الامريكي فإنه يجد ان هناك ميزات تفضيلية يمكن من خلال (التداول النقدي) التجاري ان توازن اسعار الصرف وتيعد فتح حسابات خارجية هي أصلاً (مغلقة). مع التأكيد على الاهمية الاقتصادية الكبيرة للسودان فى الاسواق والتجمعات التجارية الاقليمية والتى هي بدورها ستنعكس على مجمل المنظمة الافريقية التى هي بحاجة كبيرة لتجاوز مرحلة (تصدير المواد الخام) الى الانتاج الكبير. وقد لا تقوم علاقات سياسية بالمعنى اليومي لتداول الصحفين لكن وبكل ثقة يمكن ان تتعزز علاقت تجارية كبيرة مع الولاياتالمتحدةالامريكية تجعل بعد ذلك من الممكن إيجاد (صيغة ما) للتباحث حول علاقات سياسية (متوازنة) نحو السودان. ما ستحدثه هذه الورشة التى دعيت اليها لجنة العقوبات الامريكية (الاوفاك) سيكون فى حد ذاته عملاً سياسياً وإعلامياً له قيمة كبيرة فى ظل غياب التمثيل الشعبي الامريكي عن هذا البلد لسنوات طويلة، وسيكون ذلك بمثابة إعادة تعريف السودان). وأن يتم ترميم وصيانة مرافق هي في الاساس قائمة على مرجعيات (التصنيع وقطع الغيار الامريكية) فى السودان، يكون ذلك مجدياً ومفيداً من الناحية الفنية والمالية من ان تذهب هذه المؤسسات لكي تباع اصولها بالتجزئة فى سوق (الخردة). وكذلك يمكن ان نضيف إذا كان في مقدور الاتحادات ومنظمات المجتمع المدني المختلفة في السودان الدخول الى الولاياتالمتحدةالأمريكية من بوابة سفارتها فى الخرطوم، فإنه من الافضل ان تشجع الحكومة هذا الاتجاه وتدعمه سياسياً. نقلاً عن صحيفة الصحافة السودانية 17/6/2014م