طبقاً لأنباء القاهرة التي نقلتها الصحف هنا .. فقد منعت السلطات الأمنية المصرية انعقاد مؤتمر لأحد فصائل المعارضة السودانية كان مقرراً له أول من أمس السبت، بهدف تفعيل عمل المعارضة وتوحيدها لإسقاط النظام في الخرطوم، حيث أبلغ مسؤول أمني مصري في اتصال هاتفي علي محمود حسنين رئيس ما تسمى الجبهة الوطنية العريضة قبيل انطلاق المؤتمر، بعدم موافقة الأجهزة الأمنية والرسمية في مصر على عقد هذا المؤتمر. وبغض النظر عن الضغوطات التي مارستها الحكومة في الخرطوم على الحكومة المصرية لوقف نشاط المعارضة السودانية في القاهرة والتزامات الأخيرة بذلك، خاصة في زيارة عبد الفتاح السيسي للسودان، فإن الخطوة الجديدة رغم ما تنطوي عليه من استجابة لمطالب الخرطوم، إلا أن عدة تعليقات واستفهامات وأسئلة لا بد من طرحها وهي تحتاج إلى إجابات شافية من مصر الرسمية. فصيل علي محمود حسنين لم يعلن عن مؤتمره فجأة ودون ساق إنذار، فهو مُعلن من فترة وتمت الدعوة له وحدد مقر انعقاده واكتملت كل التحضيرات المطلوبة له، فلماذا لم يوقف من البداية.. ومن تحمل التكاليف كلها؟ ثم أن التبريرات المصرية لم تتحدث عن تسبب مثل هذه المؤتمرات في إفساد العلاقة بين السودان ومصر، وإنما أشارت إلى أن سبب المنع هو سوء الأوضاع الأمنية في القاهرة على خلفية التوترات في عدة مدن ومحافظات مصرية ناشبة عن إحياء ذكرى فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة اللذين قتل فيهما آلاف المصريين من رافضي الانقلاب. لماذا لم توقف مصر فصائل المعارضة السودانية المسلحة الموجودة هناك وتطردها؟ هل لأنها مُحتضنة من قبل الأجهزة المصرية ويُقدم لها الدعم والإيواء، وهي حركات دارفور المتمردة وما تسمى الجبهة الثورية والحركة الشعبية قطاع الشمال ومجموعات أخرى تحمل السلاح وتسعى وتعمل لإسقاط السلطة في الخرطوم عن طريق العمل المسلح؟ هذه المجموعات والحركات المسلحة توجد في القاهرة منذ عهد مبارك ولم تغادر القاهرة، ولديها مكاتب معلومة ونشاطات علنية وكوادر تتلقى الدعم والمال وتنسق كل الأنشطة السياسية والعسكرية من القاهرة، ولم نسمع أن هذه الحركات وقياداتها طُلب منها وقف تحركاتها أو طُردت من مصر أو أُبلغت بعدم ممارسة أي نشاط معارض للخرطوم؟ فهذه الخطوة المصرية إن كانت استجابةً لضغوط من الحكومة السودانية أو لأسباب أخرى، يجب أن تطول المجموعات والحركات التي تحمل السلاح وتتبنى مشروعاً سياسياً وعسكرياً يسعى لنشر الخراب والفتنة في السودان، ويهدد أمن مصر القومي في نهاية الأمر.. فلماذا لا توقف القاهرة نشاط هذه المعارضة المسلحة، وتعلن عن وقف نشاط معارضة علي محمود حسنين وهي فصيل سياسي ضعيف لا قيمة له ولا وجود؟ إذا كانت السلطات المصرية تريد الاستقرار والسلام في السودان وكامل المنطقة خاصة الجوار المصري المشتعل، عليها التقدم خطوات إلى الأمام للتفاهم البناء وإبعاد يدها من النار، فمصر تعاني من حريق في حدودها الغربية مع ليبيا وحدودها الشرقية التي تشهد حرباً من العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في غزة، ويشهد السودان جنوبها ظروفاً متطاولة من الحروب في بعض أجزائه وتعمل فصائل من المعارضة المسلحة على إسقاط السلطة القائمة فيه، ولا توجد لها علاقات حميمة حتى اللحظة مع دول حوض النيل، فلماذا لا تبعد القاهرة كل هذه الشرور عن جلبابها حتى لا تصلها ألسنة اللهب وأسنة الحراب؟ فالحروب صارت عابرة للحدود كما الحال في سوريا والعراق ومناطق عديدة في العالم، ولم يصبح هناك مأمن من انتقال النزاعات المسلحة من مكان لآخر وتسرب السلاح وتمدد الفوضى.. فقد تغيرت الظروف.. ولم تعد مصر كما كانت في السابق.. وهناك ألف مقتل ومطعن ومهدد لكل منطقتنا ومصر من بينها، ولم يعد دعم المعارضات للدول أمراً مجدياً ومضمون النتائج، فالموقف السليم أن تكف القاهرة يدها وتمسك عن مساندة أية معارضة سودانية وغير سودانية حتى لا يرتد السهم إلى النحر!! نقلا عن صحيفة الانتباهة 18/8/2014م