أمجد فريد الطيب يكتب: اجتياح الفاشر في دارفور…الأسباب والمخاطر    الكابتن الهادي آدم في تصريحات مثيرة...هذه أبرز الصعوبات التي ستواجه الأحمر في تمهيدي الأبطال    شاهد بالفيديو.. وسط دموع الحاضرين.. رجل سوداني يحكي تفاصيل وفاة زوجته داخل "أسانسير" بالقاهرة (متزوجها 24 سنة وما رأيت منها إلا كل خير وكنت أغلط عليها وتعتذر لي)    شاهد بالصورة.. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تشعل مواقع التواصل الاجتماعي بأزياء قصيرة ومثيرة من إحدى شوارع القاهرة والجمهور يطلق عليها لقب (كيم كارداشيان) السودان    من سلة غذاء إلى أرض محروقة.. خطر المجاعة يهدد السودانيين    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    تفشي حمى الضنك بالخرطوم بحري    بالصور.. معتز برشم يتوج بلقب تحدي الجاذبية للوثب العالي    المخدرات.. من الفراعنة حتى محمد صلاح!    خطف الموزة .. شاهدها 6 ملايين متابع.. سعود وكريم بطلا اللقطة العفوية خلال مباراة كأس الأمير يكشفان التفاصيل المضحكة    لولوة الخاطر.. قطرية تكشف زيف شعارات الغرب حول حقوق المرأة    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    مدير شرطة ولاية القضارف يجتمع بالضباط الوافدين من الولايات المتاثرة بالحرب    محمد سامي ومي عمر وأمير كرارة وميرفت أمين في عزاء والدة كريم عبد العزيز    توجيه عاجل من"البرهان" لسلطة الطيران المدني    جبريل إبراهيم: لا يمكن أن تحتل داري وتقول لي لا تحارب    حركة المستقبل للإصلاح والتنمية: تصريح صحفي    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    لماذا لم يتدخل الVAR لحسم الهدف الجدلي لبايرن ميونخ؟    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    مقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر.. معلومات جديدة وتعليق كندي    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    توخيل: غدروا بالبايرن.. والحكم الكارثي اعتذر    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    مكي المغربي: أفهم يا إبن الجزيرة العاق!    موريانيا خطوة مهمة في الطريق إلى المونديال،،    ضمن معسكره الاعدادي بالاسماعيلية..المريخ يكسب البلدية وفايد ودياً    ثنائية البديل خوسيلو تحرق بايرن ميونيخ وتعبر بريال مدريد لنهائي الأبطال    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    الجنيه يخسر 18% في أسبوع ويخنق حياة السودانيين المأزومة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    الولايات المتحدة تختبر الذكاء الاصطناعي في مقابلات اللاجئين    كل ما تريد معرفته عن أول اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل.. كامب ديفيد    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى ذكرى حركة 28/رمضان/ 1990
نشر في السودان اليوم يوم 17 - 08 - 2012


هوامش متفرقة
مقدمة :
