سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    وزارة الخارجية القطرية: نعرب عن قلقنا البالغ من زيادة التصعيد في محيط مدينة الفاشر    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    ياسر عبدالرحمن العطا: يجب مواجهة طموحات دول الشر والمرتزقة العرب في الشتات – شاهد الفيديو    حقائق كاشفة عن السلوك الإيراني!    المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية    البيان الختامي لملتقى البركل لتحالف حماية دارفور    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    تجارة المعاداة للسامية    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع رئيس حزب الوسط السوداني

رغم كر الأزمان على الإسلاميين في السودان وتقلبهم في جو بلادهم السياسي، فإن القطيعة مع العمل السياسي ظلت هي الملمح المميز للعديد من المجموعات السلفية في السودان سواء على مستوى التنظير أو الممارسة.
حتى المشاركات السلفية التاريخية المحدودة في العملية السياسية لم تتطور وتصل لمرحلة من النضج أسوة ببقية المجموعات الإسلامية الأخرى، وكان الغالب في كسبها السياسي أنه انحصر في المشاركة السياسية مع الآخرين وحول قضايا محددة.
ولم تبدأ النظرة السلفية تجاه العمل السياسي في التغير إلا في الفترة الأخيرة عندما شاركت جماعة أنصار السنة المحمدية بمنسوبين لها في حكومة الوحدة الوطنية التي كونها حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، وحتى هذه المشاركة المحدودة في العمل السياسي لم تسلم من آثار القطيعة، حيث ساهمت بصورة ما في شق صف الجماعة إلى مجموعتين لم تفلح جهود الإسلاميين إلى الآن في جمعهما. في هذا الجو، برزت في السودان تجربة سلفية جديدة رأى أصحابها أنهم المعنيون بطي الصفحة السلفية القديمة بأخرى جديدة تستلهم ما جاد به التاريخ من تجارب سلفية محدودة في العمل السياسي وتستعين كذلك بما وصل إليه الحاضر من أفكار تستحق التطبيق، وبهذا تكوّن حزب الوسط الإسلامي الذي يرأسه القيادي السابق بجماعة أنصار السنة المحمدية د.يوسف الكودة.
والكودة بأفكاره ونشاطاته، شخصية سلفية مثيرة للجدل في الوسط الإسلامي والسلفي. والرجل يتسم بدرجة كبيرة من (الوفاقية) يشهد له بها الكثيرون، وقد لمسناها منه في هذا الحوار عندما دعانا للقائه في المركز العام لجماعة أنصار السنة بحي السجانة في الخرطوم، وهو المركز الذي تركه الرجل ليكوّن لوحده حزب الوسط الإسلامي بمركزه وداره الخاصة. طرح الكودة في الحوار أفكارا عن حزبه وعن السلفية يعتبرها الكثيرون جديدة على التيار السلفي، لكنه تمسك بها بشدة ورأى أنها صاحبة الجولة في الساحة، فمثلا يرى أن الاسم غير المسجل لحزبه السلفي إنما هو (حزب المرأة)، وأن المواطنة هي أصل الحقوق والواجبات بين المواطنين بغض النظر عن دين الفرد، ودعوته لتجديد الخطاب السلفي بما لا يفضي إلى الصدام مع المجتمع، وغيرها من الأفكار الجريئة التي حفل بها الحوار.
{rt}
غياب الأهلية السياسية
* يتهم التيار السلفي عموما بعدم تأهله للعمل السياسي من ناحية التنظير ومن الناحية التنظيمية، فما هو رأيك في هذا الاتهام؟
- أنا أتفق مع هذا الرأي تماما، هو كذلك إلا من رحم الله؛ وهذا يرجع لتربية السلفيين من أناس أول، رسموا حاجزا نفسيا ما بين إخوتنا السلفيين وما بين العمل السياسي، وقد سمعناها صراحة منهم أحيانا من على المنابر والكتابات الصحفية أو يصرحون بأن الدين ليس فيه سياسة؛ ويبدو أن ذلك يرجع إلى الممارسات الخاطئة للسياسة الشرعية أيضا من بعض الإسلاميين، جعلت هؤلاء بدلا من أن يقوّموا ويصحّحوا ويجددوا جعلتهم ينفرون ويبحثون عن مبررات وأدلة للهروب؛ بدعوى أن الدين ليس فيه سياسة، وبدعوى أن السياسة تشغل عن العمل الدعوي، وكل ذلك كان الغرض منه الهروب من السياسة وممارستها، ولذلك كانوا مقصرين في هذا الجانب بدرجة كبيرة.. وفاقد الشيء لا يعطيه، وأنا أتفق مع القائلين بأن هناك من جعل حاجزا نفسيا سميكا بين السلفيين وبين العمل السياسي، ولكن ذلك لا ينفي أبدا أن هناك شخصيات سلفية أبدت اهتماما واضحا بالسياسة وتعرفها جيدا.
