هل انت بخير يا وطن.. اعلم اننى لن اجد اجابة قاطعة فالطريق طويل والعثرات كبيرة.. واصدقك القول اننى كنت اسمع انينك وأرى بام عينى اوجاعك ومثلى مثل غيرى ظلت ايادينا قاصرة عن التمدد لمسح اهاتك لانها اكبر واعمق.. ان انقسامك لشطرين سيظل العلامة الفارغة المحفورة على صفحات التاريخ الانسانى ستحفظه اجيالنا عن ظهر قلب وستسطره الاقلام وترسمه الالوان الداكنة وبرغم ذلك فان هذا الانشطار يجد الاحترام طالما كان حلما وتطلعا لاشقائنا ابناء وبنات الجنوب الحبيب ومهرا غاليا للسلام وترجمة امينة للمواثيق والاتفاقيات التى ابعدت شبح الحرب الكريهة التى الجمت قدراتك البشرية وفتت مواردك الاقتصادية... جسدك يا وطن نزف دماء كادت تخالط انهارك العظيمة مياه النيل والسوباط... فراديس الحياة وهبة الله الخالصة للارض.. الحروب ارهقت ومشرط حاد يشققك الان لدولتين لكن تظل انت الاكبر وهامتك هى الاعلى ان صلح السياسيين.. ان زيارة الرئيس عمر احمد البشير لمدينة جوبا قبيل الرمية الاولى لجولة الاستفتاء صبت الماء على نيران كادت السنتها فى الغابة والمدن لولا الزيارة التاريخية المسؤولة التى وضعت الامور فى نصابها وافرغت الشحنات السالبة وقالت انه لا ارادة تتحدى ارادة المواطن الجنوبى ليعتز بادميته ويشعر بانسانيته وبكامل حقوقه لبناء مستقبل دولته حتى ولو كان ذلك عكس ارادة الكثيرين او انتقص من عاطفتهم الجياشة بحسب الارتباط الازلى الذى كان منذ ان كنت وطنا واحدا. ان اطلقنا على خطاب القصر الجمهورى بالخرطوم بانه “ تبرا “ يحتاج يد الصانع ليصقله فان "عربى جوبا " يماثل الذهب بعينه لانه قطع الطريق امام خروقات الاستفتاء ونتائجه وقدم التطمينات لاهل الجنوب واطلق صفارة البداية لقيام دولتين جارتين بالتآخى والتعاون. الخطاب غير انه استدعى التاريخ والجغرافيا... اطر للوشائج بين جسمى الوطن حتى ولو اختار انسانه الانفصال ورفع كيمياء العلاقة الانسانية لاعلى درجاتها وشحن بحديث الجلابى ابن البلد ومهره بوعد القائد الرجل المسؤول. الزيارة كانت الضرورة والحديث كان حديث القائد المسؤول، وان جاء متأخرا لان كثيرا من المؤشرات قبل هذه الزيارة كانت تدفن للرماد الحارق تحت سطح ارض الوطن وبين جنباته ولالسنة النار لكى تشتعل فى الجسد فاطفاءها الرئيس بزيارته وبخطابه المفعم بالمصداقية وكلماته بحد الوعد القاطع بين المضى على عتبات لؤم الحرب وافرازاتها الكريهة وبين ترسيخ قيم المحبة والاستقرار. وزيارة البشير لجوبا تماثل فقط حجر الاساس لقيام دولتين انشطرتا من رحم واحد ولن يكون ذلك الانشطار بحد السيف وبرشاش البنادق لكن بتوافق لرمية للامام مستصحبا وشائج الاخوة والمصالح المشتركة وقراءة دقيقة لما يتربص السودان من قوى الشر الاقليمى والدولى التى لا تريد لهذه الشعوب الا الدونية والهمجية والنكوص عن الوعود. ويبقى “ الحديث حديثا “ ان لم ينزل بكل وهجه ورصانته وقوة لمعان كلماته لبرامج عمل مؤسس وخطاب الساعة يحتاج لاياد قوية تحرسه من الاختراقات وان كانت اتفاقية السلام اوقفت نزيف الحرب فان حديثكم ايها الرئيس للوطن بارك ارادة اهل الجنوب فهل تقبضوا على الجمر مرة اخرى ليقف الوطن الذى ناخ من كبوته شامخا وقويا بارادة ابنائه. سلامة الوطن المنقسم وعافيته يا فخامة الرئيس ورفاهية ابنائه تحتاج لماراثون جاد ومرهق لاستجلاب سلام لدارفور الجريحة هى الاخرى وبما يلبى رغبة ابناء الاقليم واستقرارهم وانطلاق اليات التعمير والتنمية..سلامة الوطن تحتاج فلترة لهياكل اجهزة الدولة ومسؤوليها وادواتها لتتوافق على التصالح مع المواطنين وطموحاتهم ولتبث روح الامان ولتحارب الفساد والرشاوى واستغلال السلطات والصرف البذخى ولخروج الوزراء والنافذين من محيط كراسيهم الوثيرة لساحة الغبار ليحركوا عجلة الانتاج ليحرثوا الارض ليصنعوا لقمة العيش لافواه الغبش ويغمسوها لهم "بالملح والملاح". سلامة الوطن تحتاج لاعادة صياغة الخطاب السياسى والاعلامى وللتراص فى مصفوفة العدل والمساواة.. تحتاج لاجلاس التلاميذ على كراسى الدرس والكبار على كراسى المسؤولية الاخلاقية والمهنية وليقف الوطن من كبوته بعد ان ناخ كالجمل يحتاج لمزيد من الفرسان الذين يحسنون القبض على الجمر فالفاعلون فى التاريخ هم من يكسرون الحجارة والصخور القاسية. همسة: وطنى هذا يومك الذهبي..ان عقد ابناؤك العزم لبناء دولتين متجاورتين صديقتين المصدر: الشرق القطرية 10/1/2011