فى مثل هذه الأيام من كل عام ظلت أسر شهداء حركة الخلاص الوطنى ، حركة 23 أبريل (28 رمضان) 1990 العسكرية المجيدة وظلّ أصدقاؤهم وزملاؤهم ورفقاهم البعثيون والديمقراطيون ، كل هولاء ظلوا يحتفلون بذكرى هذه الحركة كل عام لتمجيدها وتمجيد شهدائها الأبرار ولتأكيد السير فى طريق تحقيق أهدافهم فى الديمقراطية والسلام والوحدة . وتواصل هذا الإحتفال طوال السنوات العشرين ونيف السابقة يؤكد المكانة الكبيرة التى تحتلها الحركة فى مجرى حركة التطور الوطنى الحديث فى البلاد . وبجانب ذلك وجدت الحركة إهتماماً مقدراً من القوى السياسية ومن كتاب الصحف والمواقع الأسفيرية السودانية المختلفة . ويشار أن إعلام حكومة الإنقاذ الوطنى وقتها إتهمها بأنها كانت ملتزمة ببرنامج التجمع الوطنى الديمقراطى ومرتبطة بحركة التمرد (الحركة الشعبية) وبالتجمع الوطنى وبحزب البعث وبدولة أجنبية لم يحدّدها (بعض المصادر الصحفية اتهمت العراق بالوقوف خلفها.) ومع أن أوساطاً صحفية وسياسية وأمنية عديدة تربطها بحزب البعث فى السودان ، فإن الحزب لم يعلن ذلك فى بياناته الرسمية طوال السنوات السابقة ، بل كان يشير إليها كحركة خلاص وطنى شارك فيها ضباط وطنيون وديمقراطيون . وأول بيان سياسى لدعم الحركة بعد إعدام قياداتها مباشرة اصدره التجمع الوطنى الديمقراطى بمبادرة من ممثل حزب البعث فى قيادته (المرحوم عبدالله الصافى.) وفى الشهر الماضى أشار الأستاذ على الريح ، رئيس حزب البعث الأصل لأول مرة ، إلى أن الحركة قام بها تنظيم الضباط البعثيين والوطنيين (جريدة ألوان 23/7/2012) وعندما سألة الصحفى بقوله (إننا عرفنا علاقة الحركة بحزب البعث .. فما هى علاقتك أنت بها ، خاصة أن المرحوم محمد طه كان يقول بأنك قائدها ؟ ) أجاب الريح بقوله بأن (المرحوم كان يسميه الفريق على) وأن دوره فى الحركة (يتركه للتاريخ وأن وقت كتابة تاريخ الحركة لم يحن بعد) (نفس المصدر) ويبدو أن ذلك هو أول إعتراف رسمى معلن من أحد أحزاب البعث بعلاقة الحركة بالحزب . واذكر أننى أشرت فى مقال بجريدة الأخبار (رمضان 2010) بأن الحركة شارك فيها ضباط وطنيون وبعثيون وناصريون وإتحاديون وحددت أسماءهم ، ووجد ذلك إعتراضاً قوياً من بعض قيادات حزب البعث الأصل (...) والمهم هنا أن الأستاذ الريح يقول (ان الوقت لم يحن لكتابة تاريخ الحركة) وذلك بعد مرور أكثر من 22 عاماً على قيامها . ولا ندرى متى يحين الوقت !؟ والواضح أن الوقت المناسب هذا كاد ينتهى ، وليس هناك تفسير لمثل هذا القول سوى الهروب من توثيق وتقييم الحركة بإيجابياتها وسلبياتها ، وبالتالى تلخيص دروسها وخبراتها وتحديد مسئولية فشلها ومكانتها فى مجرى حركة التطور الوطنى وفى تطور حزب البعث نفسه .
* كتابة التاريخ لا تتوقف :-
الواقع هناك حركات عسكرية عديدة أخرى لم تجد إهتماماً مقدراً لتوثيقها وكتابة أحداثها من قبل الجهات التى قامت بها . فحركة الثانى من يوليو 1976 ، التى قادتها الجبهة الوطنية وقتها ، وجدت إهتماماً قليلاً من حزب الأمة فقط بينما تجاهلها الأخوان المسلمون والإتحاديون المشاركون فى عملياتها . وحركة 19 يوليو 1971 لم يكمل الحزب الشيوعى توثيقها وتقييمها إلا بعد سنوات طويلة . ومع ذلك وجدت الحركتان إهتماماً كبيراً من الكتاب لتوثيقهما وتقييمها . وحركة 28 رمضان ، هى الأخرى ، وجدت من يتصدى لتوثيقها ووتقييمها بعد أن أمتنع اهلها. وظهر ذلك بشكل خاص فى كتاب العميد معاش عصام ميرغنى (الجيش والسياسة فى السودان ، القاهرة 2004) وفى محاضرة العميد معاش عبد العزيز خالد بنفس العنوان قدمها فى مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية بالجامعة الأهلية ونشرت فى مجلة المركز (محاور /12/2008) وقبلها نشر اللواء سعيد كسباوى