وديع عواودة_ الناصرة – «القدس العربي»: طيلة عقود بقيت سيناء منتجعا مفضلا للإسرائيليين ثم باتت مصدر قلق وصداع كبيرين لهم بعد انفلات الأوضاع الأمنية فيها، لكن اسرائيل الآن تستطيع أن تعزي نفسها بقرب الدولة المصرية منها لدرجة أن معلقين إسرائيليين نعتوا العلاقة الأمنية – السياسية بينهما بشهر العسل. وزاد منسوب القلق في إسرائيل هذا الأسبوع بعدما أعلنت منظمة «أنصار بيت المقدس» عن إنضمامها وولائها للدولة الإسلامية «داعش». واستقبلت أوساط إسرائيلية واسعة بالكثير من الإرتياح إقدام قوات الأمن المصرية بتهجير سكان رفح وتدمير 880 بيتا تنتشر بطول الحدود مع قطاع غزة في محاولة لخلق منطقة عازلة بينها وبين سيناء. وترى إسرائيل في هذه العملية فرصة تمنحها الشرعية للقيام بالمزيد من الممارسات المشابهة وإحكاما لحصار غزة وخنقها من كافة الجهات. ومع مضي القوات المصرية في تهجير أهالي رفح تبدي إسرائيل قلقا من هجمات محتملة تنطلق من سيناء تستهدف قواتها. ولذا قرر الجيش الإسرائيلي تعزيز قواته على طول الحدود مع سيناء بهدف تجميع المعلومات الاستخباراتية وزيادة الجاهزية لأي عملية «إرهابية» محتملة. ونقلت الإذاعة العامة عن الجيش الإسرائيلي في منطقة الجنوب قوله إن قواته تعيد انتشارها على طول الحدود مع مصر على خلفية العمليات الواسعة للجيش المصري في سيناء. ويوضح المعلق العسكري أمير بوحبوط أن جيش إسرائيل قلق من تهديدات «أنصار بيت المقدس» مشيرا إلى إعدام 15 مصريا في منطقة رفح للاشتباه في تعاونهم مع الجيش المصري والصهاينة». ويذكر في مدونته أن أحكام الإعدام هذه وتحديد التهمة بالتعاون مع الجيش المصري والصهاينة يعني أن توجه منظمة «أنصار بيت المقدس» ذخيرتها نحو إسرائيل ربما تكون مسألة وقت، مرجحا أن تقوم هذه المنظمة باستهداف دوريات إسرائيلية لاستدراج إسرائيل للفوضى الحاصلة داخل سيناء. ويقول بوجود شبهات بإطلاق « أنصار بيت المقدس « صواريخ من سيناء نحو إسرائيل، لافتا إلى أن السلطات المصرية سبق لها وان اتهمتها باستهداف جنود إسرائيليين قبل عشرة أيام. وينقل موقع «واللاء» الإخباري عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن الجيش المصري قرر إنشاء شريط أمني على مسافة كيلومتر من محور صلاح الدين نحو رفح المصرية بغية تدمير كافة الأنفاق الفلسطينية التي بنيت تحت المنازل القائمة. ويزعم المصدر الإسرائيلي أن النظام المصري الجديد قرر القيام بتهجير رفح بعدما بلغته معلومات استخباراتية بأن « الإرهابيين «الذين يستهدفون الجنود المصريين يجدون في الأنفاق ملاذا وفي غزة ملجأ لهم ومصدرا للسلاح والذخيرة والتوجيه من قبل حركة حماس. وتقول مصادر أخرى في الجيش الإسرائيلي للموقع إن تدمير الأنفاق يعني زيادة المسؤولية الاقتصادية لإسرائيل على غزة نتيجة ازدياد الضغوط والطلبات على بضائع مختلفة. مصالح مشتركة ويرى المعلق المختص بالصراع العربي – الإسرائيلي آفي سخاروف أن المصاعب التي تواجهها مصر في سيناء وعدائها الكبير لحماس تخلق فرصة لشراكة وتقاسما لمصير مشترك مع إسرائيل. وما يعيق