* هل ينطبق على التيار السلفي في السودان نفس هذا التوصيف بالرغم من أنه كانت هناك مشاركات أولية في الشأن السياسي منذ خمسينيات وستينيات القرن الماضي؟
- المحير بالنسبة لي أن تجد من أمثال الشيخ الراحل محمد هاشم الهدية رجلا سياسيا من الدرجة الأولى، ويمارس السياسة بامتياز وهو خير من يمكن أن يكون قدوة في العمل السياسي، ولكن تجد أن هذا الفهم والإدراك والسلوك السياسي عند الشيخ الهدية لم ينعكس على مجموعته السلفية بالقدر المطلوب، وواقع الحال يقول إنهم كأنهم عقدوا صفقة أن يشتغل الشيخ الهدية بالسياسة بينما يبتعدون هم عنها، والشيخ الهدية كان أحرص منا في السياسة، وكان مدرسة في ذلك، وكنا نحن تلاميذ له.
* هل من الممكن إطلاق حكم عام على التيار السلفي بأنه اقترب بدرجة كبيرة من العلمانية بحسبانهم فصلوا عمليا الدين عن السياسة، وبحسبان العلمانية تسعى نظريا لفصل الدين عن الدولة؟
لا أعتقد ذلك، العلماني هو الذي يقصد العلمانية، السلفيون في السودان لم يفصلوا بين العمل الدعوي والسياسة إلا نتيجة لفهم خاطئ؛ إنهم يقولون إن السياسة الشرعية تختلف عن السياسة التي يمارسها أهل الدعوة الآن، تلك التي ترتبط بالديمقراطية والانتخاب ومثل هذه الأمور، التي لم تكن في عهده صلى الله عليه وسلم، فهم يفهمون خطأ؛ أن هذه الأمور ليست من الدين في شيء فيحكمون على هذا النوع من السياسة: أنه ليس من الدين سياسة.. الديمقراطية سياسة، الانتخابات سياسة، التوظيف والتعاون مع من لم يحكم بما أنزل الله، يعدون كل ذلك ليس من الدين. السلفيون لا يفصلون الدين من السياسة بالفهم الذي يدعو له العلمانيون، العلمانيون أصلا ليسوا متدينين حتى نقول إنهم فصلوا الدين عن السياسة.
* في فترة الديمقراطية الثالثة التي عاشها السودان من قبل وفي الانتخابات المؤهلة لها وجدنا أن فصيلا سلفيا مثل جماعة أنصار السنة المحمدية، توزعوا بين القبائل السياسية، مجموعات ساندت الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ومجموعات أخرى ساندت حزب الأمة وآخرون صوتوا للحزب الاتحادي الديمقراطي.. بوصفك أحد المراقبين اللصيقين بالتيار السلفي في السودان، كيف نتفهم هذا التنوع في السياسة والاتفاق في أصول الفكرة؟
- صحيح أن كان هناك قرار اتخذته جماعة أنصار السنة المحمدية حينها؛ منحت بموجبه قواعدها حرية التصويت والدعم لمن تراه مناسبا وأقرب للإسلام بين المرشحين وأحزابهم؛ لذلك تجد بعضهم انتخب حزب الأمة والاتحادي والجبهة الإسلامية.