مذكرة حول الحركة وتنظيمها ، يقول أنه رفعها للمرحوم بدرالدين مدثر رئيس حزب البعث السودانى ، فى بغداد عام 1995 (المذكرة موجودة فى موقع المذكور ومتاحة) وفى عام 2010 نشر الرائد معاش عادل مصطفى (من المشاركين فى الحركة وحكم عليه بالسجن سنوات قبل أن يغادر السودان بعد إطلاق سراحه والارتباط بقوات التحالف السودانية مع آخرين من زملائه) نشر إفادات هامة بالصوت والصورة فى موقع سودانير اون لاين . وكلاهما شارك فى الحركة . وهناك ما سجلته مجلة الدستور اللندنية وصحف أخرى . وهناك بعثيون وديمقراطيون شاركوا فى الحركة ولم يكتبوا ولم ينشروا ، لكنهم يحكون تفاصيل كثيرة لها أهميتها فى كتابة تاريخ الحركة وتقييمها وتحديد تأثيراتها السليبة والإيجابية فى الوضع السياسى فى البلاد وفى تطور الحزب . المهم إن كتابة تاريخ حركة رمضان العسكرية لم تتوقف انتظاراً للوقت المناسب ولكن تنظيم الخلاص الوطنى وحزب البعث لم يطرحا أى رواية رسمية لأحداث الحركة وتقييمها ، رغم دور الحزب الكبير فى إعدادها وتنفيذها ورغم تأثيرها الكبير فى الوضع السياسى العام فى البلاد وفى انقسام الحزب فى فترة التعسينات . ونشير هنا إلى أن القيادة الحزبية عقدت إجتماعات عديدة لمنافشة هذه المسألة خلال عام 1991 و 1992 ولكنها لم تتوصل الى تقييم موحد نتيجة لخلافات جوهرية حول الوقائع والتحليل والتقييم . وكان لهذه الخلافات دورها بجانب أسباب أخرى ، فى خلق توترات وصراعات وسط القيادة الحزبية أدت فى النهاية الى انقسام 1997 المعروف .
تساؤلات مشروعة :-
إهتمام حزب البعث فى السودان بالعمل وسط القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى يرجع إلى الستينات وخاصة بعد انقلاب 25 مايو 1969 . وذلك كإمتداد للعمل وسط قطاعات القوى الحديثة الأخرى وبحكم دور العسكريين فى التغيير السياسى والإجتماعى فى السودان والمنطقة فى تلك الفترة . وشارك فى هذا العمل عدد من الرفاق القياديين منهم شوقى ملاسى ، بدر الدين مدثر ويوسف همت والجنرال سعيد كسباوى وآخرون وذلك من خلال العلاقة مع مجموعة فاروق حمد الله فى البداية ثم تأسيس تنظم عسكرى فى منتصف السبعينات . ويمكن الرجوع إلى كتابى (تاريخ التيار القومى وحزب البعث فى السودان ، دار عزة للنشر 2011 ) الفصل السادس لمعرفة تفاصيل أكثر حول الموضوع . وهذا التنظيم لعب دوراً كبيراً فى دفع القوات المسلحة للإنحياز لانتفاضة مارس – ابريل 1985م . وهو نفس تنظيم الخلاص الوطنى الذى قام بحركة رمضان 1990 بعد توسعه فى تلك الفترة. وكان الأمين العام للحزب يقوم بالإشراف على التنظيم مع من يختارهم لمساعدته . على أى حال ، حركة 28 رمضان فى علاقتها بالحزب تطرح تساؤلات عددية منها : هل قرار العملية الإنقلابية جاء من التنظيم العسكرى ؟ أم من القيادة الحزبية ؟ هل كانت القيادة متفقة فى قرارها ؟ والعلاقة بين الطرفين هل كانت تتم من خلال قيادة حزبية مختصة ؟ أم بطريقة فردية ؟ وفوق كل ذلك .. هل تدخل الحركة فى باب التكتيك الإنقلابى ؟ أم فى باب التحرك فى إطار انتفاضة شعبية شاملة ؟ والفرق بين النهجين واضح وضوح الشمس . ويضاف إلى ذلك اسئلة اخرى ... لماذا لم يتم التنسيق مع حركة اللواء محمد على حامد (مارس 1990) وهى حركة كبيرة نسبياً وتعمل لنفس الهدف ؟ وإعتقال اللواء عثمان بلول والعقيد محمد أحمد قاسم قبل أيام من تنفيذ عملية الانقلاب كان يشير إلى إنكشاف التحرك .. فلماذا لم يؤدى ذلك إلى تأجيل التحرك ، خاصة أن المذكورين من العناصر المهمة فى عملية التنفيذ ؟ المهم الإجابة على هذه الأسئلة وغيرها ضرورية لإجراء تقييم موضوعى للحركة وتحديد السلبيات التى أدت إلى فشلها ، رغم نجاحها فى تحقيق إختراقات هامة وسيطرتها على مواقع أساسيه. وفيما يتعلق بدور القيادة الحزبية نشير إلى أن هناك إثنين من أعضائها (محمد على جادين وتيسير مدثر) كانا ضد الحركة منذ البداية لأسباب سياسية وأمنية ومبدئية . وبعضهم كان متحفظاً فى تأييدها. وشمل الإعتراض عدداً مقدراً من العناصر القيادية التاريخية والكادر المتقدم نذكر منهم المرحوم الصادق شامى ، الذى قرر تجميد نشاطه الحزبى بعد فشل العملية مباشرة . وكان قد فوجئ بها مع قياديين آخرين عديدين . ومن هنا جاء قولنا أن الحركة تسببت فى إحداث توترات وخلافات وسط القيادة الحزبية والكادر المتقدم ، أدت فى النهاية إلى شلل العمل الحزبى وإتساع التوترات فى داخله ثم إلى إنقسام 1997 المعروف . ومن هنا تأتى أهمية كتابة تاريخ الحركة وتوثيقه بشكل موضوعى ودقيق. ويتطلب ذلك شهادات كل من شاركوا فيها أياً كان دورهم ، ورصد تداعياتها الايجابية والسلبية على الوضع السياسى العام فى البلاد بشكل عام وفى نشاط حزب البعث بشكل خاص . وقد يكون ذلك أحد المداخل المطلوبة لإعادة تأسيس وتوحيد تيارات الحزب المختلفة وتمكينه من القيام بدوره. ويشجع على ذلك ان هناك دوائر عديدة تعمل فى هذا الإتجاه.
* خاتمة :-
مع كل ما سبق كانت حركة 23 أبريل (28 رمضان) 1990 حدثاً هاماً فى مجرى حركة المقاومة الشعبية والعسكرية لنظام الإنقاذ . كانت أقوى الحركات العسكرية المعارضة وأحدثت هزة عنيفة وواسعة فى صفوف الطبقة الحاكمة جعلتها تكشف بشكل كامل عن إرتباطها بالجبهة الاسلامية وعن طبيعتها الديكتاتورية . وكانت ترتبط بحركة المقاومة الشعبية والتزمت ببرنامج التجمع الوطنى ومؤسساته المعروفة فى ميثاقه . ويبدو أن تلك هى مأثرتها الأساسية بحكم ظروفها وحدود إمكانيات القوى التى قادتها . وهى فى ذلك تشبه لحدود بعيدة حركة 19 يوليو 1971 وحركة مارس 1990 وأغسطس 1991 دون الدخول فى تفاصيل ذلك . فهى جاءت فى ظروف كان نظام الإنقاذ فى بداياته ولا يزال يحتفظ بيقظته وحماسه وإندفاعه . وكانت قوى المعارضة لا تزال تعمل لتجميع صفوفها وفى بدايات طرح ميثاقها . والوضع الإقليمى والدولى كان يشهد مؤشرات تحولات عاصفة ، تجسدت بعد شهور قليلة فى حرب الخليج الثانية ومحاصرة العراق وإنهيار الاتحاد السوفيتى والمعسكر الإشتراكى – وهذا الوضع الوطنى والإقليمى والدولى ما كان يساعد فى نجاحها فى تحقيق بديل ديمقراطى حقيقى حتى لو انتصرت عسكرياً – وإضافة لذلك تضافرت عوامل ذاتية عديدة أدت إلى فشلها . وشمل ذلك غياب الإدارة المؤسسية للتنظيم العسكرى والعملية الانقلابية ، وفقدانها لأجهزة الاتصال الضرورية ، وعدم التزامها بمستلزمات العمل الانقلابى التقليدى ، وغياب الخطط البديلة خلال عملية التنفيذ وغيرها. وعند فشلها واجهتها السلطة الحاكمة بعنف وشراسة ، ودفعتها إلى إرهاب قوى المعارضة وإحداث تصفيات واسعة فى القوات المسلحة والقوى النظامية الأخرى ووسط أجهزة الخدمة المدنية . وذلك بهدف تكريس سيطرتها على البلاد. ولهذا السبب بالتحديد إنتقل ثقل قوى