حين شكك البعض – داخلياً وخارجياً في إمكانية إجراء انتخابات تشمل إقليم دارفور ونتج عن هذا التشكيك انسحاب المراقبين المبتعثين من الاتحاد الأوروبي كان ذلك هدفاً في حد ذاته أرادت بعض القوى الخارجية وأبرزها منظمات أنقذوا دارفور المرتبطة بمنظمات صهيونية أن تعرقل من خلاله عملية الانتخابات برمتها في السودان. وليس ذلك فحسب ولكن تحالف أنقذوا دارفور أراد أن يجرد الرئيس البشير – على وجه الخصوص – بعد إدراكه أنه الأوفر حظاً من الحصول على أي شرعية جماهيرية في دارفور ولهذا ضغط على مراقبي الاتحاد الأوروبي لكي لا يراقبوا العملية في دارفور حتى تفشل العملية برمتها أو أن يقال أنها لم تجر في الاقليم بالصورة المطلوبة ومن ثم تصبح مطعوناً في نواهتها. غير أن دارفور تجاوزت هذه اللعبة فقد أستطاعت مفوضية الانتخابات أن تنظم العملية الانتخابية في ولاياتها الثلاث حيث انشات في ولاية جنوب دارفور (486) مركزاً وفي ولاية شمال دارفور (420) مركزاً وفي ولاية غرب دارفور (477) مركزاً وقد شملت عملية الاقتراع معسكرات الناخبين، اذ شهدت بالنسبة لولاية جنوب دارفور عمليات اقتراع في معسكرات (عطاش، دريج، السلام، السريف) وفي شمال دارفور معسكرات (أبو شوك، السلام، زمزم). واستطاعت (سودان سفاري) أن تتابع عن كثب مجريات العملية الانتخابية وكان الأمر المثير للدهشة الإقبال الكبير من الناخبين على المراكز لدرجة أن معسكرات الناخبين فرغت من التصويت في اليوم الثالث، وبعضها فرغ منها منذ اليوم الثاني لشدة حماس وإقبال الناخبين وقد استطلعت (سودان سفاري) عدداً مقدراً من الناخبين ولاحظت وجود كل الفئات العمرية بل حتى الجرحى ومصابي العمليات والنساء والعجزة وذوي الاحتياجات الخاصة، وكان مجمل ما قاله الناخبون أنهم يبحثون عن من يقود إقليمهم للاستقرار وهم في حاجة لمن يحلون لهم قضاياهم – على حد تعبيرهم – وأن حل هذه القضايا لم يتم ولا يمكن أن يتم بالسلاح. ولعل هذا الموقف في إقليم دارفور يعكس أمراً بأن يقف العالم كله ويتأمله فالإقليم الذي سارت به الدعاية الغربية، وتم تصويره على انه يعيش حروباً وإبادة جماعية ومآسي، شارك في الانتخابات بفاعلية، والحركات المسلحة التي تدعي أنها تمثل الإقليم وتبحث عن مصالح لم ينتخبها أحد اذ أن المنطق يقول أن أهل دارفور لو كانوا يتبعون الحركات المسلحة لما ذهبوا مطلقاً إلى صناديق الاقتراع، كما أن الحركات المسلحة في دارفور لوكانت بالفعل تمثل أهل دارفور ولها سيطرة على الأرض لحالت دون قيام الانتخابات ولكن هذا لم يحدث، وقد فوجئ المراقبون المنسحبين بأنهم ضيعوا فرصة مشاهدة الأوضاع في الإقليم على الطبيعة. وعلى أية حال فان هذا الحراك الذي شهدته دارفور يكفي وحده دليلاً على أن الإقليم على أمل تقدير يعيش حالة استقرار تامة!