تجديد في النظر السلفي
* كنت في السابق أحد القيادات المهمة في جماعة أنصار السنة المحمدية بالسودان وأنت الآن رئيس حزب الوسط الإسلامي.. فما الذي تراه مميزا لتجربتك الجديدة عن تاريخك السابق مع الجماعة؟
- ما يميز تجربتي الخاصة أنني لا أسير في خطئي، ولا أمارس العمل الدعوي بعقلية السلفيين، التي تشترط مثلا شروطا للعضو الذي يجب أن ينتمي إليها.. نجد أن الإسلام لم يشترطها على الناس لنيل عضويته، فنجد كثيرا من المقصرين ومن أصحاب المعاصي أعضاء أصيلين في الإسلام، بينما تجد أنصار السنة وبعض الجماعات الإسلامية السلفية وحتى الإخوان المسلمين يشترطون شروطا تمنع المسلم من الانضمام لهم، أما نحن فنقول ليس مطلوبا من العضو لينتمي إلينا أكثر من أن يوفر ما سمح له بالانتماء إلى أمة الإسلام، حتى إن كان ظالما لنفسه لا يمنعه ذلك من الانتماء إلينا، ونمتلك كذلك كثيرا من المفاهيم والأفكار، تختلف مع ما درج عليه السلفيون.
* هلا ضربت لنا مثلا لهذه المفاهيم والأفكار؟
- مثلا القضية التي أسميها "عشق التحريم" أو ظن السلامة في انتهاج نهج التحريم، فكثير من الدعاة والأساتذة في التيار السلفي يعتقدون أن الإنسان إذا أراد أن يسلم إذا ما خُيِّر بين التحريم والتحليل في قضية ما فعليه أن يختار التحريم، لأن ذلك يحفظ له مريديه، وهو معيار الاستقامة والورع عندهم بخلاف من يحل، وتجد أغلبهم لا يتحرج أبدا في أن يحرِّم تحرَّجه عندما يريد أن يحل، وهذا الكلام معكوس منكوس، إذا كان هناك تخوف أو تحفظ على أمر ما، فينبغي أن يكون عند قول الإنسان هذا حرام لأن الأصل في الأشياء الإباحة والمحرمات استثناءات، إذا أراد الإنسان أن ينتقل من منطقة العفو هذه إلى منطقة التحريم فعليه بالدليل القوي المتفق عليه.
وأنا أتصور الخطأ في الحِل أيسر في تصوري من الخطأ في التحريم؛ لأن من يحل يستصحب معه أن الأصل في الأشياء الإباحة، ومن يحرم لا أدري ما يستصحبه معه حتى يحرم، لذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا الباب أن أصل الضلال في أهل الأرض بسبب الشيئين، اتخاذ دين لم يشرعه الله، وتحريم ما أحله الله، ولذلك يقول شيخ الإسلام في هذا الباب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي (إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين فحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا)، فيقول بخصوص التحريم تجده يقول إنه كثير عند المتورعة المتعبدة المتفقهة، والشرك تجده عند المتصوفة، لذلك المتصوفة نجدهم يتهمون دائما بعدم التحقيق في قضايا التوحيد والبدع والخرافات، في هذا الباب أختم وأقول ورد الحديث: "بعثت بالحنيفية السمحة" يشرح شيخ الإسلام الحنيفية فيقول "هي ضد الشرك، والسماحة هي ضد الحجر والتضييق".
لذلك نحن نختلف مع الذين يعشقون التحريم والذين يميلون للتحريم والذين يرون أن من يُحل، إنسان ينبغي ألا يؤخذ منه علم ويتبرأ منه ولا يجب أن يوصف بالاستقامة أو الورع والتقوى، لذلك نحن نقول إن هذا الكلام معكوس ومنكوس، هذه أمثلة لمميزات المنهج وخط السير لمجموعة حزب الوسط الإسلامي عن بقية المجموعات السلفية.
* بما يفهم من خلال إفاداتك الفكرية المميزة لحزب الوسط الإسلامي يجد المرء نوعا من الصعوبة في تصنيفه كحزب سلفي مقارنة بالمجموعات السلفية المماثلة.. يمكن أن نصنفه بأنه حزب إسلامي، لكن هل نستطيع تصنيفه بأنه حزب سلفي؟
- دعني أجيب هنا بسؤال: وما هي السلفية؟ هل السلفية هي مجموعة الأخطاء التي نجدها عند من سمى نفسه سلفيا لذلك نهرب منها؟ أنا الآن أستدل هنا بأقوال سلفية مثل شيخ الإسلام ابن تيمية، يمكننا القول إن هذه سلفية وفق الكتاب والسنة، ويمكن أن يقال إنه اختيار فقهي خاص فلا يمكن أن نصف الأخطاء ونقول إنها هذه هي السلفية، لذلك لا اعتراض لنا على وصف الحزب بلفظ السلفية.
