طلب مني شاب أن أحدثه عن العلاقات العاطفية، قلت له وماذا تعني بالعلاقة العاطفية ؟ أي عاطفة تعني ؟ قال : عاطفة الحب، وهل هناك عاطفة غيرها قلت : وأي حب تعني ؟ قال : حب الرجل للمرأة، وحب المرأة للرجل، وهل هناك حب غير هذا ؟ قلت : هذا الخطأ !! إن الإنسان ليس عاطفة فحسب، الكيان الإنساني مكون من مجموعة أشياء : من الجسم ومتطلباته، من العقل وآفاقه، من الروح وأشواقها، من العاطفة وتطلعاتها، من الإرادة وما تتجه إليه، كل هذه النواحي تنشيء الكينونة الإنسانية. الإنسان ليس عاطفة فحسب، والعاطفة ليست هي الحب وحده، الإنسان يحب ويكره، يرضى ويسخط، يفرح ويحزن، كل هذه عواطف، فلماذا قصرنا العاطفة على الحب ؟ وإذا أردنا أن نتحدث عن الحب، فلماذا جعلناه حصرياً على حب الرجل للمرأة والمرأة للرجل؟ إن الله سبحانه فطر الإنسان على أن يحب وأن يُحب، ولكن لماذا يحصر الحب في هذا المجال الضيق ؟ أولى من ينبغي أن نحب هو الله تبارك وتعالى أعظم أنواع الحب وأرقاها وأخلدها وأبقاها هو حب الله. الإنسان يحب الجمال، وأي جمال أجمل من ذي الجمال والجلال.. من الله عز وجل ؟ هو واهب الجمال، وهو مصدر الجمال، إنه جميل يحب الجمال. الإنسان يحب الكمال، لذلك يحب الناس النوابغ والعباقرة والأبطال، وأي كمال يداني كمال الله عز وجل ؟ وكل كمال في البشر نقص، الذي تنزه عن كل نقص واتصف بكل كمال هو الله ملك الملوك. الإنسان يحب الإحسان، وهو أسير الإحسان، وجبلت النفس على حب من أحسن إليها، فهل هناك من أحسن إلينا أعظم من الله سبحانه ؟ إنه مصدر النعم !! (وما بكم من نعمة فمن الله) وما ننعم به في حياتنا كلها من نعم الله سبحانه (وإن تعدو نعمة الله لا تحصوها) أفلا يستحق المنعم أن نحبه ؟ لماذا ينسى الناس حب الله تبارك وتعالى (ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله) (البقرة : 165) هؤلاء المؤمنون الذين يقدمون حب الله على كل شيء يعمر هذا الحب أفئدتهم، فهم يحيون به ويموتون عليه. وهم الذين وصفهم الله بقوله (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين..) (المائدة : 54) كانت رابعة العدوية تقول حينما ينام الناس ويأوون إلى فرشهم : قد جاء الليل وأوى كل حبيب إلى حبيبه، وهذا يا رب أوان خلوتي بك، وأنسي إليك وتنشد قائلة : حبيبي لا يعادله حبيب ** وما لسواه في قلبي نصيب حبيب غاب عن بصري وحسي ** ولكن في فؤادي لا يغيب أيها الشباب، حب الله، هذا هو المصدر الأول، لمن يريد أن يستخدم هذه العاطفة في محلها. بقلم الشيخ إبراهيم محمد عبد الرحمن