ربما يبدو التعاون الخليجي الأميركي ضد التدخلات الإيرانية بالمنطقة مبهراً للمراقبين الذين يعولون كثيراً على هذا التعاون الذي بمقدوره — إن نجح — أن يوقف المد الإيراني المستفحل في عمق أرضنا الخليجية وفي اليمن، وربما تبدو تصريحات وزراء خارجية دول الخليج مبشرة بعد لقائهم الموسع مع جون كيري وزير خارجية الولاياتالمتحدة الأميركية الذي تعهد فيه كيري بدور مؤثر لبلاده في لجم أطماع طهران في منطقة الخليج، لكن وكما يعلم الجميع أن المغازلة التي خرجت للعلن بين واشنطنوطهران لا يمكن أن تمر مرور الكرام علينا كشعوب أيقنت أن أميركا لا يمكن أن تفوت عليها التواصل مع حكومة إيران مهما كانت مخالفات الأخيرة والتي تعترض عليها واشنطن عبر متحدث البيت الأبيض، وأن رفع العقوبات الأميركية عنها قد أعاد لها هيبتها في المنطقة كما عادت لها أموالها، لكننا في المقابل نسعى -كما هي عادتنا- إلى ضم الجانب الأميركي إلى جانبنا في الخلاف الخليجي الإيراني الذي جاء متأخراً وكنا نأمل أن يشتد وطأه إلى ما هو حاصل اليوم من قطيعة سعودية شاملة لطهران أعقبتها بعض الخطوات الخليجية والعربية والإسلامية المؤيدة لموقف الرياض من هذه الدولة التي تمادت في حقنا كخليجيين ولازالت تمارس غطرستها وحان الوقت لأن نقول كلمتنا التي يجب أن تسري عليها بما أنها جارة لنا للأسف، مجبرون في هذا لا نملك الخيار فيه وعلى واشنطن نفسها أن تقيس الأمور بمنظورها الذي يجب أن تعلنه رسمياً في أن علاقتها مع دول الخليج تبدو أشد سلاسة وقوة من أن تستمر بمغازلتها العلنية مع إيران التي راوغت سنوات في الهتافات الكاذبة في (الموت لإسرائيل والموت لأميركا) وها هي اليوم تحول المغازلة إلى زواج متعة نرجو معه ألا يرتقي للزواج الشرعي خصوصاً وأن أميركا قد فرضت عقوبات جزئية حديثة على طهران بعد إثبات إطلاق الأخيرة لصواريخ باليستية غير مشروعة، ولا ننكر أننا كشعوب خليجية قد هللت وفرحت بعد إعلان الرياض قطيعتها لإيران، ليس لأننا ندعو إلى ما هو أبعد من هذا ولكننا بحاجة لفرض شخصية خليجية متكاملة لا تستأذن أحداً قبل أن تمارس حقها الطبيعي في إظهار رد فعل على التعديات الإيرانية سواء التي جرت في طهران ومشهد على سفارة وقنصلية المملكة أو ما نعانيه من سياسة إيرانية في الخليج زاد من تعنتها وقوفنا صامتين دهراً من الزمن إزائها لننتفض بعدها في إعلان القطيعة السعودية التي أعادت لنا من هيبتنا التي كنا نرجوها من حكومات الخليج التي أغرقتنا في الإعلان عن اتفاقيات وعلاقات مع إيران تتناقض مع الذي يجب التعامل به سابقاً، والآن ومع هذا نرجو أن يخرج الاتفاق الخليجي الأميركي عن الدعاية الإعلامية إلى واقع ملموس يلجم الأطماع الإيرانية ويظهر حسن نية أميركا تجاه شراكتها مع الخليج التي لابد أن تغلبها مصالحها أولاً المتوافقة بشكل كلي مع مصالح دول الخليج مع واشنطن.. نتمنى فعلياً أن زمن الوقوف في وجه طهران قد حان ليس من دول الخليج فحسب، وإنما من كل العرب الذين يجب ان يوحدوا موقفهم بالوقوف خلف سياسة المملكة ضد طهران، وأن يقف أيضاً الوسطاء ممن يحاولون الآن تليين موقف الرياض وإعادة مياه العلاقات إلى مجاريها وهذا حقيقة ونقولها علناً أننا لا نريدها ليس لأننا شعوب غير مسالمة لكننا شعوب تعي الخطر الإيراني على ديننا ومعتقداتنا وأرضنا وأجيالنا وتساعدنا مواقف المملكة المشرفة اليوم على تحييد هذا الخطر وإحاطته لكف شره عنا.. ونقولها نعم لموقف السعودية وألف نعم لمن ارتضى به ورضي فيه! فاصلة اخيرة: خليجنا أغلى من علاقاتنا مع هذا الكيان الذي يرفض أن يعطيه مسمى الخليج العربي! المصدر: الشرق القطرية 26/1/2016م