* هل استطاع الحزب فعلا أن يتخلص من ماضي د.الكودة السلفي وينجح في استقطاب كوادر من خارج التيار السلفي؟
- هو أصلا لا يستقطب إلا الأعضاء من خارج التيار السلفي، فنحن لا نشترط الشروط التي يشترطها السلفيون، لكني كنت أتوقع أن يكون السؤال: هل تقبلون السلفيين بالحزب؟!
* حسب المفاهيم التي ذكرتها عن التيار السلفي في السودان والتي تختلفون معهم في رؤيتكم لها، هل نستطيع أن نقول إن خلافكم مع التيار السلفي السائد ينحصر في قضايا نظرية مثل الذي ذكرتها أم لديكم رؤية مختلفة في توصيف الواقع السوداني نفسه وقضاياه العملية؟
- لدينا قضايا عملية يمكن أن نصنفها بأنها من دواعي تأسيس هذا الحزب ونرى ضرورة تصويب ما انحرف منها، مثلا هناك قضية خرجت من طور التنظير إلى الواقع مثل الحكم بما أنزل الله ومفهوم الشريعة الإسلامية، فمفهوم الشريعة والحكم بما أنزل الله في السودان من كثرة الطرق عليه اقتصر فهمها على جانب معين فيها وهو الحدود؛ اختزل المفهوم اختزالا مشينا، عندما نسمع كلمة شريعة أول ما يتبادر إلى ذهننا الحدود، حد السرقة أو حد الزنا أو حد الخمر أو غيرهما، لذلك فنحن نقول لا يجوز عندما نريد أن نعرض مشاريعنا أن نقدم أول ما نقدم قانون العقوبات، فلا يوجد مشروع سياسي يريد أن يستقطب الآخرين أن يرغبه بعرض قوانين العقوبات. وكلمة شريعة لا تعني فقط الحدود، فالشريعة أول ما يدخل فيها العدل والحريات وحقوق الإنسان، ويدخل فيها كثير مما لم نذكره ونبين أنه من مدلولات الشريعة، نحن نريد تصحيح هذه القضية ونبين أن الشريعة أوسع مدلولا.
هناك قضية أخرى، ترتبط بسلم أولويات الأحزاب الإسلامية التي أتيحت لها فرصة الحكم، مثل تجارب المحاكم الإسلامية في الصومال وطالبان ونظام الإنقاذ في السودان، نعتقد أنهم لم يحسنوا سلوك سلم الأولويات، فقدموا ما حقه التأخير، وأخروا ما حقه التقديم وكان هناك ارتباك في فهم الأولويات، فوجدنا إسلاميي المحاكم الإسلامية في الصومال، بدءوا أول ما بدءوا بتحريم مشاهدة كأس العالم وتحريم الموسيقى والغناء وتعاطي القات، كل هذه الأشياء لا أتحدث عن حلها وحرمتها الآن، لكني أركز على أنها هل هي من الأولويات أم لا؟
حتى إسلاميي طالبان أيضا أول ما جاءوا تحدثوا عن أحمر الشفاه والصور الفوتوغرافية والتلفزيون والمرأة وأوجبوا النقاب واللحى وجعلوا هذه المسائل مواد قانونية يعاقب عليها الفرد ودخلوا في صراع مع المجتمع، وكانت النتيجة كما يعرف الجميع، لذلك نحن نرى أننا بحاجة إلى ترتيب الواجبات والفروض والخارطة الدعوية.
{rt}
الوسط السلفي وقضايا العصر
* من الملاحظ أن هناك مجموعة قضايا بذاتها أصبحت موضع امتحان للإسلاميين بصورة كبيرة، منها الديمقراطية واعتماد الإسلاميين لها ممثلة في الانتخابات والاحتكام للشعب في تقرير مصيره وتشريعه، ما هي نظرتكم لهذه المسائل؟ وما هي رؤيتكم في قضية التعددية السياسية؟
- ما زال البحث قائما في مدلول الديمقراطية، إذا كان المرجو من الديمقراطية وبرلمانها أن يعرض حتى ما قال الشرع مقاله فيه فهذا هو محل خلافنا الوحيد مع الديمقراطية، نحن نعرض النوازل والمستجدات والأمور التي تحتاج إلى شورى في برلمان البلد. أنا لا أعرف خلافا بين الديمقراطية والشورى غير هذه النقطة، صحيح لا يجوز لنا أن نتعرض لقضايا حسمها الشرع ونعرض ما تبقى من قضايا وما أكثرها.
