شاهد بالصور.. ما هي حقيقة ظهور المذيعة تسابيح خاطر في أحضان إعلامي الدعم السريع "ود ملاح".. تعرف على القصة كاملة!!    مساعد البرهان يتحدث عن زخم لعمليات عسكرية    البرهان يطلع على أداء ديوان المراجع العام ويعد بتنفيذ توصياته    تقارير صادمة عن أوضاع المدنيين المحتجزين داخل الفاشر بعد سيطرة الدعم السريع    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    د.ابراهيم الصديق على يكتب:اللقاء: انتقالات جديدة..    إبراهيم شقلاوي يكتب: يرفعون المصاحف على أسنّة الرماح    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة إستباقية لمؤتمر الحركة الإسلامية
نشر في السودان اليوم يوم 14 - 11 - 2012


زين العابدين صالح عبد الرحمن
تعقد الحركة الإسلامية مؤتمرها الثامن في منتصف شهر نوفمبر الحالي وسط تحولات و تغييرات كثيرة تشهدها الساحة الإقليمية و في نفس الوقت تشهد الساحة السودانية حالة من الركود السياسي بسبب التحالفات بين القوي السياسية إن كانت بين الحزب الحاكم و أحزاب التوالي التي تقيم علاقات إستراتيجية مع السلطة و أيضا مع أحزاب تدعي أنها في خانة المعارضة, أو بين أحزاب المعارضة التي تتبني شعار إسقاط النظام و التي فشلت للوصول لبرنامج سياسي متفق عليه, مما جعل هذه التحالفات بعضها ظاهر لا يحتاج لمجهود تحليلي للتعرف عليه و البعض سري يتدثر بكثير من الخرق البالية, و هي التي أقعدت بالمعارضة التي لتصريحات تخرج من هنا و هناك تأكيدا لوجود, و ليس نتيجة لفعل برنامج سياسي تعاهد الناس عليه, الأمر الذي أعطي مؤتمر الإسلاميين هذا الاهتمام السياسي, ربما يكون المؤتمر نفسه نقطة تحول في السياسة السودانية, للصراع الداخلي و المتشعب داخل مثلث السلطة الحاكمة ( الدولة و المؤتمر الوطني و الحركة الإسلامية) هذا الثالوث الذي يحكم السودان هو نفسه الذي تسبب في الصراع الخفي منه و العلني داخل السلطة الحاكمة و المؤتمر نفسه يعتقد البعض يهدف إلي تحول داخل مسار السلطة أو تغيير تطالب به مجموعات داخل و خارج الحركة الإسلامية.
السؤال الذي يفرض نفسه علي المؤتمرين:
ما هو الجديد لدي الحركة الإسلامية يمكن أتقدمه بعد أكثر من عقدين و نيف حكمت فيها البلاد و صاحبها الكثير من الفشل و لم تقدم أية حلول لمشاكل السودان السياسية؟
إن التجربة السياسية الماثلة, هي التي تشكل القناعة في الشارع السياسي السوداني, من خلال تقييم التجربة السياسية برمتها و حصيلت نتائجها, و ربما يكون الإسلاميون أنفسهم قد انتقدوا التجربة عبر منابر عديدة, و لكن المنهج النقدي الذي استخدم من قبل قيادات الحركة الإسلامية, يعد منهجا أقرب للمنهج التبريري, و الذي درجت عليه كل القوي السياسية السودانية دون استثناء, و هو منهج لا يسبر غور المشكل, باعتبار أنه لا يهتم بالمعالجة, بقدر ما يهتم بالتبرير من اجل التمكين, و أن كان نقد الإسلاميين من خارج أسوار التنظيم هو الأقرب للموضوعية, من النقد الذي يأتي من قيادات من داخل أسوار التنظيم, لذلك يظل السؤال المطروح يشكل حجر الزاوية لكل الذين يعتقدون إن المؤتمر يشكل علامة فاصلة بين ما كان و ما سيكون.
