)كلام عابر) لم تمكنني ظروفي الخاصة من السفر من الدمام إلى مدينة جدة ليكون لي شرف حضور الإحتفائية التي أقامها أبناء الرفاعيين في ذكرى الشيخ يوسف جميل ناظر الشبارقة، وكان ذلك الاحتفال الذي أقيم يوم الخميس الثالث من فبراير 2011م أول تكريم بذلك المستوى لذكرى الرجل العملاق الذي لم يجد ما يستحقه من تكريم وعرفان لدوره العظيم في حربه الشريفة ضد الأمية والتخلف في منطقته. يوسف جميل زعيم الإدارة الأهلية كان سابقا لعصره فقد كان يقود بنفسه مسيرة الحداثة والتوجه نحو المستقبل ، ويركز على تطوير الانسان من خلال التعليم ، ولهذا نشطت حركة التعليم في وقت مبكر من سنوات العشرين في القرن الميلادي الماضي حيث قام بانشاء المدارس وأبدى اهتماما خاصا بتعليم المرأة وكان ينفق من ماله الخاص على تعليم أبناء المنطقة في مختلف المراحل وتواصل الجهد حتى جاء عام 1975م لتحتفل الشبارقة بالقضاء على أمية آخر أمي فيها وحضر الاحتفال وزير التربية والتعليم آنذاك ، وسبقت الشبارقة بهذا الانجاز الحضاري ليس السودان كله فحسب ، ولكن كل العالم الثالث من حولها ففي ذلك التاريخ لم تكن هناك قرية ولا عاصمة واحدة في كل البلدان الأفريقية أو العربية خالية تماما من الأمية والأميين كالشبارقة، فقد سبقت الشبارقة، التي لا يعرف كثيرون مكانها في الخريطة، وسبق يوسف جميل، الذي لم يسمع كثيرون باسمه هو الآخر، سبقوا الجميع. لم يكن الشيخ يوسف جميل زعيم الإدارة الأهلية وقائد مسيرة الحداثة شاهدا على ذلك الاحتفال ، ولم تمهله السنوات ليرى نتاج غرسه الطيب ومجهوداته العظيمة ومشروعه الحضاري، فقد رحل عام 1968م، أي قبل سنوات قليلة من تحقيق حلمه باستئصال الأمية تماما من المنطقة. انجاز سقط للأسف من الذاكرة السودانية ولم يجد مكانه في التاريخ. أتمنى أن يتواصل تكريم ذكرى الشيخ يوسف جميل في داخل الوطن ويتم الاحتفال كل سنة، على الأقل في ولاية الجزيرة، باليوم الذي احتفلت فيه الشبارقة بتعليم آخر أمي فيها، ويطلق اسمه على أحد شوارع مدينة ودمدني إثراء لذاكرة التاريخ وتقديرا لعظيم من عظماء أهل السودان. التحية لكل من وقفوا واء هذه الاحتفائية في جدة فقد كانت عملا حضاريا كثير الروعة لم ينتقص من روعته شيئا وجود بعض المتطفلين الذين لا تخلو منهم المجتمعات، فالمناسبة جليلة وجامعة والمحتفلون كرام. رحم الله الشيخ يوسف جميل بقدر ما قدم لمجتمعه. (عبدالله علقم) [email protected]