أما رفض البعض للديمقراطية لتعريفها بأنها حكم الشعب بالشعب فهذا فيه تفصيل، إذا كان الحكم هنا يراد به القانون فهذا لله سبحانه تعالى، أما إذا كان المراد بالحكم الإدارة فهذه عبارة لا غبار عليها، فالشعب هو الذي يحكم وهو الذي يدير وهو الذي ينفذ، ثم إننا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم لم تعد بأيدينا وسيلة محصورة لا يجوز الخروج منها في اختيار الحاكم، فبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم نعرف كيف اختلف الناس حتى في أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وهذا يدل على أنه ليس هناك وسيلة محصورة في اختيار الحاكم مما يدل على أنه لا مانع من اختيار وسيلة الديمقراطية في اختيار الحاكم، ولماذا نرفض الديمقراطية ونحن نستجلب من الغرب ومن أهل الديمقراطية الثياب التي نصلي فيها والماكينات التي نطبع بها المصحف فما المانع أن نستجلب منهم وسيلة لنختار بها حاكمنا.
ثم إن رأي الأغلبية موجود في الشرع، الرسول صلى الله عليه وسلم كان يشاور وينزل عن رأيه لرأي غيره كما فعل عند أحد، وهذا ما يمكن أن يفعله البرلمان، والبرلمانيون إن كانوا يسمون نواب الأمة نحن كذلك عندنا ما يمكن أن نطلق عليهم عرفاء الأمة، والعريف هو سيد القوم، عندما أسلمت هوازن جاءت للرسول صلى الله عليه وسلم وقالت له نحن أسلمنا ونريدك أن تعيد لنا السبي والغنائم فخيّرهم بين السبي والغنائم فاختاروا السبي، فقال لهم ما كان لي ولبني هاشم فهو لكم أما ما كان عند غير هؤلاء فدعوني أسألهم فبدأ يسأل المسلمين فاختلطت عليه الأصوات فقال أخرجوا لي عرفاءكم، والحديث صحيح "العرافة حق" ويقول لا يستقيم الناس إلا بعرفاء.. فهذا كله يدعم الرأي القائل بأنه لا خلاف في إمكانية وجود برلمان ونواب للأمة واعتماد الأغلبية فيصلا بين الآراء.
وأما الانتخاب فنحن نقول إن هناك دليلا قطعيا عليه، وهو أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه عندما وصل الأمر بين علي وعثمان رضي الله عنهما وكل كان له شيعته ومحبوه ولم يتنازل أحدهما للآخر فاتخذ منهما موقفا أن يقترع، فدخل البيوت وسأل الناس وحتى العذراء في خدرها سألها أتريد عثمان أم عليا، وأخذ منهم موثقا بقبول النتيجة التي تسفر عنها عملية الاقتراع فكان الناس أن اختاروا عثمان رضي الله عنه وأول المبايعين لعثمان بعد عبد الرحمن بن عوف كان علي رضي الله عنه.
* وما هو موقف الحزب من التعددية السياسية ومشاركة الأحزاب غير الإسلامية فيها؟
- قبل الحديث عن مشاركة الأحزاب غير الإسلامية.. هل يجوز أن يكون هناك عشرة أحزاب إسلامية في دولة واحدة مثلا؟ أنا أقول إنه ليس هناك ما يمنع التعددية داخل الدولة الإسلامية، بدليل وجود علي وعثمان رضي الله عنهما فكانا يمثلان حزبين، فما المانع من وجود أحزاب إسلامية تتنافس ويفوز أحدهما على الآخر رغم أنهم أبناء دولة واحدة ومنهج ومذهب واحد، ولو كانوا يتطابقون في الفهم يمكن أن تكون هناك تعددية.
