التجربة القطرية في محاربة الفساد، قام بعرضها الاثنين الماضي علي بن فطيس المرى النائب العام بدولة قطر، خلال المنتدى الذي أقامته جامعة النيلين والمركز القطري لحكم القانون ومكافحة الفساد، مبتدراً بالتأكيد على جدية السودان في محاربة الظاهرة بإنشاء مفوضية للمكافحة، والسعي لفصل منصب النائب العام. ولم ينس المسؤول القطري أن يذكرنا بماضينا الناضر والزاهي في النزاهة والترفع وبحاضرنا الذي يبشر بالخير في سلوك المواطن السوداني بقوله إن قادة السودان الأوائل جلبوا للأمتين السودانية والعربية الفخر والعزة، وأشار ألمري إلى أن السودانيين ضربوا المثل في هذه الجوانب السامية، ولا يزالون يدفعون ثمن الكرامة عندما رفضوا بيع حريتهم. * المسؤول القطري الذي زار السودان بدعوة من وزير العدل عوض حسن النور أكد في حديثه أن الفساد أصبح آفة العصر وبداية النهاية للأمم، مؤكداً أن الأمم لن تنهض إلا إذا كانت هناك إرادة حقيقية للإصلاح باستئصال الفساد من جذوره يتطلب ضرب المفسدين بكل قوة ولابد من ضحايا". منوهاً بجدية السودان في محاربة الظاهرة بما أعلنه الرئيس البشير من عزمه إنشاء مفوضية لمكافحة الفساد، والسعي إلى فصل منصب النائب العام من خلال الجهود التي يبذلها وزير العدل، مما يؤكد السعي للإصلاح لمحاربة الفساد، مبيناً أن بناء السودان مسؤولية كل العرب باعتباره قلب الأمة العربية والمدافع عن عروبتها. التجربة القطرية كغيرها من تجارب الدول التي أفلحت في تقليل نسبة الفساد العام في دواوين الدولة وفي المرافق العامة، اعتمدت على أركان أساسية هي تفعيل القانون الحاسم وإتباع وسيلة الردع بتسريع إجراءات المحاسبة والتقاضي وتطبيق ذلك بحسم كما قال النائب العام القطري، مؤكداً أن التطبيق الحاسم والسريع سينتج عنه محاسبة بعض الذين قد تكون دوافعهم مبنية على مفاهيم خاطئة ولم يرتكبوا الفساد بقصد ونية مبيتة، وهذه ضريبة لابد منها فهناك ضحايا كما قال. فهؤلاء ضحايا فهمهم الخاطئ وليسوا ضحايا للقانون.. ومن الأعمدة الأساسية لمكافحة الفساد التي اعتمدتها الدول التي سبقتنا في هذه التجربة تفعيل نظام التعامل بالوثائق بدلاً من النقد.. وذلك عبر الاستفادة من الحكومة الإلكترونية ونظام الشبكة الموحدة لكافة المرافق الحكومية، حيث يتم استخلاص الغرامات والجزاءات والمخالفات عبر (استمارة) يسلمها الشخص المسئول عن توقيع الجزاء أو الغرامة للشخص المرتكب للمخالفة، ولا يتم تداول أي مبالغ نقدية بشكل فوري، فمن يرتكب المخالفة يستلم صورة من استمارة المخالفة والصورة الثانية يتم تسجيلها في ملفه بالشبكة الإلكترونية القومية، والتي بموجبها يتم تقديم كافة الخدمات الرسمية التي يحتاجها المواطن سواء ترخيص سيارته أو تجديد رخصة القيادة أو استخراج شهادة التأمين أو استخراج أوراق ثبوتية أو تأشيرة خروج أو غيرها من الخدمات التي لا بد أن المواطن سيحتاج يوماً ما لواحدة منها، وعند حضوره للاستفادة من الخدمة سيجد كافة مخالفاته موجودة وخدمته مرتبطة بسداده لهذه المخالفات وذلك عبر حاسب بنكي وليس عبر تسليم مبالغ نقدية للموظف، حيث يقوم البرنامج الإلكتروني لوحده بإزالة المخالفات بمجرد توريد المبلغ في الحساب وتحديد الشخص المستفيد عبر الحساب المصرفي فقط. الرئيس البشير أخذ على عاتقه أمر محاربة الفساد وذلك عبر خطاب استلام منصبه في دورته الجديدة بعد الانتخابات الأخيرة، وأصدر مرسوماً بإنشاء مفوضية لمكافحة الفساد، لتقوم بدور استثنائي في تعجيل استئصال هذه الآفة، إلى جانب الأنظمة الرسمية المتبعة القوانين المعمول بها في هذا المجال.ولا شك أن اختياره الدكتور العوض الحسن النور وزيراً للعدل يأتي تأكيداً لهذا العزم فمولانا عوض من القضاة المعروفين بالنزاهة والذين شهد لهم الجميع بالجدية في تطبيق مبدأ دولة القانون.. نقلاً عن صحيفة الصيحة 2016/1/7م