المعارضة إلى الخارج . وفى الوقت نفسه انتقل ثقل قيادة حزب البعث إلى بغداد بعد سفر عدد منها إلى هناك وتزايد تأثيرهم بمناخ السياسه العراقية بعد دخول الكويت فى أغسطس 1990 الأمر الذى دفع أعضاء القيادة الحزبية هناك إلى مقاطعة إجتماعات التجمع الوطنى فى الخارج بدعوى وقوفه مع الكويت والسعودية بينما ظلت قيادة الداخل تواصل نشاطها فى تجمع الداخل . وهو موقف يتناقض مع أهم بنود برنامج حركة رمضان ومع دور الحزب فى تأسيس التجمع الوطنى . وبذلك انضافت عوامل أخرى لتوسيع الخلافات وسط الحزب ، لتشمل الخط السياسى والعلاقة مع التجمع الوطنى ونظام الإنقاذ (أعضاء القيادة فى بغداد طرحوا مشروع مصالحة مع نظام الانقاذ فى 1991) ولتؤدى فى النهاية إلى توترات وصراعات التسعينات حتى إنقسام 1997 المعروف . والمفارقة أن الذين وقفوا ضد التجمع الوطنى فى تلك الفترة ونعتوه بأسوأ الصفات ، ظلوا يعملون مع قواه السياسية المختلفة بعد عودتهم للخرطوم بعد الإحتلال الأمريكى البريطانى للعراق فى 2003 – ولا ندرى من الذى تغير ... هم ؟ أم قوى التجمع الوطنى والقوى السياسية الأخرى ؟ وفى الختام هذه هوامش متفرقة حول الذكرى الثانية والعشريتن لحركة 28 رمضان 1990 آمل أن تساعد فى إثارة الإهتمام بكتابة تاريخها وتوثيق أحداثها وتداعياتها ومواقف إبطالها وشهدائها .
بقلم: محمد على جادين
[email protected]
ذكري شهداء رمضان
بقلم: د.سيد عبد القادر قنات
بسم الله الرحمن الرحيم
الليلة الوقفة وبكرة العيد ، كعك العيد في الليد ألغام،
الحلوي البقت رصاص ، الحكم الصادر بالإعدام،
ياماما خلاص بابا ..........................،
هدوم العيد في الدولاب......................،
نعم تمر اليوم الذكري الثانية و العشرون لتلك المذبحة البشعة واللاإنسانية، و التي
أسلم فيها الوطنيون الشرفاء الروح لبارئها في ظروف لايمكن أن يوصفها بشر
بكامل قواه العقلية والجسدية إلا بأنها إستثنائية في كل شيء ، بل مأساتها وهول الفاجعة إنها جاءت في يوم وقفة عيد الفطر المبارك ، ذلكم الشهر الفضيل ، شهر التوبة والغفران و الذي إتصف بالرحمة والمغفرة والعتق من النار ،شهر يصفّد فيه رب العزة شياطين الجن ولكن!!! حدثت الفاجعة والمأساة والصدمة لكل الشعب السوداني ، بل عمّ الحزن والأسي كل العالم ، وإستنكرت الإنسانية جمعاء وأهل القبلة علي وجه الخصوص ما حدث تجاه أولئك الضباط ، بل لتتحدث مجالس المدينة عن إلتزام تجاه من قاموا بالتفاوض بين الجانبين بأن يتم توفير محاكمة عادلة وفق نصوص القانون أيا كان ، ولكن هول المفاجأة أن أحكام الإعدام تم تنفيذها دون حتي ربما علم الجهات ذات الإختصاص وفي ظرف ساعات، فأين يقع هذا من العدل في الإسلام(أعدلوا هو أقرب للتقوي)؟؟؟
الإنقاذ جاءت عن طريق إنقلاب عسكري مهما كانت المعاذير والتفاسير في 30/6/1989 ، إنقلاب أتي من علي ظهر دبابة نتيجة تدبير وتخطيط وتنفيذ قيادة الجبهة القومية الإسلامية وعلي رأسها الشيخ حسن الترابي ، وليس ببعيد أذهب للقصر رئيسا وأنا للسجن حبيسا قد إنطلت علي الشعب السوداني ، بل إنكشف الزيف والخداع أيضا في رمضان حيث كانت المفاصلة؟
نعم نجح قادة الإنقاذ في إنقلابهم فدالت لهم الدولة والسلطة المطلقة والثروة ، ولم ينجح قادة إنقلاب رمضان فكان مصيرهم الإعتقال والتعذيب والإعدامات والدفن في مكان مجهول حتي اليوم.
