استكمالاً لما طرحته يوم أمس حول ضرورة امتلاك الإعلام بدلاً من استعطافه والجري خلفه، أطرح اليوم بعض الخطوط العريضة التي تمثل مجموعة من المنافع والإيجابيات التي تستطيع الدولة أن تحققها لو هي سعت بالفعل إلى إطلاق قناة فضائية إخبارية سياسية متخصصة يتجاوز مداها منطقة الخليج، بحيث تغطي جميع الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدةالأمريكية. امتلاك الإعلام الدولي سوف لن يؤدي فقط إلى الإسهام في تحسين صورة مملكة البحرين وإيصال صوتها بسهولة، ولن يقتصر على منافسة القنوات الإخبارية الأخرى في تفنيد الادعاءات ودحر المتطاولين، وإنما سيعود ذلك بالنفع أيضاً اقتصادياٌّ لأن الإعلام الناجح يعني اقتصاداً ناجحاً للبلاد، وترويجاً صحيحاً لما تقدمه من فرص استثمار. مجلس التنمية الاقتصادية يقوم الآن بجولة في فرنسا يروج فيها لفرص الاستثمار في مملكة البحرين. لست أعلم كم ستكون تكلفة هذه الزيارات وكم ستبلغ نفقات الحملة الترويجية هذه. لكن يكفي أن نعلم أن مجرد تقرير إعلامي من نصف ساعة يتم عرضه باللغتين العربية والإنجليزية على شاشة قناة إخبارية بعيدة المدى حول فرص الاستثمار في مملكة البحرين سوف تكون نتائجه أفضل من نتائج عشرات الزيارات ومثلها من الحملات الترويجية. ممارسة الإعلام الدولي بصورته الصحيحة سوف يجلب رؤوس الأموال إلى البحرين، وسيجعل المستثمرين يهرولون إلينا لعقد المباحثات والاتفاقات من دون الحاجة إلى كم كبير من الزيارات والحملات الترويجية التي تعتمد على الجهود الشخصية. سياسياٌّ، يعتبر امتلاك قناة فضائية إخبارية عاملاً من عوامل تحسين العلاقات والحفاظ عليها إقليمياٌّ ودولياٌّ. الإعلام سلاح فتاك قد يتجاوز تأثيره تأثير المدافع والصواريخ. وهناك دول تخشى من أن يتم المساس بها إعلامياٌّ، أو الحديث عنها في وكالات الأنباء بما لا يسرها (البحرين من بين هذه الدول) ولذلك فإنها تتجنب أي احتكاك سياسي مع الدول التي تمتلك الإعلام المؤثر. ليس لأنها تخاف من صواريخها وترسانتها العسكرية وإنما لأنها لا تريد الدخول في دوامة الحرب الإعلامية التي يصل مداها بعيداً، والتي دائماً ما يكون الخاسر فيها هو الطرف الأضعف إعلامياٌّ. بإمكان البحرين أن تلجأ إلى هذه الوسيلة الناجعة التي تتمكن من خلالها من فضح المحرضين والمخربين، وتخصيص البرامج تلو البرامج التي توجه إليهم من خلالها ضربات إعلامية تنهكهم وتكشفهم. بإمكان الدولة أن توفر على نفسها عناء استجداء مقابلة تلفزيونية في بريطانيا أو مقال في صحيفة أمريكية، عبر امتلاك الإعلام وتوجيه الرسائل إلى من يعنيهم الأمر من خلاله. فقط امتلكوا الإعلام وسترون كيف ستتعاون معكم الدول والمؤسسات والشخصيات وحتى القنوات الفضائية والشبكات الإعلامية الأخرى التي ستلبي رغباتكم بحسب ما تريدونه..! المصدر: أخبار الخليج البحرينية 29/9/2010