شكرا لفلسطين، وشكرا لكل فلسطيني. فقد أعادوا لنا ثقتنا بأنفسنا، وأعادوا لنا ثقتنا بأمتنا. نعم، هذه أمة عظيمة. بل هي أعظم الأمم قاطبة. أليست هي خير أمة أخرجت للناس، بالنص القرآني؟ بعض أبناء هذه الأمة أصابهم الإحباط واليأس والقنوط مما جرى ويجري في فلسطين. أصابهم الإحباط من تقاعس القائمين على النصرة ، وقلة حيلة المتحرقين للنصرة. ولكن أطفال فلسطين، وشباب فلسطين، والآباء والأمهات في فلسطين، كانوا ولا يزالون هم المفخرة الحقيقية لهذه الأمة. الأمة التي لا تبيع كرامتها، ولا تستكين للعدو أبدا. الأمة التي تشتري الحياة الحقة بالموت في سبيل الله. الأمة التي لا تخشى الإبادة، ولا تخشى الدمار. لماذا؟ لأن الإبادة الحقيقية والدمار الحقيقي هو في الاستسلام للعدو والخضوع له ليكون سيدا لهذه الأمة. وذلك لن يكون أبدا. باطن الأرض خير من ظاهرها يوم نستسلم للعدو. ولا بأس أن يموت كل الفلسطينيين اليوم، بل كل العرب، بل كل المسلمين قبل أن يستسلموا للعدو. لماذا؟ لأن انتصار الحق السماوي المتمثل في انتصار مبادئ الإسلام خير من بقاء النفوس المعاصرة للمعركة حية لتأكل وتشرب عدة سنوات ثم تموت على كل حال. ألم يحرق الجبابرة من قبل كل المؤمنين المتمثلين في أصحاب الأخدود؟ لم يتركوا مؤمنا واحدا. لم يتركوا رضيعا واحدا. لم يتركوا شيخا ولا عجوزا. وجلسوا يتفرجون ويتندرون على المؤمنين وهم يحترقون في النيران المتأججة، تماما كما يفعل أصحاب السي إن إن (CNN) هذه الأيام. فماذا كان حكم الله تعالى في هذه القضية؟ هل قال لهم: لم ألقيتم بأنفسكم إلى التهلكة؟ هل قال لهم: أقبلوا بالهزيمة والكفر مؤقتا ريثما تقوى شوكتكم ثم تعلنوا إيمانكم من جديد؟ لا! لم يقل ما يشير إلى ذلك. بل مدح الذين قبلوا أن يلقوا في النار ولا تتلفظ ألسنتهم بكلمة واحدة تدل على الكفر. قبلوا أن يموتوا وهم مسلمون مرفوعو الرؤوس ، لا أن يعيشوا عبيدا للكفار. [قتل أصحاب الأخدود. النار ذات الوقود. إذ هم عليها قعود. وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود. وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد.] إن العزة الحقيقية هي أن تعيش مسلما مرفوع الرأس، أو تموت في سبيل الله، لا أن تأكل وتشرب من فتات موائد أعدائك. ولن تستسلم هذه الأمة لليأس أبدا. لن تستسلم هذه الأمة للذل أبدا. بقلم الدكتور حسن أبوعائشة