بالطبع تقتضي مبادئ الممارسة الديمقراطية الحقة أن يمثل الإعلام داعماً لهذه الممارسة بالكشف عن مواضع الخلل و السالب و الموجب ، وهى قضية لا يختلف عليها إثنان ، ولكن بالمقابل فان هذه الممارسة لها حدود و ضوابط، بل قواعد مرعية متي ما تم الحياد عنها أصبحت الممارسة عبء على الساحة السياسية كلها. و قد تعرضت فى الأيام الفائتة مفوضية الاستفتاء الخاصة بجنوب السودان و التى يترأسها قانوني ضليع معروف هو السيد محمد إبراهيم خليل الى انتقادات حادة و أشيع عنها اختلالاً داخلياً فى بنيانها الإداري و أوشكت ان تصبح مادة دسمة للصحف ، بما قد يشكك فى مصداقيتها و طريقة عملها. حيث قيل ان هناك خلافات بداخلها ونشرت الصحف تصريحات لمسئول الإعلام الذي استقال أو اُقيل جمال محمد إبراهيم ، قال فيها ان هناك خلافات داخل المفوضية، ثم أشيع عنها ايضاً أنَّ رئيسها خليل قام بتعيين إبنته مديراً تنفيذياً للمفوضية بما يشير الى وجود محسوبية. لم يكن من الصعب التوصل الى حقيقة ما يجري داخل المفوضية لوضع حح لهذه الانتقادات التى ان تُركت لتتصاعد على هذا النحو فمن المؤكد أنها قد تقود الى التشكيك فيها و من ثم تصبح الإجراءات التى أوكلت إليها –وهى إجراءات هامة و حساسة – مثار جدل و تنازع ليس من مصلحة أحد ان تصبح كذلك. ولهذا فان أعضاء المفوضية سارعوا بعقد لقاء أعلامي مفتوح أكدوا فيه عدم صحة ما قيل و صرَّح الفريق طارق عثمان عضو المفوضية ان المفوضية قامت بعقد اجتماع هام للغاية حضره كل أعضائها و نوقشت فيه ما يثار حولها فى وسائل الإعلام و قال طارق انهم يحترمون أجهزة الإعلام و دورها الرقابي ولكن فى الوقت نفسه لا تعاني المفوضية من أى خلل إداري او خلافات بداخلها- و أضاف طارق المشكلة الوحيدة التى تجابه المفوضية هى ضيق القيد الزمني . وفى شأن ما أُثير حول تعيين رئيس المفوضية لابنته مديرا تنفيذياً ، قال السيد طارق ان المذكورة تقدمت بطلب للتعيين و ان الموافقة تمت من جميع الأعضاء واضعين فى الاعتبار كفاءتها المهنية سيرتها الذاتية الجيدة ، وأشار طارق الى ان رئيس المفوضية لم يكن طرفاً على الإطلاق فى التعيين و أن العمل الذى تقوم به، تقوم به تطوعاً . وهكذا يمكن القول ان المفوضية بهذا الموقف والإيضاح الشافي قطعت الطريق تماماً على ما أثير حولها ، فالأمور واضحة وأعضاء المفوضية مشهود لهم بالكفاءة و النزاهة المهنية و من الصعب على احد ان يتشكك فى أى من عضويتها لأن التعيين تم بأسس و معايير موضوعية قاسية و وافق عليه طرفي المعادلة الوطني و الحركة، ومن المؤكد ان هؤلاء الأعضاء لو كان من بينهم من هو غير كفء أو غير نزيه لما نالوا رضاء الطرفين ، وهو أمر ينبغي ان يجد احترماً من الجميع كونهم يقومون بمهمة تاريخية صعبة أقل ما يحتاجون له هو إيلائهم الثقة الكافية.