أعتقلت الأجهزة الأمنية اثنين من قساوسة الكنيسة القبطية في الخرطوم أمس الأول 18 ديسمبر ، في وقت حذرت فيه مجموعة تطلق على نفسها إسم (القاعدة في ولايات النيل) جميع الأقباط السودانيين ما لم يتم الإفراج عن فتاة مسلمة إعتنقت المسيحية وتم تعميدها في الخرطوم – بحسب إدعائهم ، مما ينذر بفتنة دينية جديدة بعد حادثة حرق كنيسة الجريف شرق العام الماضي . وكشف مسؤول بالكنيسة القبطية فضل حجب اسمه لوكالة الأنباء الفرنسية أن السلطات السودانية أعتقلت اثنين من قساوسة الكنيسة بعد أن عمدا مسلمة اعتنقت المسيحية دون أن يعطي تفاصيل للقصة الكاملة . وأكدت مصادر دينية اخرى الواقعة لكن لم يصدر اي تعليق عن اسقف الخرطوم. وفي ظل نظام الرئيس عمر حسن احمد البشير نظم الأقباط هجرات جماعية من السودان بداية تسعينيات القرن الماضي بعد إستلام (الإنقاذيين) للسلطة في الخرطوم بواسطة إنقلاب عسكري نظمته (الجبهة الإسلامية القومية) في يونيو 1989، بعد أن أعلن نظام عمر البشير قوانين متشددة ذات صبغة دينية تحكم بالإعدام على من يعتقد انه غير عقيدته . وتنص المادة المادة (18) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان (لكل شخص حق في حرية الفكر والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حده)، بينما تنص المادة (126) من القانون الجنائي السوداني : ( (1) يعد مرتكباً جريمة الردة كل مسلم يروج للخروج من ملة الاسلام او يجاهر بالخروج عنها بقول صريح او بفعل قاطع الدلالة. (2) يسستاب من يرتكب جريمة الردة ويمهل مدة تقررها المحكمة فاذا اصر على ردته ولم يكن حديث عهد بالاسلام ، يعاقب بالإعدام .(3) تسقط عقوبة الردة متى عدل المرتد قبل التنفيذ). وفي غضون ذلك أرسلت مجموعة تطلق على نفسها اسم (تنظيم القاعدة في ولايات النيل) يوم الثلاثاء الماضي بيانا هددت فيه الأقباط في حال لم يفرج عن المرأة التي اعتنقت المسيحية و(خطفها) المسيحيون على حد وصف البيان. ولا تعلن حكومة الخرطوم عن وجود لتنظيم (القاعدة) إلا أن الجماعة ظلت تصدر بيانات في أحداث متفرقة ، كما شاركت جماعات تحمل رايات القاعدة السوداء في حادثتي الإعتداء على السفارتين الألمانية والأمريكية في الخرطوم . يذكر أن متشددين اسلامويين يقودهم انصار محمد عبد الكريم هدموا الكنيسة الانجيلية بالجريف غرب بواسطة بلدوزر ، واشعلوا فيها الحرائق ، في حضور اعداد من الشرطة كانوا يتفرجون علي الاعتداء في يوم 21 ابريل الماضي. وتصاعد اضطهاد المسيحيين منذ اعلان عمر البشير في القضارف عدم قبوله بالتعددية الدينية في سودان ما بعد الانفصال ، وقوله ( تاني ما في دغمسة) بعد أن أكد أن السودان صار دولةً إسلامية بنسبة 98% بعد انفصال الجنوب، واحرقت منذ ذلك الاعلان عدد من الكنائس بالخرطوم وجنوب كرفان ، كما تلقي عدد من القساوسة تهديدات بالقتل . وتؤكد خبرة التاريخ انه يمكن قياس انسانية كل مجتمع بالطريقة التي يعامل بها اقلياته ، والمجتمعات التي تغل ايادي اقلياتها تدفع الاثمان لاحقا فتجد ان الاغلال علي اياديها هي نفسها .