بعد الانشقاق الذي حدث في الحركة الإسلامية عام 1999 و رغم أن التنظيم كان قد حل قبل الانشقاق, إلا إن الحركة الإسلامية كانت تشكل القوي الاجتماعية الحامية للسلطة و ظلت السلطة تعتمد علي هذا الدعم, و لكن الانشقاق كان قد أدخل الدولة كلاعب جديد في النزاع السياسي وسط الحركة الإسلامية و بمؤسسات الدولة قد حسم الصراع و من تلك الفترة خرجت الحركة الإسلامية و أصبح هناك تياران داخل السلطة ( التيار الأول هو الدولة و مؤسساتها و خاصة المؤسسات القمعية القوات المسلحة الأمن و المخابرات و الشرطة) إلي جانب المجاهدين كبنية داعمة لتلك المؤسسات من خارج الدولة و هذا التيار علي قمته الرئيس البشير و قيادات عسكرية. التيار الثاني هو المؤتمر الوطني الحزب الحاكم و الذي كانت تسيطر عليه مجموعة الإسلاميين و في ظل الصراع الخفي و العلني أقدمت مجموعة التيار الأول التي تقبض علي زمام الدولة في فتح هذا التيار ( المؤتمر الوطني) لمجموعات سياسية قادمة من أحزاب سياسية أو مجموعات من التكنوقراط , و الهدف من ذلك هو إضعاف القيادات الإسلامية داخل التنظيم و عدم تمكينها من أن تكون لديها أية أداة ضاغطة, ثم تبع ذلك تحالفات مع بعض مجموعات انشقت من أحزابها لكي تشكل خط دفاع أخر للنظام و في نفس الوقت تضعف أية حركة للإسلاميين منظمة داخل السلطة, الأمر الذي جعل التيار الأول يسيطر سيطرة كاملة علي مقاليد الأمور داخل بنية السلطة الحاكمة.
و جدت المجموعات الإسلامية داخل السلطة أن مساحاتها في الحركة محدودة و بالتالي لا تستطيع أن تصارع باسم الحركة, و رغم عقدها لعدد من المؤتمرات للحركة و التي كانت قد تمت لإحياء الحركة إلا أنها كانت مؤتمرات الهدف منها هو محاولة للسيطرة علي تلك المجموعات و عدم إعطاء الفرصة للمؤتمر الشعبي أن يصبح هو الحزب الذي يمثل الحركة الإسلامية. و في نفس الوقت أبعدت القيادات الإسلامية التي كانت بارزة في فترة تاريخية سابقة عن المهام التي ترتبط مباشرة بالجماهير و التأثير عليها لذلك حصرت مهام البعض في البرلمان أو مراكز و مؤسسات بعيدة.
جاءت الثورات العربية و التي صعدت التيارات الإسلامية إلي قمة السلطة في عدد من الدول خاصة في مصر و تونس لكي تبث الأمل مرة أخري في الحركة الإسلامية في السودان و جعل السلطة بتياراتها المختلفة تتخوف من أن يتأثر السودان بالثورات العربية خاصة إن كل العوامل التي تؤدي للثورة متوفرة في السودان الأمر الذي جعل مجموعات من الإسلاميين تتحرك لكي تعيد للحركة دورها السياسي و سلطتها مستفيدة من الحراك الإقليمي المحيط و في ظل الظروف الحالية التي يمر بها السودان لا يستطيع التياران الذي يعتمد علي الدولة أو التيار في الحزب أن يمنعوا حراك الحركة الإسلامية حتى لا يحدث أية صراع داخلي في السلطة يفقد كل التيارات القدرة علي السيطرة علي الوضع, و لكن يتم مؤتمر الحركة الإسلامية و يبقي كيفية احتواء المؤتمر و التأثير علي مخرجاته, و اعتقد هو المنهج السائد ألان. و يمكن أن يفرغ المؤتمر من محتواه إذا لم تكن هناك إستراتيجية واضحة للقيادات التي تدعم المؤتمر و تعتقد أن المؤتمر يمكن أن يحدث تحول حقيقي في بنية السلطة رغم أن أدبيات الحركة الإسلامية الفكرية فقيرة إن قبل الانقلاب أو بعده و هؤلاء لم يقدموا رؤية مقنعة لعملية التغيير رغم سعيهم لقيام المؤتمر.