من منطلق إسلامي بحت ، ألا يحق لنا أن نسأل طالما تدثرت الإنقاذ بمسوح الدين ومراهم العقيدة ،
هل يحق للشعب أن يختار إختيارا حرا نزيها حكامه دون إكراه؟
هل يحق للشعب أن يسحب ثقته من هؤلاء الحكام متي ما رأي ذلك واجبا؟
هل يحق للشعب أن يحاسب حكامه وتقويم إعوجاجهم متي حادوا عن جادة الطريق الصواب ؟
هل يحق للشعب أن ينتقد عبرصحافته حكامه؟
هل يحق للشعب أن يقوم بتنظيم إحتجاجات ومسيرات ومظاهرات ضد الحاكم بطريقة سلمية وحضارية؟
ثم لنقول إن الإنقاذ قد جاءت عن طريق إنقلاب علي سلطة شرعية منتخبة ديمقراطيا بواسطة الشعب ، فكيف يكون حسابها وعقابها وهي تهمة لاتسقط بالتقادم ، في حين أن شهداء رمضان قد قاموا بمحاولتهم ضد سلطة إغتصبت الحكم وهي ليست شرعية قانونا؟؟
نعم نقول إن للأمة والشعب الحق في الإختيار والمحاسبة والعقاب وسحب الثقة، أليس هذا هو الإسلام الحق الدين القيم كما أمرنا رب العزة( أعدلوا هو أقرب للتقوي ) صدق الله العظيم. هذا واضح في الإسلام وأمره بالعدل ورفضه المطلق للظلم حتي وهو ظلم فرد لفرد ، فكيف بظلم حاكم لشعبه، نعم في الإسلام لا مكان لحاكم ينام قرير العين فوق آلام شعبه ومعاناتهم وفقرهم وجهلهم وعدم أمنهم وحاجات مواطنيه ، وفي الإسلام لامكان لحاكم يضع نفسه فوق الحق ولا لحاكم يعطي مواطنيه الفضل من الوقت الضائع.
قادة الإنقاذ تمر علينا اليوم الذكري الثانية والعشرون لتلك المذبحة ، فهل رجعتم القهقري للقدوة والمثل الأعلي عليه أفضل الصلاة والتسليم ومن بعده الخلفاء الراشدون ،
الحكم ليس مزية ولا صفقة ولا إمتياز، بل إنه أمانة ويوم القيامة خزي وندامة ، وتحصين الدولة لايتم بالسجون والمعتقلات والإعدامات والمصادرات والعزل والفصل ، ولكن هل تدبرتم قول الخليفة العادل عمر : لو عثرت بغلة بالعراق لكان عمرا مسئولا عنها لم لم يسوي لها الطريق ، إنها بغلة عثرت ، فمابالكم سيدي وقد تم تنفيذ الإعدام في 28 ضابطا وفي يوم وقفة عيد الفطر !!! هل يمكن وبعد مرورأكثر من عشرون عاما أن نجد تفسيرا كيف تم هذا ومن قام به ولماذا ؟,
بل هل يمكن لكم أن تدلوا أسر الشهداء علي قبورهم وأماكن دفنهم؟؟
هل أقيمت عليهم صلاة الجنازة؟
من الذي قام بدفنهم؟
هل تم كل ذلك بطريقة إسلامية؟
أليست هذه أمانة في أعناقكم إلي يوم تبعثون ، يوم لاينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم؟؟
نعم أكثر من عشرون عاما إنقضت ولكن ذكري شهداء مذبحة رمضان ستظل أبد الدهر في عقول الشعب السوداني ، لأنها إرتبطت بظروف دينية وقيم ومثل سودانية لايمكن أن تنمحي من عقول الشعب السوداني ، فكيف تنمحي من عقول أسر الشهداء؟؟
نعم حديثكم لحظتها كان حديث دنيا وإن بدا لك في ظاهرة حديث دين، ولغط سياسة وحكم ولكن صورتموه علي أنه أمر عقيدة وإيمان ، بل كان شعارات أنطلت علي البسطاء وصدقها الأنقياء وإعتنقها الأتقياء ، وإتبعها من يدعون الورع ، ولكنهم يشتهون السلطة لا الجنة ، والحكم لا الآخرة ،والدنيا لا الدين ، بل كانوا يتعسفون في تفسير كلام الله لغرض في نفوسهم يما في ذلك القطعي الورود والدلالة مثل الربا وتحليلهم لتلك القروض، ويوأولون الأحاديث علي هواهم لمرض في القلوب ، بل لايثنيهم عن سعيهم لمناصب السلطة ومقعد السلطان أن يخوضوا في دماء إخوانهم في الدين أو أن يكون معبرهم فوق أشلاء صادقي الإيمان من رفقاء الدرب والسلاح.، وقد كانت مذبحة شهداء رمضان مثالا أدمعت دموع كل الإنسانية أينما كانت، وذكراهم ستظل أبد الدهر عالقة في عقول الشعب السوداني.