تبلور « شهر العسل « الحالي بين إسرائيل ومصر هو إدمان إسرائيل على مهاجمة الرئيس محمود عباس الذي يعتبره المعلق مفتاحا لتثبيت الاستقرار في المنطقة. ويرى سخاروف أن مقتل عشرات الجنود المصريين في سيناء في الآونة الأخيرة يعتبر صفعة لعبد الفتاح السيسي ونظامه بعدما بدا وكأنه نجح في فرض السيطرة على سيناء. وينضم سخاروف لمعلقين إسرائيليين آخرين يوجهون أصابع الاتهام لحماس وتحميلها مسؤولية ضرب الجنود المصريين في سيناء من خلال الأنفاق. ويرجح أن مصر استأذنت إسرائيل وحازت على موافقتها بإدخال وحدات عسكرية خاصة لسيناء طبقا لمبادئ اتفاقية كامب ديفد. ويضيف « بالطبع إسرائيل وافقت بسرعة لأنها معنية بأن تصبح مصر بقيادة السيسي قوية ومستقرة» داعيا إسرائيل لإغتنام الفرصة لتوثيق العلاقات الحميمة مع مصر، ومنبها أن القاهرة ستبقى تطالب باستئناف المفاوضات مع الرئيس عباس كي تتفرغ لمواجهة الفوضى في المدن المصرية وتهدئة الأوضاع فيها. ويتفق سخاروف مع بوحبوط على أن عباس هو مفتاح لإستقرار إقليمي وأن هذه هي الوسيلة الوحيدة بيد السيسي لترميم غزة وإضعاف حماس في الوقت نفسه. ونستون تشرتشل المصري وفي انتقاد لحكومة نتانياهو يقول إن مشكلة السيسي اليوم أنه لا يرى أي سياسة إسرائيلية واضحة حيال غزة وأن القاهرة أيضا لا تفهم سر إدمان نتنياهو ووزير الأمن موشيه يعلون على مهاجمة عباس ويضيف «ترى القاهرة في توجهات إسرائيل هذه محاولة للتثبت من بقاء حكم حماس في القطاع. ويتابع «وبدا السيسي نفسه مؤخرا وينستون تشرتشل المصري بمحاذرته من إبداء تفاؤل زائد مكتفيا بتوقع «أيام غير سهلة « لمصر في مواجهتها الإرهاب في سيناء متهما أطرافا أجنبية بالمشاركة في العمليات التخريبية ». ويستبعد سخاروف تورط حماس في عمليات ضد الجيش المصري ويقول إنها مشغولة بترميم غزة ومن غير المعقول المخاطرة بذلك، مشيرا إلى أن القاهرة تسارع لإتهام الجانب الفلسطيني بعمليات تستهدف جيشها بشكل فوري. ولذا يشكك المحلل الإسرائيلي في نجاح مساعي السيسي لفرض السيطرة في سيناء من خلال ترحيل أهالي رفح وإغلاق الأنفاق فقط. وهذا ما يؤكده المعلق العسكري يوآب ليمور الذي يقول إن طريق السيسي للإنتصار على « الإرهاب « في سيناء ما زالت طويلة وهي أشبه برحلة جبلية قاسية. ويكشف أن مصر وإسرائيل تتعاونان في مكافحة « الإرهاب « من منطلق المصالح المشتركة ومن رؤية مشتركة لقطاع غزة. لكن ليمور يستخف بالاعتقاد الخاطئ والمضلل بأن المشكلة قائمة في الجانب المصري فقط، موضحا أن جهات في إسرائيل تتلقى مخدرات ومهربات أخرى من سيناء. ويضيف «على السلطات الإسرائيلية أن تتنبه لتطابق الإرهاب مع العمل الجنائي على الحدود مع سيناء». وتتعرض حماس للمزيد من الضرر نتيجة إنفلات الحالة الأمنية في سيناء في رأي المحلل العسكري عاموس هارئيل الذي يؤكد هو الآخر أن مصر وإسرائيل تضيقان الخناق على حماس في غزة. ويقول إنه بعد أيام من إغلاق مصر لمعبر رفح سارعت إسرائيل بإغلاق معبري بيت حانون وكرم أبو سالم أيضا، معتبرا هو الآخر أن إسرائيل ومصر تعيشان هذه الأيام «شهر عسل».