لا اعتقد أن الصراع داخل مؤتمر الإسلاميين هو صراع أفكار. أو برامج متنافسة, مما يعطي للممارسة الديمقراطية مساحة كبيرة لحسم العديد من القضايا, أنما الذي سوف يجري هو صراع مصالح و بالتالي تضعف فيه الممارسة الديمقراطية بالصورة المتوقعة. الأمر الذي يعلو من ممارسة التكتل و الشللية الأمر الذي يفرغ المؤتمر من محتواه, و لا يستطيع أن يخرج بتوصيات و قرارات تجعل من الحركة الإسلامية رقيبا علي الممارسة السياسية, و لا اعتقد هناك تصور لفك ارتباط الحزب بالدولة من أجل الوصول إلي اتفاق حول النظام الديمقراطي الذي بدأت كثير من القيادات الوسطية للإسلاميين تطالب به, و هي مطالبة للضغط علي الجانب الأخر و ليست قناعة مبدئية تجعل القوم يناضلون من أجل تحقيقها و ربما تكون هناك مسومات لا تغيير من طبيعة السلطة و لا من الفهم السائد لدولة الحزب الواحد.
القضية الأخرى التي لا تجعل التفاؤل يأخذ بعده إن الحركة الإسلامية أو القيادات التي في السلطة و التي تعول علي عملية التغيير أنها لم تقدم نقدا للتجربة في الحكم لكي توضح الأسباب التي أدت إلي الإخفاق و الفشل في العديد من القضايا, و لم تتبني بشكل صريح و واضح قضية التحول الديمقراطي باعتبار أنه يمثل الحل الأمثل لعملية السلام و الاستقرار في السودان. هذا الإهمال للخوض في مثل هذه القضايا يؤكد أن المؤتمر قد لا يسهم في تقديم مقترحات موضوعية لحل المشكل السياسي في البلاد أنما هو صراع مصالح داخل بنية الحكم.
هناك بعض الأصوات التي بدأت تنادي بتغيير القيادات الإنقاذية التي ظلت متربعة علي سدة الحكم أكثر من عقدين و هي التي أدت لتكلس في الدولة و أضعفت الفعل السياسي و أعاقت عملية التحديث و التطور باعتبار إن القيادات التي ظلت سنين في الدولة قد نضب خيالها فقدت لقدرة علي التجديد الأمر الذي جعلها تعيد أنتاج أزماتها هو الأمر الذي فطن إليه السيد رئيس الجمهورية عندما أكد أكثر من مرة أنه لن يترشح لولاية جديدة لكي يفتح الباب أمام قيادات جديدة هذا التصريح ثم مرض الرئيس الأخير قد كشف بعد الصراع داخل مراكز القوة في السلطة و من الذي يخلف الرئيس هذه أيضا لها بعدها داخل مؤتمر الحركة الإسلامية.
و الإجابة علي السؤال الذي طرحته يجيب أن يجيب عليه مؤتمر الحركة الإسلامية. رغم أن المؤتمر لن يحدث نقلة أو أية تحول في بنية الدولة و فكرها و ستظل الإنقاذ تسير علي نفس سياساتها القديمة باعتبار أن المنهج السائد هو كيفية المحافظة علي المصالح, و لا اعتقد أن المؤتمر سوف يقدم أية مقترحات لحلول تؤدي إلي السلام و الاستقرار الاجتماعي باعتبار لم يحدث أية تغيير في فكر و منهج الإنقاذ.
و اعتقد إن الحركة الإسلامية ليست لديها جديد أن تقدمه و ليس لديها أفضل مما قدمت و الجهة الوحيدة التي تستطيع أن تخرج السودان من أزمته إذا أرادت هو السيد رئيس الجمهورية بقرارات مصيرية تبتعد عن المصلحة الحزبية الضيقة و تنظر للوطن بمنظار قومي يعيد ترتيب الدولة من جديد و علي أسس جديدة تعلو فيه قيم الحوار علي قيم العنف و في الختام نسأل الله التوفيق.
