القاهرة (رويترز) - قال شهود عيان انهم شاهدوا طائرتي هليكوبتر على الاقل تقلعان من القصر الرئاسي للرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة يوم الجمعة. وكان مسؤول بالحزب الحاكم قد أخبر رويترز في وقت سابق ان الرئيس في طريقه الى منتجع شرم الشيخ على ساحل البحر الاحمر. المحتجون في القاهرة يسيرون نحو قصر الرئاسة والجيش يدعم الاصلاح القاهرة (رويترز) - تعهد الجيش المصري يوم الجمعة بان يكفل تحقيق الاصلاحات التي وعد بها الرئيس حسني مبارك لكن المحتجين صعدوا انتفاضتهم الساعية للاطاحة بمبارك بالاحتشاد خارج القصر الرئاسي. واعتبرت هذه الضمانات محاولة من الجيش القوي لنزع فتيل انتفاضة لم يسبق لها مثيل في تاريخ مصر الحديث كما أنها مؤشر واضح على أنه يريد انسحاب المتظاهرين من الشوارع بعد 18 يوما من الاضطرابات التي عطلت الاقتصاد وهزت الشرق الاوسط. وقال أحد المحتجين بعد نقل محتوى بيان الجيش للمتظاهرين بميدان التحرير "هذا ليس مطلبنا. لدينا طلب واحد هو أن يتنحى مبارك." وتحرك حوالي الفي محتج من ميدان التحرير وتجمعوا امام القصر الرئاسي للمرة الاولى للمطالبة باستقالة مبارك على الفور ولم يحاول الجيش ابعادهم. واتجه محتجون اخرون نحو مبنى التلفزيون الحكومي وهو احد رموز حكم مبارك الممتد منذ 30 عاما مطالبين المحطات المصرية بنشر الحقيقة بشأن الانتفاضة الشعبية. ويقع مبنى التلفزيون على مقربة من ميدان التحرير. واقترب طوق المحتجين الى مسافة 50 مترا من اسوار القصر الجمهوري عند بعض النقاط. وكانت دبابات وجنود من الحرس الجمهوري يرابطون بين اسوار القصر وطوق المحتجين. وهتف مئات الالاف من المحتجين في ميدان التحرير "ثورة ثورة حتى النصر ثورة في كل شوارع مصر." وزادت المواجهة التي تحتدم باطراد المخاوف من عنف جامح في اكبر دولة عربية من حيث عدد السكان وهي حليف اساسي للولايات المتحدة في المنطقة المنتجة للنفط حيث يشعر الغرب بالقلق من احتمال أن تستشري الفوضى لتصل الى دول أخرى تخضع لحكم مطلق. ووعد الجيش بضمان اجراء انتخابات حرة ونزيهة الى جانب التنازلات الاخرى التي قدمها مبارك للمحتجين والتي ما كانت لتخطر ببال أحد قبل تفجر ثورة 25 يناير كانون الثاني. وقال مسؤول بالحزب الحاكم ان مبارك وعائلته غادروا القاهرة الى منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الاحمر حيث يوجد مقر رئاسي. واضاف ان ذلك يؤكد ان السلطة نقلت الى سليمان. ودعت جماعة الاخوان المسلمين المحتجين الى مواصلة الاحتجاجات في الشوارع ووصفت تنازلات مبارك بأنها خدعة للبقاء في السلطة. وقالت في بيان "خرج علينا مبارك ببيان صاعق يؤكد فيه أنه لا يزال يمسك بزمام الحكم وينقض اخره أوله." "واضافت ظل يتحدث أنه سيفعل ويفعل ثم يعود ليقرر أنه فوض نائبه فى كل صلاحياته.. ولا يمكن تصنيفه الا ضمن منظومة الاحاديث الخادعة التى يريد بها أن يلتف على مطالب الجماهير.. وعلى رأسها تنحيه الكامل عن الحكم ان كان يحترم ارادة الشعب ويحرص على مصالح الوطن وأمنه واستقراره والا فان الجماهير سوف تظل في ثورتها حتى تتحقق مطالبها." واحتشد مئات الالاف من المحتجين في انحاء مصر بما في ذلك في مدينة السويس الصناعية - التي شهدت في وقت سابق بعضا من أسوأ أعمال العنف خلال الازمة - وفي الاسكندرية وفي مدينة طنطا وغيرها من مدن منطقة الدلتا. وفي البيان رقم اثنين قال المجلس الاعلى للقوات المسلحة المصرية انه يضمن "انهاء حالة الطوارىء فور انتهاء الظروف الحالية" وهو الوعد الذي سيؤدي الى الغاء قانون بدأ تطبيقه بعد تولي مبارك الرئاسة عقب اغتيال الرئيس السابق انور السادات عام 1981 ويقول المحتجون انه استخدم لفترة طويلة لتضييق الخناق على المعارضة. ووعد الجيش بضمان اجراء انتخابات حرة ونزيهة الى جانب التنازلات