يبدو أن التغييرات الجذرية التي تشهدها السعودية منذ وصول الملك سلمان إلى الحكم مطلع العام الحالي وصلت أخيراً إلى القطاع الإعلامي الذي يشهد حراكاً غير مسبوق في المملكة، بالتزامن أيضاً مع تولي وزير جديد لحقيبة الإعلام من المحسوبين على التيار الليبرالي المنفتح. وتشير المعلومات الواردة من السعودية إلى أن قناة «الإخبارية» تعتزم إحداث تغيير جذري في مسارها لتتحول إلى منافسة كبريات قنوات الأخبار العربية، حيث يجري الاعداد حالياً لإنطلاقة جديدة لها خلال الشهور القليلة المقبلة. وقال منتج أخبار في القناة ل«القدس العربي» إنه يجري الإعداد لفصل المحطة نهائياً عن مجموعة قنوات التلفزيون السعودي، ليتم التعامل معها بصورة تشبه قناة «الجزيرة» القطرية، حيث ستصبح «الإخبارية» قناة مستقلة تماماً، مع بقاء تمويلها حكومياً، على أنه من المتوقع بحسب المنتج أن ترفع الحكومة السعودية المبالغ المالية المخصصة للقناة وتزيد من موازنتها لتغطي مساحات أوسع من الأخبار وتحسن من المحتوى الذي يتم بثه على الشاشة. وكانت مواقع إخبارية ووسائل إعلام سعودية قد نقلت عن المدير العام لقناة «الإخبارية» جاسر الجاسر قوله خلال أمسية رمضانية إنه يجري استقطاب الكفاءات الإعلامية السعودية حالياً استعداداً لإنطلاقة جديدة للقناة، مشيراً إلى أنه يتم أيضاً تحسين المواصفات الفنية للبث بحيث ستتحول «الإخبارية» إلى البث بجودة (HD) أسوة بالعديد من القنوات التلفزيونية الأخرى. وبحسب المعلومات التي أدلى بها مصدر في القناة ل«القدس العربي» فان المحطة بمجرد انفصالها عن التلفزيون السعودي سوف تستقل إدارياً ومالياً وتحريرياً، على أن الإدارة تلقت حتى الآن تطمينات كبيرة ومتكررة من السلطات بشأن استقلالية السياسات التحريرية ورفع السقف بما سيتيح استقطاب مزيد من المشاهدين لها في المستقبل. ويقول المنتج ل«القدس العربي» إن لدى «الإخبارية» حالياً شبكة مراسلين كبيرة حول العالم تضم مراسلين داخل مناطق الصراع في العالم العربي، بما في ذلك اليمن وسوريا ومصر وفلسطين المحتلة، وتمتد هذه الشبكة إلى القارة الأوروبية والولايات المتحدة وآسيا، وهو ما يجعل الإدارة طامحة في الدخول بمنافسة حقيقية مع القنوات الإخبارية الكبرى في العالم العربي، ك«الجزيرة» و»العربية» و»سكاي نيوز عربية». وامتدت التغييرات التي تشهدها المملكة إلى الصحافة اليومية، التي لطالما ظلت تقليدية خلال السنوات الماضية، حيث فوجئ الوسط الإعلامي السعودي خلال الأسبوع الماضي باستقالة أكبر وأهم رموزه، وهو تركي السديري الذي غادر مكتبه كرئيس لتحرير جريدة «الرياض» بعد 41 عاماً أمضاها في هذا المنصب، مر عليه خلالها أربعة ملوك حكموا البلاد. وتم تعيين راشد الراشد خلفاً للسديري في منصب رئاسة التحرير في جريدة «الرياض» فيما تم تكليف السديري أن يكون مشرفاً عاماً على الصحيفة، وهو المنصب الذي اعتبره الكثيرون فخرياً، وبمثابة مجاملة وتقديراً لمكانته وتاريخه. ويعتبر السديري عميد الصحافيين في السعودية ومنطقة الخليج وكبيرهم، كما أنه أحد أشهر الصحافيين العرب، لكنه لم يكن الوحيد الذي فقد منصبه في الأيام القليلة الماضية، حيث طالت التغييرات عدة مواقع في الصحافة السعودية، بما دفع إلى الاعتقاد بأن استقالته جاءت في إطار تغيير إعلامي جذري تشهده المملكة. وقال الكاتب الصحافي ناصر الصرامي: «بعد كل من اتفق واختلف، يبقى تركي السديري علماً في الصحافة، مميزاً بمواقف إنسانية نبيلة، معلماً بارعاً، وصاحب فضل مهنياً وشخصياً». وقبل السديري استقال رئيس تحرير النسخة السعودية من جريدة «الحياة» جميل الذيابي من منصبه، كما تولى الصحافي محمد الفال رئاسة تحرير جريدة «عكاظ». وتم تعيين الدكتور عثمان الصيني رئيساً لتحرير صحيفة «الوطن» خلفًا لرئيسها المستقيل طلال آل الشيخ، ليعود الصيني بذلك إلى صحيفة «الوطن» التي كان يعمل فيها نائباً لرئيس التحرير بين عام 1999 وحتى 2005 ورئيساً للتحرير حتى عام 2007 ومن ثم يعود إلى مكتبه مجدداً في العام 2015. ورآى الكثير من المراقبين أن التغييرات التي تشهدها السعودية في القطاع الإعلامي تشير إلى تغير في سياسات المملكة، وأن النظام الجديد الذي بدأ التأريخ له منذ تولي الملك سلمان الحكم مطلع العام الحالي بدأ في ترتيب البيت الإعلامي مجدداً في السعودية. والملك سلمان هو أول ملك يخاطب السعوديين من خلال شبكة الانترنت، حيث لدى الملك واحداً من أنشط وأكبر الحسابات السعودية على شبكة «تويتر» إذ يتابعه أكثر من 3.2 مليون شخص، كما أنه ينشر عبر حسابه بين الحين والآخر تغريدات يتواصل من خلالها مع المواطنين. وكانت آخر تغريدة نشرها في الأول من رمضان، حيث كتب: «بارك الله لنا ولكم في رمضان، وجعلنا من صوامه وقوامه. دعواتي أن يكون شهراً مباركاً على الشعب السعودي الكريم، والأمتين العربية والإسلامية». المصدر: القدس العربي 12/7/2015م