[email protected]
بقلم: أ. د. الطيب زين العابدين
ينعقد بقاعة الصداقة في يومي الخميس والجمعة القادمين (15 و 16 نوفمبر) المؤتمر الثامن للحركة الإسلامية (الإسم المتداول لجماعة الأخوان المسلمين التي اختطفتها الحكومة من بين يدي الشيخ حسن الترابي). ويأتي هذا المؤتمر على غير العادة وسط زخم إعلامي مكثف ابتدره الدكتور إبراهيم أحمد عمر، رئيس مجلس شورى الحركة الإسلامية ورئيس اللجنة العليا للإعداد للمؤتمر، بمؤتمر صحفي في 29 أغسطس الماضي تميز بقلة مادته المعروضة على الصحفيين (فقط موعد المؤتمر وعدد المدعوين له من خارج السودان وبعض الإجراءات الإدارية) كما تميز بصعوبة الأسئلة الصحفية التي وجهت للمنصة وتصدى لها الشيخ إبراهيم وحده مع وجود نائب الأمين العام الذي يعرف دقائق الإعداد للمؤتمر بصفته رئيس اللجنة الفنية (الأستاذ حسن رزق) ورئيسة اللجنة الإعلامية (الأستاذة سناء حمد)، وقد اتسمت اجاباته على الأسئلة الصعبة (مثل من يمول المؤتمر؟ هل تمت دعوة حسن الترابي له؟ لماذا الحركة الاسلامية غير مسجلة؟ كيف تعاملتم مع مذكرة الألف التي رفعت للقيادة؟) بالزوغان ومغالطة الحقائق والتعميم الذي لا يسمن ولا يغني من جوع! أجاب على تمويل المؤتمر بأنه من أموال الحركة الإسلامية ولم يصدقه أحد لأن الحركة عاجزة حتى عن فتح حساب باسمها لأنها لا تتمتع بشخصية اعتبارية ولا بوجود قانوني؛ وعلى سؤال لماذا هي غير مسجلة؟ أجاب بأنها تعمل في كل مجالات الفكر والحياة وليس في الدولة جهة تسجل مثل هذه الهيئة! وما كنت أظن أن الشيخ العالم يجرؤ على كذبة بلقاء مثل هذه، ولكنها بعض أدواء السلطة المطلقة التي تعدي حتى الأطهار من الناس! وأهم من الزخم الإعلامي كانت المعلومة التي قال بها رئيس اللجنة الفنية وهي أن 10 ألف مؤتمر عقدت في أنحاء السودان المختلفة على مستوى الأحياء والمناطق والمحليات والولايات استعداداً لهذا المؤتمر العام؛وما قاله رئيس لجنة الدعوات (د مصطفى عثمان) أنهم وجهوا الدعوة لأكثر من 150 حركة ومؤسسة وشخصية إسلامية من خارج السودان؛ وسيبلغ تعداد المؤتمرين غير الضيوف 4000 مشارك حوالي 50% منهم يأتون من الولايات المختلفة.
والسؤال المهم الذي يبحث عن إجابة ليس هو تكلفة المؤتمر العام ومؤتمراته الإعدادية التي تقدر بمليارات الجنيهات، ولا من أين تأتي؟ فالكل يعلم أن شقي الحال (محمد أحمد)الذي أوقعه سوء حظه العاثر وعجز نخبته السياسية في قبضة الإنقاذ لربع قرن من الزمان هو الذي سيصرف على هذا البذخ الفاجر رغم عوزه وفقره، كما يصرف على أنشطة الحزب الحاكم ومؤساساته العديدة ورواتب موظفيه الضخمة. ولكن السؤال الذي يستحق الإجابة هو: لماذا كل هذا الجهد والإنفاق المالي والحراك الواسع من أجل اجتماع كيان غير شرعي ولا يقوم بأي نشاط من أي نوع؟ السبب ببساطة أن السلطة القابضة على مقاليد الأمور قد أحست بالململة الواسعة والاحتجاجات المتصاعدة في أوساط عضويتها الإسلامية ضد سياساتها الفاشلة (انفصال الجنوب، استمرار الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق، الإنفلات الأمني في دارفور، الضائقة الاقتصادية التي يعاني منها المواطن، انتشار الفساد بدرجة غير مسبوقة في تاريخ السودان، عجز الحكومة من التصدي للجيش الشعبي في هجليج وفي جنوب كردفان وعن حماية مصانعها العسكرية من العدوان الخارجي، إنهيار مؤسسات الدولة مثل السكة حديد ومشروع الجزيرة والخطوط الجوية السودانية، تردي الخدمات الصحية والتعليمية التي لا تنال من موازنة الدولة إلا النذر اليسير الذي لا يقيم أودها ...)، وضد منهج الحكومة في غياب الشورى وضعف المؤسسية وانعدام التنسيق بين أجهزة الدولة وكبت الحريات وسيطرة قلة من السياسيينالعجزةالمحترفين على مقاليد الأمور لسنوات طويلة جداً. ولا إجابة حقيقية لدى الحكومة لتساؤلات الشباب المحتج ضد كل تلك الأمور؛ فلا بأس إذن من إلهائهم بمهرجان زائف للحركة الإسلامية تدعى له حركات إسلامية وشخصيات قيادية من أنحاء العالم حتى يظن البعض أن الحركة الإسلامية السودانية ما زالت حية وفاعلة ونموذجاً يحتذى. وأحسب أن القائمين على المؤتمر سيكتشفون تغيب معظم قيادات الصف الأول من الحركات الإسلامية عن الحضور، خاصة تلك التي صعدت للسلطة في أعقاب الربيع العربي، لأنه ما عاد يشرفهم أمام مواطنيهم الذين يعيشون ربيعاً ديمقراطياً أن تكون لهم صلة بالحركة الإسلامية السودانية التي قدمت نموذجاً بائساً وسلطوياً في إدارة الدولة ليس له صلة بقيم ومبادئ الإسلام السمحة النبيلة.
وسادت في مؤتمرات الحركة الإسلامية التي قيل أنها بلغت عشرة آلاف روح من الشقاق والملاسنة والاتهام بالمحاباة والتزوير، وما كنا نظن أن شيئاً من هذا يمكن أن يحدث في صفوف الحركة الإسلامية التي عرفت بالأخوة والمحبة والتضحية والزهد في المناصب.ولكن سبحان مغير الأحوال! والسبب وراء هذه الاحتكاكات والاتهامات أن المتنفذين في الحكومة والحزب الحاكم ظلوا يتولون السيطرة على كل أجهزة الحركة الإسلامية منذ فجر دولة الإنقاذ لتبقى مجمدة لا حراك لها؛ ولماذا تتحرك فالدولة دولتها والحزب الحاكم هو حزبها الذي ارتضته واجهة لها؟ وقبلت كثير من القواعد الإسلامية بهذا الوضع الشاذ بحجة أن إقامة الدولة هي الإنجاز الأكبر للحركة الإسلامية فلا ينبغي أن تفرط فيه لأي سبب من الأسباب، ورضيت في سبيل ذلك التضحية بشيخها المؤسس ومفكرها الأول حسن الترابي؛فالثورة الإسلامية السودانية لا كمثيلاتها تكتفي بأكل أبنائها بل هي مستعدة أن تأكل أباءها وشيوخها ومفكريها إذا دعا الحال! ولكن الململة والاحتجاجات الواسعة التي ارتفع صوتها حتى من المجاهدين وأساتذة الجامعات والبرلمانيين والشيوخ وبعض المسئولين في الدولة تحتاج إلى أسلوب جديد في المعالجة يصرف النظر عن الواقع البائس ولو إلى حين من الزمن، على أن تظل الحركة تحت السيطرة تماماً فالخوف الآن أكبر أن تأتي بعض العناصر "المتمردة" لتتولى المسئولية في أجهزة الحركة الإسلامية فتحدث انتفاضة لا يؤمن عقباها على أهل النظام. وتفتقت عبقرية العرابين عن مشروع دستور جديد للحركة الإسلامية يسمح لها بالعمل في كافة مجالات الفكر والحياة ويبقيها في ذات الوقت مهمشة مجمدة وتحت نطاق التحكم المرسوم لها.