نعم تحدثتم عن الشريعة وتطبيقها ، ولكن هل وجد الجائع طعاما والخائف مأمنا والمشرد سكنا والإنسان كرامة والذمي حقا كاملا ، بل هل وجد قادة إنقلاب رمضان عدلا ؟؟؟ أليس العدل هو أساس الحكم؟ ألم تدبروا أمر الواحد الأحد (أعدلوا هو أقرب للتقوي).
إن الملك هومن عند الله سبحانه وتعالي يؤتيه من يشاء ولكن ينزعه متي شاء، وما أقسي لحظات النزع هذه ،ثم هل تدبرتم قوله سبحانه وتعالي ( إرم ذات العماد وفرعون ذي الأوتاد فصب عليهم ربك صوت عذاب ، إن ربك بالمرصاد) أليس لنا في الرسول قدوة؟ ألم تدبروا قوله عند فتح مكة: أذهبوا فأنتم الطلقاء، أين أنتم من هذا؟ أهل مكة الذين عذبوه وناصبوه العداء وأخرجوه منها وحاربوه، ومع ذلك قال لهم : أذهبوا فأنتم الطلقاء، هكذا كان عليه أفضل الصلاة والتسليم قدوة للأمة الإسلامية، ولكن أين أنتم من هذا؟
نعم جاءت الإنقاذ عن طريق إنقلاب ونجح قادته وسيطروا علي مقاليد الدولة والسلطة ، ولكن قادة إنقلاب رمضان فشلت محاولتهم ، فهل يعقل أن يتم تعذيبهم وإهدار إنسانيتهم وكرامتهم وإذلال أسرهم من بعد إعدامهم ودفنهم في مكان مجهول؟؟ نعم محاولة وقد فشلت؟؟ هل يقع إعدامهم في جزء من الدين الإسلامي والشريعة المحمدية والتي تحتكمون إليها ، بل وفي يوم وقفة العيد ، والأنكي والأدهي أن بعضهم كان معتقلا قبل عدة أيام من المحاولة ، وآخرون كانوا من أثر التعذيب والتنكيل فاقدي الوعي، بل إن المأساة تكمن في كيف تمت إجراءات المحاكمة وهذه مسئولية قادة الجيش لحظتها فقد لاذوا بالصمت الرهيب من أجل دنيا فارقها بعضهم وآخرون ينتظرون تلك اللحظة؟
نعم الحاكم ليس ركنا من أركان الإسلام بل بشر يخطيء ويصيب ، وليس له من الحصانة والقدسية ما يرفعه فوق غيره من المحكومين.
لننظر للخلفاء الراشدون: حكمت فعدلت فأمنت فنمت ،
لو رأينا فيك إعوجاجا لقومناك بسيفنا هذا،
صدقت إمرأة وأخطأ عمر،،
ألم يقل أحد المصلين للخليفة العادل عمر وهو يلبس ثوبين وهو علي المنبر يخطب: لا سمع ولا طاعة؟؟فهل إعتقله الخليفة أو زجّ به في المعتقلات والسجون؟ كلا وألف كلا بل أوضح مصدر الثوبين، أليست هذه هي القدوة الحسنة؟ أليست هذه هي القدوة الحقة ؟؟
أين نحن منها؟
العدل لايتحقق بصلاح الحاكم ولا يسود بصلاح الرعية ولا يتأتي بتطبيق الحدود ، ولكن يتحقق بوجود نظام حكم يحاسب الحاكم بالخطأ ويمنع التجاوز ويعزل إن خرج علي الإجماع،
لنا أن نسأل ألم يكن ممكنا أن تتم المحاكمة وفق قانون ما بين نصه وروحه علي المحاولة؟؟ نعم كيف لكم وأنتم قد أطلقتم سراح قادة إنقلاب مايو تحت مواد القانون السائد وقتها ، ولكن تم إعدام شهداء رمضان في أسوأ كارثة شهدها السودان والعالم الإسلامي.
