رغم أن العالم والمجتمع البريطاني تغيرا بشكل كبير خلال فترة حكم الملكة اليزابيث الثانية فقد بدا دوما أنها شخصية يعتمد عليها في بث الطمأنينة. ورغم صدمات فترة التسعينات مثل وفاة الأميرة ديانا فقد استطاعت الملكة أن تقود المؤسسة التي يبلغ عمرها ألف عام إلى عهد جديد من الشعبية. العرب [نُشر في 17/08/2015، العدد: 10010، ص(24)] الملكة إليزابيث الثانية لن تتخلى عن العرش على النقيض من بعض ملوك أوروبا لندن – تصبح الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا -التي استطاعت حشد الدعم للملكية رغم ما عانت منه أسرتها الشهيرة من اضطراب وما أحاط بها من بلبلة- أطول ملوك البلاد جلوسا على العرش الشهر المقبل. ولم تتوقع إليزابيث الثانية قط أن تجلس على العرش ولم يحدث ذلك إلا لأن عمها تخلى عن العرش، لكنها يوم التاسع من سبتمبر القادم ستكسر الرقم القياسي للحكم والذي تحتفظ به جدتها الكبرى الملكة فيكتوريا التي حكمت البلاد لأكثر من 63 عاما. وقالت الملكة إليزابيث الثانية (89 عاما) ذات مرة "إنها وظيفة مدى الحياة" وليس من المتوقع أن تتخلى عن العرش على غرار بعض ملوك أوروبا في الآونة الأخيرة بل وحتى أحد البابوات. وأصبحت بريطانيا نفسها مجتمعا أكثر مساواة بعد انهيار نظام التقسيم الطبقي الأمر الذي انعكس على الملكية نفسها. وقال روبرت ليسي كاتب السيرة الملكية "لقد أصبح الوضع أقل نخبوية بكثير.. تواصل الملكية النأي بنفسها عن الهرم الاجتماعي الذي كانت تجلس الارستقراطية على رأسه وتحاول ألاّ تكون طبقية". وفي بداية حكمها كانت إليزابيث الثانية شخصية آسرة بدت وكأنها تجسد نهضة بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية لكن بحلول الذكرى الأربعين لحكمها كانت الأسرة الملكية قد أصبحت موضوعا من موضوعات المشاهير في الصحف الشعبية. ورغم أن زواجها من الأمير اليوناني فيليب ظل صامدا فقد وصفت الملكة عام 1992 بأنه "سنة مروعة" عندما انهارت علاقات ثلاثة من أبنائها الأربعة بتفاصيل فاضحة ذكرت باستفاضة في الصحف. ومما لا شك فيه أن وفاة الأميرة ديانا في حادث سيارة بباريس عام 1997 كانت أحلك لحظة في حكمها الطويل واضطرت إليزابيث الثانية للعودة من اسكتلندا لتلقي خطابا للأمة في ظل حالة عامة من الحزن والغضب. وقال المؤرخ فيليب ميرفي ومؤلف كتاب (موناركي أند ذا إند أوف ذي إمباير) أي الملكية ونهاية الامبراطورية "مرت الملكية بأحداث رفعتها إلى الذرى وهبطت بها إلى الحضيض. لم تتغير (اليزابيث) في الحقيقة لكن رد الفعل الشعبي تجاهها هو الذي تغير". ولم تصبح إليزابيث الثانية ملكة إلا بسبب تحول مفاجئ في الأحداث بعد أن تخلى عمها إدوارد الثامن عن العرش بسبب حبه للمطلقة الأميركية واليس سيمسون الأمر الذي أدى إلى جلوس والدها جورج السادس على العرش عندما كان عمرها عشرة أعوام. وكان عمرها 25 عاما عندما أصبحت الملكة إليزابيث الثانية الثانية يوم السادس من فبراير 1952 بعد وفاة والدها. وتوجت إليزابيث الثانية ملكة على بريطانيا وبلاد أخرى منها أستراليا وكندا يوم الثاني من يونيو عام 1953 في مراسم بثها التلفزيون من وستمينستر آبي. وأصبحت إليزابيث الثانية الحاكم الأربعين لبريطانيا في المؤسسة الملكية التي تعود إلى وليام الفاتح الذي تولى العرش عام 1066 بعد انتصاره في معركة هاستينغز. وخلال فترة حكمها شهدت 12 رئيسا للوزراء بداية من ونستون تشرشل. ولا تزال وجهات نظرها بشأن الموضوع لغزا لأنها لم تقم بأي مقابلة خلال فترة حكمها الطويلة ولم يكن هناك من سبيل للتعرف على آرائها وشخصيتها إلا من خلال الظهور لفترات قصيرة على التلفزيون أو من خلال تصريحات أفراد آخرين في أسرتها. ورغم أنها أقدم ملوك العالم الأحياء فإن اليزابيث هي ثاني أطول الملوك جلوسا على العرش في العالم في الوقت الحالي بعد الملك بوميبول أدولياديغ ملك تايلاندا.