أرسلت مصر شرطة مكافحة الشغب للتصدي لاحتجاجات شوارع خرجت بعد هزيمة المنتخب الوطني المصري لكرة القدم أمام نظيره الجزائري لكن التصريحات الرسمية المكثفة الموجهة ضد الجزائر تشير إلى أن القاهرة ربما ترحب بتحول بوصلة الاستياء إلى هدف أجنبي. وبعيدا عن احتواء الغضب العام بسبب مزاعم عن قيام جزائريين بأعمال شغب بعد مشاجرات يوم المباراة استدعت القاهرة السفير الجزائري واستدعت سفيرها. وتعهد الرئيس المصري حسني مبارك بحماية المواطنين المصريين في الخارج وقوبلت تصريحاته بتصفيق في البرلمان. وقام مصريون غاضبون من سلوك جزائريين بعد المباراة الحاسمة التي انتهت بفوز الجزائر بهدف واحد مقابل لا شيء لمصر بتحطيم واجهات محلات وقلبوا سيارات ورشقوا السفارة الجزائرية في القاهرة بالحجارة وهو مشهد من النادر حدوثه حيث عادة ما تهرع قوات الامن المصرية لقمع أي مظهر للغضب الشعبي. وأشار حسام الحملاوي وهو مدون كثيرا ما ينتقد الحكومة إلى الاحتجاجات التي خرجت بعد هزيمة المنتخب المصري يوم الاربعاء وتحطم آمال مصر في التأهل لكأس العالم وقال إن 'الحكومة تحرض وبطريقة جنونية جدا هذه المشاعر المعادية للجزائر'. وأضاف أن 'أسهل طريقة لصرف انتباه الناس في كل من مصر والجزائر هو اللعب على وتر الحس الوطني.. الجميع سيبدأ في نسيان البطالة والفوضى الاقتصادية التي يعيشونها'. وقال عدة محللين إن مصر قد تستفيد من هذا التحول في الانتباه. ومصر هي أكبر دولة عربية من حيث تعداد السكان ويعيش خمس سكانها وعددهم 77 مليون نسمة بأقل من دولار في اليوم. ويبدو أن مصر تتخلص ببطء من عبء الازمة المالية العالمية حيث من المتوقع ان يصل النمو الاقتصادي فيها إلى خمسة في المئة عام 2010. ولا يزال التضخم في مصر يسجل ارتفاعا متزايدا ويتجاوز في الوقت الحالي 13 في المئة وتزيد النسبة الرسمية للبطالة على تسعة في المئة. وأثنى مستثمرون على إصلاحات مالية انتقدها مصريون أفقر حالا قالوا إن حياتهم لم يطرأ عليها تحسن مادي كبير. وبالاضافة إلى ذلك تقترب مصر من انتخابات رئاسة عام 2011 وسط تنامي التكهنات حول الذي سيخلف مبارك البالغ من العمر 81 عاما والذي لم يبد إشارات على أنه سيتنحى عند انتهاء فترة رئاسته الحالية. ويعتبر كثيرون أن جمال نجل الرئيس المصري هو الخليفة المرجح لوالده. وقالت هالة مصطفى وهي محللة مصرية إن الشعب والنظام لديهما الان هدف واحد يصبان عليه جام غضبهما وهذا أمر جيد بالطبع بالنسبة لأي حكومة. وأضافت أن الخلاف يجسد أيضا تنافسا في الجغرافيا السياسية بين مصر والجزائر. وتناقلت القنوات الرسمية المصرية بكثافة لقطات لجمال مبارك وهو يشجع الفريق المصري في استاد القاهرة بعد فوز مصر على الجزائر بهدفين مقابل لا شيء في مباراة أقيمت يوم 14 تشرين الثاني/نوفمبر وأحيت فرص مصر في التأهل لكأس العالم. وبعد أربعة أيام وعندما خسرت مصر أمام الجزائر في المباراة الفاصلة التي أقيمت بالسودان يوم 18 تشرين الثاني/نوفمبر ضم جمال صوته إلى أصوات منتقدي سلوك مشجعي الجزائر بعد المباراة. ونقلت صحيفة 'ديلي نيوز' المصرية عن جمال قوله للتلفزيون المصري إن من اعتقد أن مثل هذا الحدث سيمر مرور الكرام أخطأ خطأ كبيرا وإن مصر دولة كبيرة لا يجب أن يستهان بها. وكانت مصر قد عبرت عن غضبها حتى قبل المباراة الحاسمة في السودان بعدما حطم مشجعون جزائريون مقر شركة أوراسكوم تيليكوم المصرية للتليفونات المحمولة في الجزائر. وغضبت مصر أيضا عندما طالبت الجزائر الشركة في الاسبوع نفسه بفاتورة ضرائب عالقة بقيمة 597 مليون دولار في خطوة قال محللون إنها تجسد مناخا استثماريا وطنيا بشكل متزايد في الجزائر. وقالت مؤسسة يوروآسيا جروب البحثية 'الشقاق بين الجزائر ومصر بعد مباراتي التأهل لكأس العالم ليس هو السبب في مشاكل أوراسكوم تيليكوم لكن العلاقات الفاسدة بين الجزائروالقاهرة هي التي تمنع التوصل لحل على المدى القريب'. وكانت الجزائر قد قالت إن مشجعين مصريين رشقوا حافلة المنتخب الجزائري في القاهرة قبل المباراة الاولى بالحجارة فأصابوا لاعبين مما دفع الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لفتح تحقيق في الامر. وأصيب بعض المشجعين أيضا في مشاجرات. وردا على التحركات الدبلوماسية المصرية استدعت الجزائر السفير المصري فيها يوم الجمعة لرفض اتهامات بأن الحكومة الجزائرية لم توفر الحماية للمصريين في الجزائر من عنف المشجعين الجزائريين. واستدعى السودان أيضا السفير المصري فيه للاحتجاج. لكن بوادر هدوء بدأت تلوح في الافق. وقالت وسائل إعلام مصرية إن مصر تعتزم تقديم تقرير للفيفا للشكوى من العنف ضد مشجعيها في السودان. وقال بعض المصريين العاملين في الجزائر إنهم تعرضوا لمضايقات كما كان هناك إنذار كاذب بوجود قنبلة على متن رحلة جوية جزائرية لدى وصولها للقاهرة. ونقلت وكالة أنباء الشرق الاوسط المصرية عن حسام زكي المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية قوله للتلفزيون الرسمي إن عودة السفير المصري للجزائر لن تحدث إلا بزوال أسباب الاستدعاء. وأضاف 'استدعاء السفير للتشاور مسألة مفتوحة المدة وقد تستمر عدة أيام أو تطول إلى عدة أسابيع أو أشهر وانتهاء الاستدعاء ينتهي بزوال أسبابه'. المصدر: القدس العربي 25/11/200