مطلع العام المقبل له طعم خاص جداً في السودان الشقيق حيث تقع فاصلة الحدث التاريخي الأهم فمصير الجنوب يترقب الاستفتاء الذي توافق عليه شريكا الحكم حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية. وبعد حرب أهلية طالت وأنهكت مختلف القوى واستنزفت ما لا يمكن حصره من جهد سياسي وحراك داخلي وخارجي تناوبت عليه حكومات وزعامات متعددة التوجهات والانتماءات. وتداخلت خلاله ومازالت التحركات الدولية ذات الأجندات الخاصة مع التفاعل الحزبي والشعبي الذي يضم الطيف السوداني، وكل انكفأ على ما يراه صوابا صاما سمعه في كثير من الأحيان عن وقائع تتحقق على الأرض وتفرض معطياتها التي لا يمكن تجاهلها طويلا. الآن وجد الجميع أنفسهم أمام حقيقة لا مناص منها وبابها التوافق على إعطاء الجنوبيين حق تقرير المصير، تاركين النتائج في علم الغيب مع كثير لغط حول المستقبل الذي ينتظر أكثر من طرف إذا ما كان القرار هو تغليب الانفصال على الاستمرار ضمن سودان واحد وما يترتب على ذلك من إفراز لا يطال فقط الجانب السياسي والاقتصادي بل إن له الكثير من التداعيات الميدانية على عموم المنطقة بشكل عام. لذا لا غرابة من هذا التداعي المحموم الذي نسمعه ونراه في أكثر من عاصمة من اجل استيعاب المتغيرات المتوقعة ومحاولة الضخ في اتجاه صبغ المرحلة المقبلة بما يخفف من سلبيات النتائج كل حسب مصالحه التي قد تقع في نطاق الاستراتيجيات لدى البعض. في حين هي عند الآخرين تكتيكات مرحلية لتحقيق مصالح وأطماع لها جذور ممتدة تم تغذيتها منذ عقود بما يلزم من وقود لضمان استمرار الحرب والوصول إلى استحقاق الانفصال. القاهرة أعلنت أنها تبذل جهودا من أجل تغليب الوحدة على الانفصال من خلال خلق توافق دولي على ذلك وبالذات مع واشنطن بحثاً عن صوت عقلاني يغلب وحدة السودان واستقرار المنطقة، وفي الجانب الآخر فان الإدارة الأميركية وضعت نصب عينيها من خلال تحركها السياسي والدبلوماسي المكثف ضمان الحصول على التأكيدات المغلظة من جميع الأطراف بالمضي قدما وبلا تردد لإنجاز عملية التصويت. وفي المحصلة لا تريث ولا مساحة زمنية لاستجلاء المستقبل ولا غلبة إلا لأوان الاستفتاء وكان الله في عون السودان وأهله. المصدر: البيان 15/9/2010