المرحلة الدقيقة التي يمر بها السودان حاليا بعد استفتاء تقرير مصير الجنوب, تقتضي من كل السياسيين وشيوخ القبائل والقادة العسكريين التحلي بالمسئولية وضبط النفس أكثر من أي وقت مضي, حتي تمضي الأمور بسلام, فأي محاولة من أي طرف لإثارة الجماهير أو الالتفاف علي اتفاقات سابقة أو ادعاء الوطنية واتهام آخرين بأنهم ضيعوا جنوب البلاد, قد تكون لها نتائج كارثية في بلد عاني طويلا من الحروب والخلافات, والمشاعر ملتهبة ولا تحتمل المزيد من صب الزيت علي النار. أخطر ما في الأمر حاليا اتهام قيادات من قبيلة المسيرية العربية, جيش الحركة الشعبية لتحرير السودان الحاكمة للجنوب, بحشد قوات كبيرة شمال بحر العرب قرب أبيي وزرع الألغام حول مصادر المياه التي تقصدها ماشيتهم وأغنامهم, الأمر الذي يهدد بانهيار اتفاق الهدنة الذي تم توقيعه منذ أيام قليلة بين شيوخ المسيرية وزعماء قبيلة دينكا نوق الجنوبية تحت رعاية حاكم ولاية جنوب كردفان, فلو صح هذا الاتهام فقد يؤدي إلي انفجار الوضع في المنطقة التي سبق أن شهدت معارك دموية بين أبناء القبيلتين راح ضحيتها المئات, وتم إحراق08% من مبانيها في عام8002 وحده. يتطلب الحفاظ علي السلام الهش بين القبيلتين أن يلتزم الطرفان بدقة ببنود الاتفاق, وألا تحرك الحركة الشعبية قواتها في هذه الأثناء, وأن تبقي علي الطرق مفتوحة أمام دعاة المسيرية إلي المراعي في المنطقة ومصادر مياهها بلا قيود, لأن هذا أمر اعتادوا عليه منذ مئات السنين ولا يمكن حرمانهم منه الآن, وإلا هلكت مواشيهم, ونشبت معارك دموية بينهم وبين أبناء الدينكا نوق. كما أن عودة الخلاف والتوتر ستعوق التوصل إلي تسوية لأزمة استفتاء تقرير مصير أبيي التي عطلت إجراء الاستفتاء في موعده, وتهدد بنزاع طويل بين شمال السودان وجنوبه. المصدر: الاهرام 20/1/2011