للعلاقة القدرية بين السودان ومصر بعدان أساسيان، هما البعد التاريخي والبعد الجغرافي، وبتوصيف عام نستطيع أن نقول إن الجغرافيا بين البلدين تسدد الآن جزءاً من فاتورة وأخطاء التأريخ.. لكننا رغم هذا لم نبصر كل ذلك الخبث الذي فسر به البعض عبارة السيسي (السودان جزء من مصر)، لأن سياق الحديث لم يكن يتحمل هذا التفسير، والسيسي بالتأكيد لم يأت للسودان كي يسئ إليه بالغمز واللمز، بل جاءه راغباً وراهباً في نفس الوقت.. راغباً في استقطاب السودان أو تحييده على الأقل في الملفات الساخنة على طاولة حكمه الجديد مثل سد النهضة، وبعبع انتقام الإخوان والملف الثالث وهو ضم السودان إلى المعسكر المصري الخليجي ضمن تحالفات المنطقة وإبعاده عن إيران وهذه حسب تحليلي كانت بإشارات له من خادم الحرمين في لقاء الطائرة. مصالحنا تقتضي أن نتجاوز تلك الاستفزازات المواربة وغير الجريئة مقصودة كانت أو غير مقصودة فكما يقولون (العارف عزو مستريح) والسيسي في نهاية الأمر مثله مثل أي مواطن مصري متأثر بتلك الخلفية الثقافية الراسخة في العقل الباطني المصري والتي ستزول أوهامها من عقولهم بمرور الزمن. أما الذي لا يزول بمرور الزمن ولا ينصلح بمرور الزمن هي مصالحنا التي لو أردنا أن نصلحها فعلينا أن نرعاها جيداً ولا نتركها فقط للزمن. مصالحنا تقتضي أن نتجاوب مع إقبال السيسي نحونا بما يحقق لنا المكاسب.. نفيد ونستفيد.. نؤمن له جانبنا وجانب حدودنا بأن يضع (في بطنو بطيخة صيفي).. إننا لن نغدر به لكن بالمقابل نريد حقنا ونريد التسوية العادلة في ملف حلايب وشلاتين. ومصالحنا تقتضي أيضاً أن نتجاوب مع السيسي في معالجة ملف المياه وسد النهضة بمنهج (لا ضرر ولا ضرار).. لكن بحساباتنا ومصالحنا، فأثيوبيا أيضاً صديق استراتيجي لنا وصديق وقت الضيق ولن نفقده أو نخونه لكننا يمكن أن نلعب دوراً أكثر إيجابية في إنهاء هذا الملف على خير خاصة وأنه الآن يمضي فعلاً نحو المعالجة.. لكن لا شئ بالمجان بعد اليوم ولا حب من طرف واحد بعد اليوم، فمن أراد منا خدمة لتكن مصالحنا واضحة من تلك الخدمة في المقابل خاصة مع مصر التي لم تحفظ الجميل.. في المياه والسد وكل شئ قدمناه بنفس راضية وبإحساس مثالي. انتهى زمان المثاليات في العلاقات بين الدول.. وانتهى زمان القصائد والمعلقات والآن هو زمان المصالح والحسابات التي لا عدو فيها ولا صديق دائم.. مع السيسي بكل ترحاب حتى نوصله للباب.. شوكة كرامة : لا تنازل عن حلايب وشلاتين. نقلاً عن صحيفة اليوم التالي 30/6/2014م //