تشهد واتس آب نموا متصاعدا منذ استحواذ فيسبوك عليها العام الماضي، وهي تأمل أن يصل عدد مستخدميها المليار، ويبدو أنها في طريقها لتحقيق هذا الهدف مع زيادة بنسبة 50 بالمئة خلال الإثني عشر شهرا الماضية فقط. العرب [نُشر في 05/09/2015، العدد: 10029، ص(18)] واتس آب التطبيق الأكثر شعبية في العالم للمحاورة المتنقلة لندن - ارتفع عدد مستخدمي خدمة التراسل الفوري الشهيرة واتس آب إلى نحو 900 مليون مستخدم، حسب ما أعلن رئيسها التنفيذي جان كوم صباح أمس الجمعة. وقال كوم في منشور له عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن واتس آب الآن تملك 900 مليون مستخدم نشط شهريا. ويمثل الإنجاز الجديد لواتس آب زيادة بمقدار 100 مليون مستخدم منذ إعلان الشركة عن 800 مليون مستخدم في شهر أبريل الماضي، ونموا بنسبة 50 بالمئة خلال الأشهر ال12 الماضية. وتشهد واتس آب نموا ثابتا منذ استحواذ فيسبوك عليها العام الماضي مقابل نحو 19 مليار دولار أميركي، وفقا للجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية. وفي تفاصيل الصفقة، دفع فيسبوك 12 مليار دولار في صورة أسهم و4 مليارات دولار نقدا. بالإضافة إلى ثلاثة مليارات دولار في صورة أسهم في فيسبوك لمؤسسي وموظفي واتس آب. إلا أن قيمة أسهم فيسبوك زادت منذ الإعلان عن الصفقة في فبراير، مما يجعل قيمة الصفقة 21.8 مليار دولار. وهذا الارتفاع الكبير في عدد المستخدمين لم يكن على سبيل المصادفة، إذ كان كوم منذ وقت طويل يستهدف الوصول إلى مليار مستخدم، بحسب ما صرح في حديث سابق مع الصحفيين دانييل توماس وتيم برادشو، في صحيفة فاينانشال تايمز. وكشف حينها أن الشركة تضيف أكثر من مليون زبون يوميا، وأن هناك حاجة لمضاعفة خوادمها كل عام لمواكبة الطلب الجنوني من اقتصادات الأسواق الناشئة، مثل روسيا والهند والبرازيل، حيث يتزايد عدد الأشخاص الذين يملكون الهواتف الذكية. جان كوم، المهندس الأوكراني الذي عمل في ياهو سابقا، عرج في حديثه على الصفقات التي عقدها مع شركات الاتصال لإتمام أهدافه في التوسع في أنحاء العالم، وقال إن "العالم يتجه الآن إلى البيانات، والشركات الناقلة تبرم عقود شراكات معنا لدفع عملية استخدام خطط البيانات، إن جوهر هذه الشراكة هو خطط البيانات. العالم يتجه نحو البيانات، نظام البت والبايت، الصفر والواحد. لسنا نحن فقط من يستخدمها، ولكن جميع هذه التطبيقات تستخدم البيانات ولا تستخدم فقط للاتصالات، بل أيضا لمشاهدة فيلم، أو للتغريد بالأخبار. نحن جزء صغير من ذلك". وبالنظر إلى أن كثير من تطبيقات الرسائل المنافسة، مثل سكايب ولاين، تقدم أصلا خدمة الاتصال الصوتي، لكن كوم بدا واثقا من أن واتس آب من شأنه أن يكون أكثر كفاءة في استخدام بيانات الجوال، لاسيما بعد إدراجه مؤخرا خدمة الاتصال الصوتي وهو عامل مهم في زيادة عدد المستخدمين. جان كوم: خارطة طريق منتجاتنا لم تتغير بسبب الصفقة مع فيسبوك ويعتبر واتس آب التطبيق الأكثر شعبية في العالم للمحاورة المتنقلة، لكن بعض الشركات المنافسة الأصغر شهدت زيادة في الإقبال، وربما يكون السبب هو الخشية من فرض فيسبوك هيمنتها على الشركة مما يؤثر على تغيير الخدمة. كوم من جهته رفض هذه المخاوف وأصر على أنه لم تكن هناك خطط لتغيير طريقة تعامل واتس آب مع المعلومات الشخصية بعد إبرام صفقة فيسبوك. وقلل من شأن المخاوف من أن فيسبوك ستستخدم البيانات التي يحتفظ بها واتس آب حول عملائه. وقال "نحن لا نعرف اسمك، ولا عنوانك، ولا بريدك الإلكتروني، ولا صورتك، ولا مقدار الوقت الذي تقضيه على تطبيق معين. لا نعرف شيئا عنك. عندما يقول الناس إنك ستقوم بمشاركة بياناتك الخاصة مع فيسبوك أول رد فعل لي هو: ما هي البيانات التي تتحدث عنها؟ يجب على الناس أن يكونوا عقلانيين، ويدركوا أنه ليست هناك بيانات للمشاركة". وشدد كوم على عدم وجود أي نية لفتح التطبيق على أطراف ثالثة، أو التفرع إلى دعم أجهزة الهواتف الجوالة باستخدام خدمتها الصوتية. وأضاف "خريطة طريق منتجاتنا لا تتغير بسبب الصفقة مع فيسبوك، سنواصل طريقنا في أن نكون مستقلين في تطوير منتجاتنا". أما مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ فلم يخف سعادته البالغة بالإنجاز الذي حققته الشركة في ذلك الوقت، ووصف عمله برفقة كوم بالبطولي، وأكد أنه بوجود 50 موظفا في شركتهما، استطاعا بناء مُنتج وشبكة اتصال لديها ما يقارب نصف مليار مشترك فعّال خلال الخمسة أعوام الأولى. وحتى فيسبوك نفسها احتاجت أكثر من ذلك بسنة لتصل هذه النقطة المرحلية المهمة. ويقول يتشارد ووترز وتيم برادشو بتقرير لهما في صحيفة فاينانشال تايمز، أن أحد العوامل وراء نجاح شركات مثل واتس آب هو النطاق الهائل للإنترنت عبر الهاتف الخلوي، الأمر الذي جعل من الممكن الاستفادة من جماهير أكبر بكثير من تلك التي كانت متاحة من خلال أجهزة الكمبيوتر. وتأثرت أيضا بالشعبية المنتشرة بسرعة، التي عززتها وسائل الإعلام الاجتماعي. وعلق مايكل كوزومانو، وهو أستاذ في معهد ماساتشيوستس للتكنولوجيا، على الموضوع قائلا إن "هذا مجرد جزء من الإنترنت، حيث لديها مجال مذهل من اقتصاديات الحجم والتكاليف الهامشية التي لا تكاد تكلف شيئا". وأضاف أن "بعض الشركات في هذا العالم تخلق قيمة هائلة، حتى لو كانت عوامل جاذبيتها تبدو عابرة القيمة في قاعدة البيانات، هذا أمر مختلف عن تصنيع السيارات". غير أن واتس آب بهذا الإنجاز في رفع عدد المشتركين لديها، تمكنت من اجتياح التحديات، التي تحدث عنها كوزومانو حين أشار إلى أن المشكلة، كما أظهرت طفرة الإنترنت في أواخر التسعينات، هي أن الزبائن يمكن أن يكونوا متقلبين. وقال إن الشركات التي تمكنت من جذب مستخدمين إلى خدمات مجانية غالبا ما فشلت في العثور على وسيلة لكسب المال، أو أنها خسرت هؤلاء المستخدمين بسرعة أمام شركات منافسة. لذلك لم يستمر سوى عدد قليل جدا من شركات الإنترنت لتصبح شركات دائمة. واتس آب، منذ بداياته، واصل العمل لإثبات المدى الذي يمكن أن تصل إليه تطبيقات التراسل عبر الهاتف الخلوي الجديدة، ومدى التهديد الذي يمكن أن تشكله هذه التطبيقات على شركات الإنترنت القوية القائمة. 700 مليون مستخدم مقارنة ب 600 مليون خلال أغسطس 2014 يقول إريك رايز، مؤلف كتاب "الشركة الناشئة المرنة"، وهو كتاب رائج في وادي السليكون يقدم توجيهات لأصحاب المشاريع عن كيفية بناء شركاتهم بأقل تكلفة وأكبر كفاءة ممكنة، إن نجاحها بين عشية وضحاها تقريبا هو "خير مثال على أنه لم يعُد هناك بالفعل أي حواجز". وحتى زوكربيرغ الذي واجه خطر فقدان جمهوره لهذا الجيل الجديد من خدمات التراسل عبر الهاتف الخلوي، لم يكن لديه خيار سوى الدفع. ويقول عنه "إنه الفتى الملك، لكن يبدو أنه يُركّز تماما على التأكد من أن أي شخص آخر لن يصبح فيسبوك التالي". ومع حقيقة أن إنشاء شركة إنترنت لم يكن قط أرخص مما هو عليه الآن، لا يزال تحقيق فاعلية الشبكة التي تنقل التطبيق الواعد إلى إقبال عالمي بالصعوبة نفسها تماما. ويقول كوزومانو إنه حتى غوغل، التي تسيطر على واحد من أكبر جماهير الإنترنت، فشلت في إحياء شبكتها الاجتماعية غوغل بلاس الخاصة بها. وهذا يساعد على تفسير استعداد فيسبوك للدفع مقابل واتس آب. ونظرا للنمو الثابت لخدمته، فإن زوكربيرغ يعتقد بوضوح أنه في موقع أفضل من معظم الشركات لتقييم فاعلية مثل هذه الشبكات. وهو يتنبأ بأن قاعدة مستخدمي واتس آب ستصل بسرعة إلى مليار، بقدر النمو السريع لجمهور فيسبوك منذ عدة أعوام. ويقول المراقبون إنه حتى لو كانت هذه التوقعات الجريئة مؤكدة، فلا يزال عليه إيجاد وسيلة لجعل واتس آب يدفع كامل مصاريفه، وهذا ليس بالأمر السهل بالنسبة لخدمة أساسية كان مؤسسوها يجادلون بقوة ضد استخدام الإعلانات. وكانت فيسبوك وجّهت أنظارها فقط إلى تعزيز موقع التطبيق في مجال التراسل عبر الهاتف الخلوي، قبل تفعيل خدمة الاتصال الصوتي. ومع السيطرة على انتباه مستخدميه الذين لا يستطيع حتى فيسبوك منافسته فيهم -70 في المائة من مستخدمي واتس آب يستخدمون الخدمة يوميا- فهو يراهن على أن التطبيق سيصبح في يوم ما تجارة رابحة تلقائيا. يشار إلى أنه في مطلع العام الحالي أعلنت الشركة عن 700 مليون مستخدم، مقارنة ب600 مليون خلال أغسطس 2014. ومع أن عدد مستخدمي واتس آب ما يزال بعيدا عن بلوغ عدد مستخدمي شبكة فيسبوك الذي تجاوز 1.49 مليار مستخدم نشط شهريا، إلا أنه يفوق عدد مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي تويتر بثلاثة أضعاف تقريبا، حيث كشفت الأخيرة حديثا عن 316 مليون مستخدم. كما يفوق عدد مستخدمي تطبيق التراسل التابع لفيس بوك نفسها، والذي أعلنت في يونيو الماضي عن 700 مليون مستخدم له.