الأمن والسلام من متطلبات استقرار أي دولة في العالم وبوابة لاستدامة التنمية الاجتماعية والاقتصادية وحدوث أي خلل فيها يؤثر مباشرة علي حياة الناس ..والسودان شهد الكثير من الحروب الداخلية والنزاعات المسلحة وتدفقالسلاح إلي أراضية وأصبح يشكل خطورة علي الأمن والسلام رغم توقيع العديد من الاتفاقيات والبروتوكولات الأمنية ووضع ترتيبات لجمع السلاح بواسطة المفوضية وأعداد برامج توعية للحد من انتشار السلاح بكل أنواعه بين الإفراد والجماعات حتى يكون المجتمع امن وسالم وعامل للتنمية والرفاهية . في أطار مشروع الخرطوم خالية من السلاح والعنف وهو مشروع يهدف لجمع كل الأسلحة الصغيرة والخفيفة من الإفراد والجماعات حتى لا تشكل خطر علي الأمن الإنساني والبلاد تشهد حالة احتقان سياسي واجتماعي في ظروف استثنائية والخرطوم تمثل العاصمة السياسية والاقتصادية وانفجار العنف فيها يشكل خطرا رئيسيا علي امن البلاد كلها لذلك كان هذا المشروع برعاية ولاية الخرطوم وأشراف الوالي الدكتور عبد الرحمن الخضر وعقدت له العديد من الورش العلمية للتنبيه بخطورة انتشار السلاح غير المشروع وضرورة وضع القوانين المنظمة لامتلاك هذه الأسلحة ومحاربة عشوائية امتلاكها للأفراد والجماعات المختلفة .. هنالك العديد من المنظمات عملت من اجل أعداد أوراق علمية عن خطر انتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة علي امن الإنسان منها منظمة مبادرة الأمن الإنساني "ما من "والتي قدم مديرها التنفيذي الأستاذ عثمان حسن عربي ورقة علمية عن هذا الخراكد فيها علي أن انتشار الأسلحة غير المشروع وإساءة استخدامه من جانب الإفراد أو الجماعات المسلحة أو بعض القوات الحكومية المتفلتة يؤدي إلي تكلفة بشرية هائلة من إزهاق الأرواح وتدمير لسبل الرزق وأضرار مباشر ببرامج التنمية .الأسلحة مهدد رئيسي للأمن الإنساني لقد تمت معالجة قضية انتشار الأسلحة الخفيفة والصغيرة ضمن أطار الأمن الإنساني أمرا جوهريا لان هذا المنهج يضع الاهتمام بالإنسان في المقام الأول ويركز علي معاناة البشرية من فقدان الأرواح ولتثبت العجز وفقدان سبل العيش .. ولان الأسلحة لها جانبين الأول قد يكون مشروع مثل الحماية والتامين والثاني غير مشروع لأسباب مختلفة لذلك تؤثر الأسلحة بشكل مباشر في الأمن الاجتماعي الإنساني لأنها أداة فاعلة في تفاقم الجريمة وفي توسيع النزاعات وتصعب حلها وأكثر من ذلك فان الأسلحة تلعب دورا رئيسيا في تعطيل التنمية ..! تجارة وصناعة الأسلحة تشير كل التقارير عن تجارة وصناعة الأسلحة من العام 1998حتي 2001ان بالولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا كسبوا من مبيعات الأسلحة إلي الدول النامية ما يفوق ما قدموه لها من مساعدات .. وصناعة الأسلحة تختلف عن أي صناعة أخري ففي العديد من الدول تعمل دون رقابة تقريبا ولكن يشوبها الفساد والرشوة علي نطاق واسع ولعها عالم كبير يجني أموال هائلة ويسبب الدمار للآخرين بهذه التجارة !والتقارير تشير إلي أن دول العالم الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي –والولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين تستأثر بنسبة 88%من صادرات الأسلحة التقليدية المعلنة ! الجهود الوطنية للحد من انتشار الأسلحة بدأت هذه الجهود واضحة بعد توقيع العديد من اتفاقيات السلام خاصة بعد 2005اتفاقية السلام الشامل التي وضعت حدا لحرب الجنوب ومن تم جاءت بالترتيبات الأمنية وعملية نزع السلاح وجمعه واتفاقية ابوجا والشرق سارت علي ذات النهج ولكن بدخول بعض الحركات المسلحة بعد عدد من الاتفاقيات بأسلحتها وتسريبها وتهريبها ..