الحلقة الرابعة ( 4 - 10 ) ثروت قاسم Facebook.com/tharwat.gasim [email protected] 1- الأمير زيد ؟ في يوم الأثنين 16 يونيو 2014 ، إعتمدت الأممالمتحدة في نيويورك تعيين الأمير زيد بن رعد بن زيد الحسين ( الأردن ، 50 عام ، دكتوراة من جامعة كامبردج عام 1993 ) في منصب المفوض السامي لحقوق الإنسان ، ورئيس المفوضية السامية لحقوق الإنسان ( جنيف ) التابعة للأمم المتحدة ، لمدة 4 أعوام تبدأ في يوم الاثنين فاتحة سبتمبر 2014 ، خلفاً للسيدة نافي بيلاي ( جنوب افريقيا ) ، التي إستقالت من منصبها قبل عامين من إنتهاء فترة رئاستها الثانية في 2016 ، لأسباب ليس هذا سياق ذكرها . صار الأمير زيد أول شخصية عربية، وأول شخصية مسلمة، تشغل هذا المنصب منذ تكوينه عام 1994. الأمير زيد من الأباء المؤسسين لمحكمة الجنايات الدولية ، التي بدأت أعمالها في لاهاي في اول يوليو 2002 . وكان أول رئيس ( بالإنتخاب ) لجمعيتها العمومية ( برلمان ) التي تضم الآن 122 دولة ؛ وإستمرت رئاسته لمدة 3 سنوات من بداية تأسيس المحكمة في يوليو 2002 وحتى عام 2005 . في هذا السياق ، نذكر إن الأردن كان ولا يزال البلد العربي الوحيد الذي لم يدعم السودان في نزاعه مع محكمة الجنايات الدولية ، وأمر القبض الذي أصدرته ضد الرئيس البشير في عام 2009 . وكان الأمير زيد وراء موقف الاردن المتشدد ضد الرئيس البشير ، وحتمية إمتثاله لقرار المحكمة وأمر قبضها ، الأمر الذي اجرى بعض الدم الفاسد بين الدولتين . درست مريم المنصورة الطب في الاردن ، ولها ولعائلتها علاقة حميمية مع العائلة المالكة في الاردن ، منذ دراسة السيد الإمام مع الملك الراحل الحسين في كلية فكتوريا في الأسكندرية ، في خمسينيات القرن الماضي . إستنكر الأمير زيد ، وهو مفوض سامي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان ، الإعتقال التعسفي للمنصورة ، عند رجوعها الخرطوم من باريس يوم الأثنين 11 أغسطس 2014 . وضرب الامير زيد أخماسه بأسداسه وهو يستغرب من سجن المنصورة ، بدلاً من تقليدها نياشين الوطنية ووشاح بنت السودان البارة . أفتى الأمير زيد بأن الأمور بخواتيمها . وكانت خاتمة لقاء المنصورة مع قادة الجبهة الثورية في باريس نجاحها في إقناع قادة الجبهة الثورية بقبر 3 حيوانات متوحشة ، من بين إختراقات أخرى للمنصورة في إعلان باريس ( الجمعة 8 أغسطس 2014 ) ، كما يلي : اولاً : نبذت الجبهة الخيار العسكري الهجومي ، وأمنت على الخيار العسكري الدفاعي في إعلان باريس . ثانياً : نبذت الجبهة مبدأ تقرير المصير لدارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ، وأمنت على وحدة السودان في إعلان باريس . ثالثاً : نبذت الجبهة فكرة إعادة هيكلة الدولة السودانية وتطهير القوات النظامية ونزع سلاح وتسريح المليشيات المسلحة غير النظامية . يقول الامير زيد بأن هذه مكاسب مهولة ، تُحسب في ميزان حسنات المنصورة ، وتدعو الجميع لأن يهتف لها : ( أحسنت يا منصورة ) ! بدلاً من سجنها ، وتعذيبها نفسياً ، وحرمانها من مصحفها وراتبها الذي لا يفارقها ؟ ما لكم يا قوم كيف تحكمون ؟ إنزعج الأمير زيد لتردي أوضاع حقوق الإنسان في السودان ، وأمامه تجربة المنصورة تشهد وتصرخ وتكورك في وجه العدالة الدولية وعدالة السماء . وقرر الامير زيد أمراً . 2- حقوق الإنسان؟ تعرف الخرطوم إن الحداثة والتحديث بل التحضر صار مربوطاً ربطاً وثيقاً بإحترام حقوق الإنسان . المجتمع الذي يحترم حقوق الإنسان هو مجتمع حداثي متحضر ، وغيره مجتمع بربري متأخر ، يجب نبذه وإدانته ومحاسبته ومعاقبته ؟ صار إحترام حقوق الإنسان المرجعية المعيارية لتقييم اداء الحكومات ؟ وصل خبر إنزعاج الامير زيد إلى الخرطوم عبر عصافير الجامعة العربية ، فأسرعت بإطلاق سراح المنصورة ، يوم الأثنين 8 سبتمبر ، بعد 4 أسابيع من السجن التعسفي ، وقبل أن يفتح الأمير زيد أبواب ذات السبعة أبواب على الخرطوم ؛ وإجتماعات المفوضية السامية لحقوق الإنسان قد بدأت في جنيف هذا الأسبوع . هذا هو السبب المباشر وراء إطلاق سراح المنصورة ... التحسب من نيران الأمير زيد ، وهي لشديدة إلا على المؤمنين ! وليس وصول مبيكي الخرطوم يوم الأربعاء 10 سبتمبر . لا علاقة البتة بين إطلاق سراح المنصورة وجولات مبيكي المكوكية . لا علاقة البتة بين إطلاق سراح المنصورة وعملية الحوار الوطني وإجراءات بناء الثقة القبلية ! لا علاقة البتة بين إطلاق سراح المنصورة وإعلان مبادي أديس ابابا ( الجمعة 5 سبتمبر ) ! ببساطة لأن عملية الحوار الوطني سوف تستمر بمن حضر ، حتى لو كان المهندس احمد ابوالقاسم هاشم لوحده ، وحتى إنعقاد الإنتخابات في ابريل 2015 . وببساطة لأن ذلك ما يقول به الدستور الإنتقالي ، الذي شاركت في كتابته الحركة الشعبية ، قبل إنفصالها في يوليو 2011 ! يدعو الدستور الإنتقالي لأن تستمر الحكومة الإنتقالية والمجلس الوطني الإنتقالي لمدة 5 سنوات ، من ابريل 2010 وحتى ابريل 2015 . نقطة على السطر ! صفحة جديدة ! وقُضي الامر الذي فيه تستفتيان ! هذا ما جاء به الدستور ، ولن تستطيع أن تغير ما جاء به الدستور ؛ فخرق الدستور دونه خرط القتاد ! 3- الدكتور الأصم باق ؟ إذن سوف تستمر مسرحية الحوار الوطني حتى ابريل 2015 ، وسوف يستمر الدكتور الأصم في عمله رئيساً لمفوضية الإنتخابات ، ولا علاقة لهذا ( الحوار ) بذاك ( الإنتخابات ) ؟ ويمكن لأمبيكي أن يستمر في رحلاته المكوكية ، وإعلاناته المبدأئية حتى أبريل 2015 ؛ وتنصيب الرئيس البشير رئيساً لكل السودانيين ، من ام دافوق إلى قيسان ، ومن مقاصر إلى المقينص ! وبعدها لكل حدث حديث ، ولكل مقام مقال ، كما قال الإمام الأكبر عليه السلام ؟ نعم ... مبيكي مقدور عليه ، فهو لسان ومرآة حكومة الخرطوم ، كونه يمثل الإتحاد الأفريقي ، الذي لا يعدو ان يكون نادي للحكومات الأفريقية ، من حكومة عيدي أمين دادا وحكومة بوكاسا في زمن غابر إلى زمن الناس هذا ، وحكومة سلطان قامبيا الحاج يحى جمعة ، الذي يلبس حجبات حول جسده وضراعيه وزنها 10 كيلو جرامات بالتمام والكمال . بإطلاق سراح المنصورة يوم الأثنين الماضي ، ارادت الخرطوم أن تقدم السبت للأمير زيد عشماً في أحده ؟ ببدء الأمير زيد لمهامه اول سبتمبر كمفوض سامي لمفوضية حقوق الإنسان ، سوف يكون إطلاق سراح المنصورة اول الغيث . وتتبعه قطرات أخرى ندية منها ، إطلاق سراح السيد ابراهيم الشيخ وبقية المعتقلين السياسيين والعفو عن قادة الجبهة المحكومين جنائياً ، والقبول اللفظي لمبادئ إعلان أديس ابابا الثمانية ، وفرقعات إعلامية هنا وهناك حول الحوار الوطني وإحترام حقوق الإنسان ... وبس وحتى إنعقاد الإنتخابات في ابريل 2015 ! ولكن ربما هطل المطر بإستتباب السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل ، في يوم يرونه بعيداً ، ويراه السيد الإمام قريباً ! وبعد... فرب ضارة نافعة . فقد أضاف سجن المنصورة لرأسمالها الوطني والسياسي ؛ وقنطرها لتكون الرئيس القادم لحزب الأمة ! وأنعم بها من رئيسة ، وأنعم بها من مناضلة ، وأنعم بها من بت السودان البارة . نجم ثاقب ورائد لا يكذب أهله ، بل يحمل كتابه بيمينه . نواصل مع المنصورة في حلقات قادمات ...