في خطوة مفاجئة، قامت الحكومة بطرد السفير الإيراني من الخرطوم، وقررت استدعاء السفير السوداني من طهران، ما يعني أن التحالف الذي جمع بين السودان وايران قد أضحى اثرا بعد عين.. الخبر الذي انتشر بصورة سريعا جدا، وجد حالة من الارتياح لدى الكثيرين بالداخل والخارج ، بينما استغربه البعض الآخر. ولايرى خبراء في الشأن السياسي أن قرار الخرطوم جاء بصورة عجلى، وإن القرار لا يعتبر نشازا خصوصا إذا نتم النظر إلى مواقف السودان في ما يلي الحرب على الإرهاب، وفي ما يلي تأمين المنطقة العربية من التخريب، لأن من ينظر إلى مواقف السودان الحالية سيجد أنه يقاسم إخوته العرب المهام والآمال في استتباب الأمن بالمنطقة العربية". فالحكومة السودانية اختارت الوقوف ضمن المعسكر العربي الخليجي الإسلامي السني، واختارت المشاركة في عاصفة الحزم بقناعة كاملة، وارسلت قواتها إلى اليمن من اجل دعم الشرعية"، فالتعدي على السفارة السعودية في إيران أمر مرفوض، خاصة أن إيران فشلت في حماية البعثة الدبلوماسية وهو واجب تنص عليه التشريعات والقوانين الدولية. وفي السياق يرى القيادي البارز في الحزب الاتحادي "الأصل" حاتم السر أن قطع السودان لعلاقاته الدبلوماسية مع إيران وإعلان دعمه للسعودية قرارا سليما وتوجها صحيحا، وقال السر في تعميم صحفي من مقر إقامته في لندن إن قرار الحكومة السودانية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران تضامنا مع المملكة العربية السعودية في مواجهة المخططات الإيرانية العدوانية قرارا سليما وتوجها موفقا يجد الدعم والترحيب من القوى السياسية السودانية التي طالما اشتكت لعقود طويلة من ارتباط السودان مع إيران بالأجندة الأيدولوجية الضيقة لجماعة الإسلام السياسي. وقال السر إن السودان دفع ثمن وقوف الحكومة السودانية في الحلف الإيراني باهظا، من العقوبات الدولية والحصار الاقتصادي والوضع في قوائم الإرهاب والعزلة الدولية. وأضاف: إن هذا القرار الجرىء من شأنه أن يؤيد موقف السودان إلى جانب أشقائه وجيرانه في محيطه العربي ويخرج بالبلاد من الحلف الأيدولوجي الذي اضر بها كثيرا. كما أنه خطوة مهمة لتصحيح مفاهيم المجتمع الدولي وتصنيفه للسودان في محور دول الشر والإرهاب. واعتبر السر دعم وتعزيز العلاقات مع السعودية والإمارات ومصر من المصالح الإستراتيجية للسودان، مشيدا بوضعها في مقدمة أولويات السياسة الخارجية السودانية وبالذات في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها أمتنا العربية. وبدأت العلاقات بين طهرانوالخرطوم جيدة منذ أن نال السودان استقلاله ولكنها ساءت ووصلت المستوى (الصفري).. إثر تأييد حكومة نميري لصدام حسين في حربه على إيران. وبعد انتفاضة أبريل والإطاحة بنميري، عادت العلاقات الدبلوماسية إلى التحسن بين البلدين، خاصة بعد زيارة الصادق المهدي لطهران، وزادت العلاقات تطورا بعد مجيء الإنقاذ، وتم تبادل الكثير من الزيارات بين البلدين على أعلى المستويات . مؤخرا تصاعدت النبرة المذهبية والسياسية والفكرية الداعية التنبيه من خطورة (التشيع) الذي انتشر بالسودان، وتعالت الأصوات التي تدعو الحكومة لأخذ حذرها من - المركز الثقافي الإيراني- الذي يقبع في شارع الستين، ونهجه في استمالة بعض الشباب.. وفي أثناء ذلك لاحظ زوار معرض الخرطوم الدولي للكتاب، وفي الجناح الخاص بإيران، وجود كتب تتعرض لصحابة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وتؤكد على فرية تحريف القرآن الكريم، مما أثار جمهور الزوار وهددوا – حينها - بحرق المعرض ما لم ترفع هذه الكتب ويغلق جناح المعرض ويفتح تحقيق في كيفية السماح لها بدخول السودان والاشتراك في المعرض رغم أن هذا ضد اللوائح المنظمة لعمله.. حينها سارعت الحكومة وطلبت من الإيرانيين الاستجابة لهذه المطالب، فرفعت الكتب، قبل أن تصدر قرارا بإغلاق الجناح خوفا من التداعيات المذهبية لهذا الأمر. الانقلاب الذي شهدته العلاقات بين الخرطوموطهران وصول ذروته بعدما جلس الملك سلمان بن عبدالعزيز على كرسي إدارة المملكة العربية السعودية. وهذا التغيير في مواقف الخرطوم لم ينحصر في معاداة إيران، بل مضى إلى مشاركة القوات السودانية ضمن قوات عاصفة الحزم في اليمن، ضد الحوثيين المدعومين من إيران.. وارسلت الخرطوم لواءً كاملا إلى عدن للمشاركة في التحالف الخليجي والعربي، وهو الأمر الذي اسهم في انتعاش المواقف الاقتصادية بين الرياضوالخرطوم، فقد تكفلت السعودية بتمويل ثلاثة سدود وزرع مليون فدان بشرق السودان. عموما وفي حال نجاح مساعي موسكو في التقريب بين الرياضوطهران فإن مراقبون يرون أن الخرطوم تملك رصيدا وافرا من علاقاتها السابقة من إيران، وهذا يمكن أن يكون سببا لإنصلاح العلاقة إذا عادت إيران انتهاج الحوار كوسيلة في العلاقات مع الدول، وإذا نأت عن التدخل في شؤون الدول الأخرى، وإذا قامت بواجبها في حماية البعثات الدبلوماسية. فموقف الخرطوم بطرد السفير الإيراني جاء متماشيا مع موقفها الإقليمي وتحالفاتها الإقليمية.