باتت العاصمة القومية وبعض الولايات الحدودية مناطق لانتشار الأسلحة الخفيفة شكلت خطورة أمنية دائمة وظهرت في شكل تفلتات هنا وهناك مما جعل تكثيف الجهود الحكومية الوطنية في محاولات جادة لجمع السلاح في كل مناطق التوتر خاصة وان البلاد بدأت خطواتها الجادة نحو التنمية والاستقرار والاستفادة من مرحلة السلام في النماء والتطور الاجتماعي والاقتصادي رغم أن عملية امتلاك السلاح عند بعض القبائل والجماعات يعتبر عزة ومكانة اجتماعية تسيطر علي بعض العقول كثقافة وتشكل معضلة معقدة تحمل عدة أوجه منها السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي وتحتاج إلي حملات توعية كبيرة وقوانين حازمة تعظم عملية امتلاك الأسلحة الخفيفة والصغيرة دون عشوائية تهدد الأمن والسلام !وبالمقابل تقدم العون إلي ضحايا العنف المسلح وتوفر مصادر بديلة لكسب الرزق لأولئك الذين يعتمدون علي العنف لكسب قوتهم ومعيشتهم فبالتنمية يمكن القضاء علي ثقافة العنف وتكثيف برامج التوعية بمخاطر امتلاك الأسلحة ! ولا يتم ذلك ألا بتحديد الحاجات والمتطلبات والتعاون العالمي والمحلي والإقليمي ومراجعة التشريعات الوطنية فيما يخص حيازة واستخدام الأسلحة الخفيفة والصغيرة والتدريب وبناء القدرات للمجتمعات النازحة والفقيرة ..ومن الحلول الناجحة لحل مشكلة انتشار الأسلحة الخفيفة والصغيرة هو معرفة كل الأسباب المتعلقة بحمل هذه الأسلحة وتوفير بيئة اقتصادية تقضي علي الحاجة لاستعمال السلاح بمختلف أنواعه ..دور الأعلام في التوعية يلعب الأعلام في عالمنا اليوم دورا هاما في أحداث التغيير والتطور النمو لأي مجتمع يعاني من مشكلات اجتماعية وثقافية وسياسية بتكثيف جرعات التوعية حول القضايا التي تعوق تنمية أي مجتمع من تهديد للأمن والسلم وفقر ومرض وجهل ..الأعلام بوسائطه المتعددة والمخططة يمكن أن ينجح في أقناع الرأي العام وتغيير المفاهيم السائدة عن ثقافة العنف وامتلاك الأسلحة الخفيفة والصغيرة والتبصير بخطورتها وأعاقتها لحركة بناء المجتمعات والقدرات الإنسانية الأصل في عملي عملية التنمية الاقتصادية وباستخدام الرسائل التوعوية عبر الوسائل المقروءة والمسموعة والمرئية لشحذ الذاكرة المجتمعية حول الآثار السالبة للأسلحة ونشر ثقافة نبذ العنف ونشر ثقافة التعايش السلمي والبناء والتنمية ..وهنا يكون الدور الريادي والقيادي للأعلام في الخروج بالبلاد من وهدة الحرب والوصول به إلي بر الأمان والسلام المجتمعي بالتبصير بالقانون واحترام دور المؤسسات الشرطية والأمنية والتعاون معها في حفظ الأمن وإشاعة ثقافة السلام وقبول الأخر ونشر فضيلة التسامح والعفو باستخدام كل الوسائل من حديثة وتقليدية وباللغة التي يفهمها المجتمع ..أذا لخطورة هذه الظاهرة المتنامية بحسب الظروف السياسية الراهنة وتداعيات المرحلة المقبلة علينا جميعا المساهمة في حملة منع انتشار الأسلحة الخفيفة والصغيرة ومحاربة كل الدول التي تنتج وتبيع وتسرب وتهرب هذه التجارة المدمرة للشعوب وبالقوانين الرادعة والخطط الوطنية القوية التي أذا استصحبتها الإرادة السياسية قضت علي هذه الظاهرة الخطيرة علي الأمن الإنساني المحلي والإقليمي والدولي ... نقلا عن صحيفة أخر لحظة بتاريخ :12/12/2010