نعم تحدث البعض عن نصوص قرآنية بأحقية الدولة في القصاص ، ولكن هل لنا أن نسأل، هل تطبيق الشريعة الإسلامية وحده هو جوهر الإسلام؟ فالبدء يكون بالأصل وليس الفرع ،
وبالجوهر وليس المظهر، وبالعدل قبل العقاب ، وبالأمن قبل القصاص ، وبالأمان قبل الخوف ،وبالشبع قبل القطع ،(فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) وفوق كل ذلك تحصين الدولة لا يتم إلا بسياج العدل ، أليس العدل هو أساس الحكم؟.
الشعب السوداني له إرث حضاري ضارب في الجذور ومابين إكتوبر ورجب أبريل وما سبقها من ثورات وما تلاها من مقاومات ومحاولات ، كلها تصب من أجل التغيير نحو الأفضل، والشعب السوداني اليوم لايمكن أن يقاد معصوب العيون ، ولا يمكن السيطرة عليه وتطويعه تحت أي مسمي وقيادته نحو الإنتحار البطيء ، والشعب قد أسقط حاجز الخوف الذي يفصل بين الحياة بذلة والموت بعزة وكرامة ، والشعب يعمل من أجل بذل الأنفس والتضحيات، وتوجد حالة من الإحباط العام وقلق وتوتر من المستقبل وضبابيته وحلم لم يتحقق ، بل وطن قد تمزق وفقد تماسكه وإنفصل ثلثه بفضل تلكم السياسة التي لا تفكر إلا في إستمرارية الجلوس علي كراسي السلطة، أليست السلطة المطلقة مفسدة ؟، وأي فساد نعيشه اليوم بلغ مداه أن صرنا مثل الصومال التي ليست لها دولة ؟ ولهذا فإن التحديات كبيرة وهذه ستلد رجالا كبارا يسيرون علي خطي شهداء رمضان ،والشعب السوداني سيفرز تحديات بحجمهم وعظمتهم ، وهذا القلق اليوم هو دالة الثورة نحو التغيير عبر وحدة الشعب السوداني لخلق وطن واحد موحد أرضا وشعبا عبر إختيار حر ديمقراطي حتي يحس المواطن بأن هذا الحكم شرعي قولا وفعلا وهذه متطلبات الإستمرارية ، وحالة الحراك التي شهدها الوطن في كل أصقاعه هي دالة علي قرب نضوج ربيع سوداني أصيل لونا وطعما ورائحة ، وكما قال الشيخ محمد الغزالي: (ما زلت أؤكد أن العمل الصعب هو تغيير الشعوب ، أما تغيير الحكام فإنه يقع تلقائيا عندما تريد الشعوب ذلك،) ونعتقد أن الحراك الحالي في الساحة السودانية هو رغبة الشعب في تغيير حكامه ، وهذا التغيير سيأتي شاء من شاء وأبي من أبي، لأن إرادة الأمة فوق إرادة الحاكم مهما تكبر وتجبر وتعالي علي شعبه، والتاريخ القريب له أمثلة حية فهل يتعظ الحاكم؟؟ فقط أنظروا لبن علي والقذافي ومبارك وعلي صالح والأسد ومن قبلهم أنظروا إلي رغبة الشعوب في التغيير ما بين منقستو ونوريقا وصدام وشاوشيسكو وفرانكوا وماركوس وتيلور وغيرهم كثر، وإرادة الله فوق كل متجبر ومتكبر.
نترحم علي شهداء رمضان فهم اليوم في عالي الجنان في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، ونترحم علي كل شهداء القوات المسلحة ونترحم علي كل شهداء الوطن. مجدي محجوب وبطرس والتاية وعوضية وشهداء كجبار وشهداء العيلفون وشهداء بورتسودان وشهداء نيالا وكتم ، ونتمني أن ينال سجناء الرأي خلف القضبان حريتهم وأن ينال الوطن حريته وعزته وكرامته،
كل عام وأنتم بخير أعاده الله علي السودان وشعبه يرفل في ثوب الحرية والكرامة
والعزة،
يديكم دوام العزة وتمام العافية والشكر علي العافية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.