يقول مشروع الدستور الجديد إن الحركة الإسلامية تعمل في المجال الدعوي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي وكل مجال للنشاط الإنساني. ليس في الإمكان أبدع مما كان! ولكن الحركة ستعمل في جميع هذه المجالات بمؤسسات تناسب كل مجال وأن هذه المؤسسات التي تنشؤها لها استقلاليتها وكينونتها في إطار المهام الموصوفة بالنظم واللوائح الخاصة بتلك المؤسسات؛ هذا يعني أن مؤسسات الحركة ستكون مسجلة مع الأجهزة المناسبة في الدولة وهي مستقلة عن الحركة وقياداتها لأنها ستدار حسب لوائحها وأجهزتها ولا تستطيع قيادة الحركة أن تتدخل فيها، ولكن الدولة تستطيع أن تفعل ذلك لأنها الجهة التي ستعتمد عليها هذه المؤسسات في تمويل أنشطتها وتستطيع أن تفرض عليها قيادات بعينها كما تفعل في قيادات الطلاب والشباب والمرأة، وإذا فشل الفرض الطوعي ففي التزوير على يد عناصر الأمن الشعبي مخرج آمن. ولا داعي إذن أن تكون الحركة كياناً شرعياً مسجلاً طالما أن مؤسساتها مسجلة ومعترف بها، وكيف يتدخل الكيان غير الشرعي في أعمال المنظمات الشرعية؟ ويقول الدستور إن قيادات الحركة العليا في الصعيد التنفيذي (الحكومة) والسياسي (المؤتمر الوطني) والخاص (الحركة الإسلامية) المنتخبون وفقاً لمرجعيات ونظم مؤسساتهم هي القيادة العليا للحركة الإسلامية. وتقول اللائحة المرفقة مع الدستور إن القيادة العليا تتكون على النحو التالي: رئيس الصعيد التنفيذي ونوابه (3)، الأمين العام ونوابه (3)، رئيس الصعيد السياسي ونوابه (3)، رئيس مجلس شورى الحركة (1)، رئيس مجلس شورى الصعيد السياسي (1)، رئيس الهيئة التشريعية القومية (1)؛ ويجوز لأعضاء القيادة العليا أن يضيفوا من يرونه مناسباً بما لا يتجاوز عدده خمسة أعضاء، ويرأس القيادة العليا رئيس الصعيد التنفيذي (رئيس الجمهورية). يلاحظ أن كيان الحركة الإسلامية ممثل ب (4) أعضاء هم الأمين العام ونوابه ورئيس مجلس شورى الحركة، في حين أن الأجهزة الأخرى خارج كيان الحركة ممثلة ب (8) أعضاء هذا غير الشخصيات المضافة من داخل القيادة العليا والتي غالبا ما ستكون أيضا من خارج كيان الحركة، وأن المؤسسات المستقلة للحركة ليس لها أدنى تمثيل في القيادة العليا. وزيادة في تهميش الأمين العام للحركة اقترح مشروع الدستور أن يتم انتخابه من مجلس شورى الحركة وليس من المؤتمر العام كما كان الحال سابقا لأن السيطرة على مجلس الشورى من متنفذي السلطة أسهل من السيطرة على عضوية المؤتمر العام الكبيرة (4000). ولذلك فإن المعركة الأساسية في كل المؤتمرات التي عقدت هي انتخاب الأمين العام في كل ولاية، وانتخاب مجلس شورى الولاية، ثم تصعيد العناصر (المأمونة) التي ستجيز مشروع الدستور الجديد دون مشاكل، وانتخاب مجلس الشورى المركزي المقترح عليهم من القوى المتنفذة وكذلك انتخاب الأمين العام المركزي خلفاً للأستاذ علي عثمان الذي أكمل بسلامته دورتين من 2008 إلى 2012 بالتمام والكمال دون أن يتقدم وضع الحركة من تهميشها وجمودها شبراً واحداً. ومن الغريب أن الولايات طبقت انتخاب الأمين العام من مجلس الشورى قبل أن يعتمد الدستور الجديد من المؤتمر العام، ولا أدري ماذا سيفعلون إذا رفض المؤتمر العام انتخاب الأمين العام عن طريق مجلس الشورى؟
قد تنجح السلطة المتنفذة كما هو متوقع في فرض إرادتها على عضوية الحركة الإسلامية المتململة بإجازة الدستور كما هو وباختيار من يريدونه للمواقع المختلفة؛ ولكنهم سيقضون بذلك على ما تبقى في الحركة الإسلامية من حيوية وطهارة ظهرت في هذا التململ الواسع، وحينها لن يجدوا عناصر الحركة الإسلامية الصلبة عندما يحتاجون إليها في المواقف الصعبة وعندها سيندمون ولات ساعة مندم!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.