تبقى مسألة الأحزاب غير الإسلامية في الدولة الإسلامية، هم مواطنون ولديهم رأي وفهم، أنا لا أعرف دليلا يمنع من أن يبدي الإنسان رأيه سواء كان في إطار تنظيم أو صحيفة أو حزب.. لا أعرف دليلا يمنع، لأن الناس بينها الحوار والمصالح ما داموا مواطنين، لا سيما في الفترة الأخيرة ومع كثرة الأصوات الداعية للحريات وبحقوق الإنسان أنا في تقديري ولو من باب المصلحة والموازنات هذه الأمور ينبغي أن تكون كما هي عليه.
* والمواطنة.. هل تعتقد أنها يجب أن تكون أصل الحقوق والواجبات في الدولة؟!
- المواطنة أصل في الحقوق والواجبات، فالشمس لا تشرق فقط على الموحدين والمسلمين لكنها تشرق حتى على أعداء الله، وهذا الهواء والأكسجين متاح للجميع، وقس على ذلك بقية الحقوق وما يحتاجه الإنسان المواطن بصرف النظر عن دينه.
* دار جدل بين الإسلاميين منذ فترة طويلة حول مصطلح أهل الذمة، وكان من المشاركين في هذا النقاش العلامة القرضاوي الذي اقترح استبدال مصطلح مواطن بمصطلح أهل الذمة باعتباره أكثر حيدة بجانب أن مصطلح ذمي يرتبط بتاريخ وظروف محددة.. فما هي رؤيتكم لهذه القضية؟
- أنا لا أرى قدسية لهذه الأسماء، وإن كان هناك ثمة تقدير وقدسية لها فإن القرضاوي عندما يقول ذلك إنما يسعى لئلا يتأثر الإسلام ولا يتضرر، لذلك السلف كانوا يقولون حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله، فهذه الاجتهادات من الشيخ القرضاوي حتى إن لم نقبلها وراءها حسن النية والعلم والمعرفة.
حزب المرأة
* أين موقع المرأة في حزب الوسط الإسلامي؟
- المرأة.. يكفي أننا ذكرنا أن اسمنا غير المسجل في السودان هو (حزب المرأة) وأن حزبنا المسجل هو الوسط الإسلامي.
* هل لديكم نفس تحفظات الإسلاميين حول مشاركتها وولايتها للوزارة والمناصب الدستورية والقيادية في الدولة؟
- ليس لدينا تحفظ أن تتولى المرأة أغلب المناصب أو كلها فيما عدا الإمامة العامة لاعتبارات خلقية وتركيبية قد نتحفظ في أن تتولى المرأة الولاية العامة.
* كيف ترون واقع العمل الجهادي في العالم؟
- الإسلام تضرر ضررا كبيرا جدا مما يعرف بالتفجيرات والعنف الذي حدث في كثير من مناطق العالم، التفجيرات التي تتناول المدنيين، والتفجيرات التي يظن الناس جهلا أنها تعتبر غزوات حتى لو كانت في بلاد غير المسلمين، الآن لندن من تحتل عندما يفجر أحد الأشخاص نفسه في مترو الأنفاق ويقتل العشرات من النساء والأطفال ومنهم من هو متعاطف مع المسلمين، فما علاقة ذلك باليهود والاحتلال وما هي علاقته بالمقاومة، فهذا الأمر منهي عنه بالنصوص حتى في حالة الجهاد الحقيقي المتفق عليه منهي عنه، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي بعدم قتل الأطفال والنساء والشيوخ والرهبان وقتل الأشجار، لذلك أقول إن هذه التفجيرات الفوضوية تعتبر خدمة جليلة لأعداء الإسلام، بل هي وسائل إيضاحية يستخدمها غير المسلمين في تعريف أبنائهم وأمتهم بأن الإسلام هو غاية السوء، لذلك نحن ضد هذه التفجيرات، وهو عمل مشين ويعد غلوا وتطرفا.
* كيف ترى مستقبل حزب الوسط الإسلامي في السودان؟
- الإصلاح والتغيير الاجتماعي بطيء بطء النمو الجسماني فثمرتنا لا تظهر خلال سنين بسيطة أو عقد من الزمان، لكننا نقول إن أي منهج منفتح ومرن ويحمل من الرشد الفكري ما ينبغي أن يحمله فهو منهج ناجح وله الجولة.
* هل يمكن أن يشارك حزب الوسط في تحالفات سياسية في المرحلة المقبلة في السودان؟
- نعم ويمكنكم أن تروا ذلك خلال شهور قريبة بإذن الله.
{rt}


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.