أمس التاسع من يناير ،يوم نال نصيبه من تاريخ السودان ،وبات رمزا يحتفي به في جنوب البلاد ،البلد المؤيد للانفصال والداعي لتقرير مصير شعبه واستقلاله كما يحلو له ،شعب يرمي باللائمة للاحتلال البريطاني الذي سلم الجزءالجنوبي من السودان ليحكمه الشمال ،لينفرد به منذ خمسينات القرن الماضي وبات الجنوبيون ونواياهم تتجه عكس التيار الذي يسبح به القادة السياسيون الشماليون الذين يتمسكون بالوحدة الكاملة ،ويوم حزين للطرف الآخر شمال السودان الي ما زال أعلامه المرئي يدندن بطبول الوحدة ،برغم اقتناع القيادة بشمال السودان بأنها لم تنصب صيوانا للعزاء في حال انفصال الجنوب وإنما ستعمل جاهدة علي أن تكون علاقات البلدين علاقات تعاون منتجة . ألقت أحزاب المعارضة تداعيات الانفصال علي المؤتمر الوطني خلفية سيطرة الأخير علي مقاليد الأمور في الشمال علي مدي العقدين الآخرين في سياق دفع الحزب الاتحادي الديمقراطي الموحد بنعي وحدة البلاد حيث قام بغطاء منزل الراحل إسماعيل الأزهري بالعاصمة الوطنية ام درمان في ظاهرة فريدة من نوعها في أول أيام الاقتراع لاستفتاء مصير شعب جوب السودان . إقبال كثيف بالجنوب ولا يذكر بالشمال الشاهد أن إقبالا كبيرا تم منذ الدقائق الأولي لبدء فتح مراكز الاقتراع في الجنوب ،إضافة للاحتفالات التي صاحبت العملية ..بيد أن الولايات الشمالية خاصة العاصمة الخرطوم اكتنفها الإقبال الضحل من أبناء الجنوب المسجلين ..وتراوحت نسبة الاقتراع المقدرة العشرات في كل مركز ..ربما نتيجة للشعور الذي انتاب معظمهم بان النتيجة قد تحسم من جنوب السودان بواقع الأرقام ..لكن أيضا أن النسب الكبيرة التي سجلت بالمراكز الشمالية ومن بعدها غادرت الي مناطقها بالجنوب وفوجئ المئات من العائدين بحرمانهم من حق التصويت في الاستفتاء علي تقرير مصير الجنوب . ونقلت وسائل إعلامية عن بعض هؤلاء القول أنهم وصلوا الي الجنوب قبل أيام للمشاركة في هذه اللحظة التاريخية التي انتظروها طويلا وقد امضوا الليلة الماضية أمام مراكز الاقتراع ليكونوا في طليعة من يصوت علي استقلال الجنوب . وأضافوا((فوجئنا بأننا لا يمكن أن نصوت لان أسماءنا غير موجودة في كشوفات الناخبين لديهم لأننا في السجلات الموجودة بالشمال وكان علينا أن نبقي بالشمال )). ووصل جنوب السودان خلال الأسابيع الماضية نحو 120الف شخص حسب إحصائيات الأممالمتحدة ولا يزال نحو 80 إلفاً آخرين عالقين في الطريق . وحرص معظم العائدين علي الوصول قبل التصويت للمشاركة في هذه اللحظات التاريخية بالنسبة لهم فيما غادر بعضهم الشمال خوفا من أعمال انتقامية قد يشنها الشماليون في حال الانفصال . إحصاءات ووقائع المعروف أن عملية الاقتراع تستمر لمدة أسبوع ودعت مفوضية استفتاء الجنوب الجميع الي ممارسة حقهم "الدستوري ..العدد الإجمالي للمسجلين الذين يحق لهم التصويت من أبناء الجنوب يبلغ 916،3،930شخصا منهم 815،3،753سجلوا في ولايات جنوب السودان واقل من 120الفا في الشمال ونحو 60الفا في ثماني منة دول المهجر .وأضافت أن 52بالمائة من الناخبين المسجلين نساء ،وأشارت الي انه يلزم مشاركة 60بالمائة من الناخبين المسجلين في الاستفتاء كي يكون صحيحا .وأصدرت المفوضية لائحة لتنظيم عملية الإدلاء بالأصوات وفرزها وإعلان النتائج في الاستفتاء ،وتنص اللائحة علي مباشرة عد أصوات الناخبين في أي من مراكز الاقتراع فور إعلان إغلاق باب التصويت من جانب موظفي المفوضية القائمين علي العملية علي ان يكون ذلك في نفس المركز الذي اجري فيه الاقتراع وستعلن النتيجة داخل المركز ويتم بعد ذلك تجميع كل نتائج المقاطعات لتعلن كولاية ومن ثم ترفع النتائج الولائية لمفوضية استفتاء جنوب السودان التي تقدم بدورها الي رئاسة المفوضية في الخرطوم لإعلان النتائج النهائية .تجدر الإشارة الي انه يجوز الطعن في النتائج الأولية أمام المحكمة المختصة خلال أسبوع حسب قانون الاستفتاء .وفي نهاية هذه العملية تعلن مفوضية استفتاء جنوب السودان لنتيجة النهائية و الرسمية للاستفتاء في الخرطوم ،علما بأنه يجب إعلان النتيجة النهائية في فترة أقصاها 30يوما من تاريخ انتهاء الاقتراع ويجري الاستفتاء بموجب لتفاق السلام المبرم بين شمال السودان وجنوبه عام 2005بعد 21عاما من الحرب سلفا كير ...الكلمة الأخيرة وجه الفريق أول سلفا كير ميار ديت النائب الأول لرئيس حكومة جنوب السودان الأجهزة الأمنية بجنوب السودان بحماية الشماليين وأملاكهم في الجنوب وأكد في كلمة قصيرة ألقاها بمركز الدكتور جون قرنق للاستفتاء بمدينة جوبا قبيل إدلائه بصوته في استفتاء جنوب السودان صباح أمس عن لحظة تاريخية انتظرها شعب جنوب السودان طويلا ،مبينا أن الذين سقطوا خلال الحرب الطويلة يعتبرون شهداء وهم يعيشون بيننا داعيا المواطنين الذين تراصوا في صفوف طويلة منذ الصباح الباكر الي ضبط النفس والمساعدة في تهيئة الأجواء الأمنية السليمة لإكمال العملية بصورة مثلي كما وجه كذلك بحماية موظفي الاستفتاء والأجانب والصحافيين والإعلاميين . وشهدت جوبا منذ صباح اليوم الأول انطلاق عملية استفتاء جنوب السودان وسط حضور دولي كثيف يتقدمه الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر والسيناتور جون كيري مسؤول العلاقات الخارجية بالكونغرس الأمريكي والجنرال أسكوت قرايشن مبعوث الرئيس الأمريكي بالسودان ولفيف من المراقبين وممثلي الأجهزة الإعلامية المختلفة . دولة الجنوب في انتظار الوداع الأخير ينتظر شعب جنوب السودان الربع الأول من شهر فبراير ليعلن للعالم ميلاد دولة افريقية جديدة مستقلة ..بكل الوقائع .!! فهللا يرسم عليها سمة التعاون بين الدول المجاورة !!؟..أم تصبح دولة مزعجة !!؟. نقلا عنة صحيفة الوفاق بتاريخ :10/1/200م