بصورة مباغتة ودون أي مقدمات زفت إليه المعارضة المعنية بالحوار الوطني الذي دعا له رئيس الجمهورية زفت نبأ سعيداً للساحة السياسية بعيد إعلانها عن موافقة جزء من الحركات المسلحة بالحوار الوطني وأعلنت استعدادها للمشاركة فيما طرحه رئيس الجمهورية مطلع العام الماضي، تأتي مشاركة الحركات المتمردة في الوقت الراهن بعيد جلسات وتحاور أمتد لفترة ليست بالقصيرة قادتها لجان الحوار الوطني التي شكلت فيما بعد، فالسؤال الذي يطرح نفسه في الوقت الراهن ما هذه الحركات وما قيمتا وقوتها على أرض الميدان خصوصاً مع تنامي ظاهرة الانشقاقات وكثرة الحركات التي باتت تقاتل في المنطقة. بداية نهاية أحد عشر عاماً إلا قليلاً مرت منذ بزوغ فجر الاقتتال الدموي والتشريد لإنسان دارفور، عشرة أعوام ونيف تعرض فيها الإقليم المنكوب لصنوف من المعاناة. (تشريد، قتل، تعذيب... الخ) هجر ملايين من الأهالي قراهم الأصلية واستقر بهم المقام في معسكرات النزوح واللجوء يقتاتون من طعام الإغاثة التي توفرها منظمات أجنبية، غير مأمون النوايا، في تلك السنوات العشر التي أعقبت بداية الدمار والخراب في الإقليم انطلقت عدة دعوات من قبل شخصيات ومنظمات مجتمع مدني ودول كبرى للتفكير بجدية لإيجاد مخرج امن للأزمة المستفحلة والتي خلفت وراءها ملايين من الضحايا، فانطلقت مفاوضات مارثونية في كل من ابوجا وإنتهاء بالدوحة بيد أن هزه الإتفاقيات لم تستطع أن تخمد نيران الصراع، فمازال الإقتتال متسمراً في كل نواحي دارفور، في وقت قلل كثير من المتابعين والمراقبين للمشهد العام في الإقليم من جدوي قبول بعض الحركات والمشاركة في الحوار الوطني وعدوا هذا الأمر بالتكتيك السياسي أرادت الحركات أن تجس به نبض السلطات الرسمية. عودة الروح: بيد أن آخرين يرون بأن مشاركة الحركات في الحوار الوطني تساهم في دفع الحوار للأمام وتساهم بصورة كبيرة في جذب الإنتباه إليه بعد أن واجه في الفترة الماضية العديد من العلل بعد خروج جزء كبير من الأحزاب التي كانت تمثل دعامة حقيقية للحوار خرجت بسبب غياب الرؤية الواضحة من بين تلك الأحزاب الكبرى التي أعلنت انشقاقها من الأحزاب التي تجاور هي حزب الأمة القومي ومقاطعة الشعبي ورفضه الإمتثال لدعوة رئيس الجمهورية وكذلك غياب حزب المؤتمر الوطني السوداني وغيره من التنظيمات ورأي الكثير من المراقبين بأن مشاركة الحركات المسلحة في الحوار الوطني ستساهم في عودة الروح فيه. من هم: في الوقت الذي يتبادر إلى الأذهان سؤالاً مفاده من هم قادة الحركات التي أعلنت المشاركة في الحوار الوطني وما هي قيمتها على الأرض وهل مشاركتهم في الحوار الوطني ستضع حداً للإنفلاتات والإقتتال الدائر في الإقليم وفي ذلك قال عضو مفاوضات أبوجا الناظر محمد يعقوب في حديثه ل(الأهرام اليوم) أن مشاركة الحركات المتمردة في الحوار الوطني يعد أكبر إنجاز لآلية الحوار وقطع يعقوب في حديثه إلى إمكانية إن تسهم تلك التنظيمات التي تحمل السلاح في إكمال الحلقة الناقصة في الحوار بيد أنه شكك في صديقة من وافقوا وعدا الأمر مجرد تمويه من قبل جهات تحمل السلاح في دارفور. عودة أبو القاسم: بسبب طول أمد الحرب في دارفور أدي هذا الأمر إلى انشقاق أعداد مهولة من الحركات المسلحة، مما جعل آخرون يقللون من وضعية من وافقوا على الجنوح لدعوة الحوار الوطني فآلية (7+7) أعلنت عن موافقة أبو القاسم إمام الحاج آدم والي غرب دارفور السابق والقيادي بحركة تحرير السودان بقيادة مناوي فابو القاسم إمام أبن مدينة زالنجي من مواليد العام 1974 بحي (كنجومية) درس الابتدائي والوسطي والثانوي بزالنجي ومنها انطلقت نشاطاته السياسية إمام التحق بجامعة جوبا (بحري) حالياً درس كلية الاقتصاد والدراسات الاجتماعية منها نشاطاته السياسية في العمل التعبوى وسط قواعد الطلاب قبل إن يحلتحق في العام 2003م بالحركات المسلحة بحركة تحرير السودان بصفته مسؤولاً عن الشؤون السياسية في الحركة ويؤسس لنفسه كياناً عسكرياً لوحده داخل بموجبه في اتفاقية سلام نصبته والياً لولاية غرب دارفور قبل إن يعود مجدداً لمسارح العمليات مقاتلاً. جناح كاربينو: من الوجوه الجديدة التي أعلنت موافقتها على المشاركة في الحوار الوطني حسبما قالت إلية المعارضة هي حركة تحرير السودان جناح القتيل علي كاربينو الذي لقي حتفه قبل أشهر قليلة أثناء معارك ضارية مع القوات الحكومية، ويمثل علي كاربينو قاعدة عسكرية لا يمكن تجاوزه في أي حال من الأحوال بمنطقة دارفور كاربينو قبل مقتله ظل يمثل خميرة عكننة في العديد من المناطق التي يسيطر عليها قبل إن يلقي حتفه في معارك ضارية بين القوات الحكومية وقواته بولاية غرب دارفور، كثيرون يرون بأن مقتل كاربينو ساهم بصورة كبيرة في جنوح حركته للقبول بمبدأ التفاوض وجعله خياراً أوحد لإحلال السلام في ربوع دارفور لاعتبارات أهمها التأثير القوى لقائد الحركة الراحل علي كاربينو الذي كان يرفض فكرة التحاور مع النظام الحاكم وواصل في عملياته العسكرية قبل إن يلقي حتفه غضون الأشهر القليلة. نقلاً عن صحيفة الأهرام اليوم 2015/2/9م