اكتسبت الزيارة الحالية التي يقوم بها وزير الدولة للإعلام ياسر يوسف وقيادات الأجهزة الإعلامية وبعض رؤساء التحرير والصحافيين للجارة إثيوبيا، أهمية كبيرة كونها ترسي منهجاً جديداً في التعامل مع قضايا السودان وانعكاساتها في فضاء الإعلام الخارجي وخاصة في دول الجوار.. ولطالما احتاج السودان طيلة السنوات الماضية إلى ضرورة التعامل بجدية وتفاعل مع مجاله الحيوي الإقليمي واستثمار علاقاته مع جواره وأصدقائه في إزالة التشوهات التي شابت صورته ومجابهة الحملة الدعائية ضده. منذ صباح الثلاثاء الماضي ونحن هنا في أديس أبابا في رفقة السيد الوزير، وقد انخرطنا في اجتماعات ولقاءات غاية في الأهمية مع كبار المسؤولين الإثيوبيين ومع الإدارات المهمة في مفوضية الاتحاد الإفريقي في مقره بالعاصمة الإثيوبية، ولم تتسربل هذه اللقاءات والاجتماعات بزيها التقليدي المعروف، في تقديم الشروحات والإيضاحات حول الوضع في السودان والتباحث حول القضايا الثنائية، فما يتم هنا في أديس أبابا حوارات معمقة وطويلة وبناءة حول التعاون المشترك وتحرير نقاط الاختلاف والالتقاء وبناء إستراتيجيات جديدة وشراكات حقيقية لخدمة المصالح والمنافع السياسية والاقتصادية والإعلامية، وتقريب الشعوب من بعضها وتبصيرها بمصالحها ودعمها وتنبيهها لما تجابهه من أخطار محدقة بقارتنا السمراء، وإفساح المجال لها لترى بأعين إعلامية واعية المستقبل المشرق الذي ينتظر إفريقيا في حال تكاتفها وتشابك أياديها. فمن خلال اللقاءات التي عقدت حتى اللحظة مع وزير الاتصالات الإثيوبي ومع إدارتي الشؤون السياسية وحقوق الإنسان، وإدارة الإعلام في الاتحاد الإفريقي، ومع هيئة الإذاعة والتلفزة ووكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية، ولقاءات مع بعض السفراء المعتمدين في أديس أبابا، والقيادات الصحفية الإعلامية في الجارة إثيوبيا، وزيارة مقر مكتب وكالة الأناضول التركية في أديس أبابا الذي نظم جلسة تفاكر مع عدد كبير من الصحافيين الإثيوبيين، خلال هذه اللقاءات مجتمعة، جرى نقاش واسع وتحاور مثمر حول الأوضاع في السودان وفي القارة الإفريقية والتحديات التي تواجهها. واتضح من خلال هذه اللقاءات، أن القارة الإفريقية برمتها كما قال لنا مسؤولون كبار في مفوضية الاتحاد الإفريقي موحدة المواقف تجاه قضايا السودان التي أجملها وزير الدولة ووفده في لقاءاته، وهي التطورات السياسية الجارية في السودان والحوار الوطني والحرب والسلام والمفاوضات التي تجرى لإنهاء الصراع والنزاع المسلح، إضافة إلى الملف المهم الذي يشغل كل القارة، وهو ملف المحكمة الجنائية الدولية. فالموقف الإفريقي من المحكمة الجنائية كما أكده الاتحاد الإفريقي بعد التطورات الأخيرة وتقديم المدعية العامة للمحكمة تقريرها لمجلس الأمن الدولي، هو موقف ثابت لا يحتاج إلى قرار آخر جديد، إنما القارة كلها تستشعر ما يُحاك ضد الأفارقة وقادتهم وما ترمي إليه المحكمة في تقرير مدعيتها العامة، وثبات هذا الموقف ليس مجرد حديث يُقال وكلمات رنانة تُلقى على المسمع، إنما تتحول هذه المواقف إلى عمل حقيقي وتنسيق جهود مختلفة تنتصر لإفريقيا وتتصدى لعملية استهدافها.. وطُرحت العديد من الأفكار في هذا الجانب ستجد طريقها للتطبيق على أرض الواقع قريباً بين كل مكونات العمل الإعلامي الإفريقي وآليات العمل المشتركة الأخرى في المجالات الدبلوماسية والسياسية. ويتعاظم الاهتمام الإفريقي بما يدور في السودان، من ناحية تحقيق السلام والحوار الوطني ومبادرته التي طرحها رئيس الجمهورية في يناير الماضي، لكن موضوع الاستحقاق الانتخابي في أبريل من العام المقبل جذب حواراً ونقاشاً واسعاً لارتباطه بالتطورات الدستورية والسياسية المهمة للسودان، وكونه يعطي مؤشرات بأن التبادل السلمي للسلطة في البلدان الإفريقية عبر صناديق الاقتراع هو السبيل الوحيد لمنع الصراعات المسلحة وتحقيق الاستقرار ومنع التدخلات الخارجية في شأن الإفريقيين. ومن ثمار هذه الزيارة الاتفاق على التبادل الإعلامي والثقافي وتنسيق العمل المشترك والاستفادة من الخبرات والتجارب بين السودان وإثيوبيا، وكذلك تعزيز العلاقة والعمل معاً مع إدارة الإعلام في الاتحاد الإفريقي، وقد تم الاتفاق على باقة من البرامج المشتركة، منها اجتماع وزراء الإعلام الأفارقة واجتماعات وكالات الأنباء الإفريقية وقبول مبادرة السودان باستضافة هذه الاجتماعات، وجعل الإذاعة الإفريقية الموجهة التي تتبع للهيئة السودانية للإذاعة والتلفزيون نواة للنشاط الإذاعي والتلفزة الفضائية عبر قناة إفريقية مقترحة ستبث في الفترة المقبلة. مثل هذه الزيارات المهمة والانفتاح على الجوار والدول الشقيقة والصديقة، سيكون نتاجها ثماراً عديدة وتسهم في إعادة ريادة السودان وتضع صورته الحقيقية على واجهة الحدث، وقد أفاد مسؤولو الاتحاد الإفريقي بأن الزيارة لمقر رئاسة المفوضية الإفريقية هي أول زيارة منذ إنشاء الاتحاد لوزير ومسؤول إعلام إفريقي، وقد وجدت مشاركتنا نحن الصحافيين وهم رئيس الاتحاد العام للصحافيين السودانيين وشيخ رؤساء التحرير الأستاذ الكبير أحمد البلال الطيب والأخوان محمد حامد جمعة ومكي المغربي، صدى طيباً من خلال مداخلاتهم في اللقاءات ومشاركاتهم القيِّمة في الحوار وترتيبات الزيارة، وسيجري الأستاذ أحمد البلال اليوم حلقة مهمة من برنامج «في الواجهة» مع رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين. نقلا عن صحيفة الانتباهة 25/12/2014م