الاخرى التي قدمها مبارك للمحتجين والتي ما كانت لتخطر ببال أحد قبل تفجر ثورة 25 يناير كانون الثاني. وتشير تقديرات الى أن 300 شخص ربما قتلوا منذ ذلك الحين. وقال وائل غنيم المسؤول التنفيذي في جوجل - والذي سجن لفترة وجيزة بزعم مساعدته للانتفاضة التي برز كأحد زعمائها الشبان - ان بيان الجيش خطوة أولى. لكنه قال انه على مبارك أن يتنحى وينبغي أن يشرف الجيش على خروج "مشرف" للرئيس. وخرج المحتجون من عشرات الخيام التي قضوا ليلتهم بها بعد أن اعتراهم الغضب وأصابتهم خيبة الامل بعد أن ترقبوا القاء مبارك خطابا يعلن فيه تنحيه ليسمعوه وهو يقول انه فوض صلاحياته لنائبه. كما قال ان التفويض بالصلاحيات يتفق مع الدستور مما يجعله المسؤول الاول ويتيح له الغاء التفويض. وتعهد الجيش بحماية حق المحتجين في التظاهر. غير أن طول مدة المواجهة قد يختبر تلك العزيمة اذ يحرص الكثير من المصريين على ان ينتهي تعطل عجلة الاقتصاد نتيجة الاحتجاجات بينما تحرص قيادة الجيش على اظهار قدرتها على فرض النظام. وقال وزير المالية سمير رضوان في مقابلة مع رويترز "القوات المسلحة هناك لحماية المتظاهرين ولحماية البلد لكن تم تسليم الصلاحيات ليس الى الجيش لكن الى نائب الرئيس" وذلك بعد أن ثارت مخاوف من أن يقرر الجيش حل الازمة بالقيام بانقلاب عسكري. وأضاف "لا أحد يحب الحكم العسكري بكل تأكيد. أظهر جيشنا حتى الان انه صمام الامان لهذا البلد." وتجمع عشرات الالاف من المحتجين المناهضين لمبارك في ميدان التحرير اليوم الجمعة - في حين رابط الجنود في دبابات وعربات مدرعة - في ما وصفه منظمون بأنه اكبر استعراض للغضب خلال 18 يوما من الاحتجاجات. وهتف المحتجون الذين سمح لهم فيما يبدو بالاقتراب من القصر في مصر الجديدة "يسقط يسقط حسني مبارك" وتم وضع لافتة تحمل نفس الرسالة على الاسلاك الشائكة التي تغلق طريقا مؤديا للقصر. وقال عضو باحدى الحركات الشبابية التي تقف وراء الاحتجاجات ان المتظاهرين "سيسيطرون على القصر." وقال احمد فاروق (72 عاما) ان حشود المصريين بعد صلاة الجمعة ستسيطر على قصر الرئاسة وأضاف ان الجيش وقف على الحياد ولم يؤذ المحتجين. وقالت نورهان اسماعيل وهي محتجة عمرها 43 عاما ان المحتجين سينظمون مسيرة الى قصر الرئاسة ويطردون مبارك وانهم يعرفون ان العالم معهم. وبدا الجيش لفترة قصيرة يوم الخميس قاب قوسين او أدنى من اتخاذ قرار مصيري حين اجتمع المجلس الاعلى للقوات المسلحة في غياب مبارك القائد الاعلى ووعد "بحماية الامة" لكن لم يتبع ذلك بأي تحرك. وبعد ساعات قال مبارك للامة مجددا انه سيظل في السلطة حتى سبتمبر ايلول القادم وانه فوض سلطاته لسليمان. وتحولت المسيرات في القاهرة ومدن اخرى من نشوة التأهب لتنحي مبارك الى يأس تجاه خطابه الذي شرح فيه دوره الدستوري ثم الى الغضب لانه لم يتنح. ووعد سليمان بوضع "خارطة طريق" نحو انتخابات ديمقراطية في سبتمبر أيلول لن يرشح مبارك فيها نفسه. وقال السفير المصري في واشنطن ان من الواضح ان سليمان هو "الرئيس الفعلي" لمصر حاليا. لكن محللين مصريين قالوا ان مبارك ما زال يمسك بمقاليد السلطة وبامكانه ان يستعيد سلطاته من سليمان متى شاء. والجيش هو مفتاح ما سيحدث فيما بعد. وقال محمد البرادعي الحاصل على جائزة نوبل للسلام - والدبلوماسي السابق بالامم المتحدة والذي يقود حركة ليبرالية معارضة - لصحيفة دي برسه النمساوية نشرت يوم الجمعة "أظن أن الفوضى الشاملة تسود النظام. انها مثل (السفينة) تيتانيك. الجرذان تفر من السفينة التي تغرق." ويقوم نهج واشنطن في التعامل مع الازمة على اساس اهمية مصر الاستراتيجية فهي دولة عربية لم تعد في حالة حرب مع اسرائيل وبها قناة السويس التي تربط بين اسيا وأوروبا كما انها قوة هامة في مواجهة المتشددين الاسلاميين في المنطقة.