الخرطوم 15 مايو 2015 قررت جميع الصحف السودانية، في سابقة نادرة الصدور يوم السبت، بمانشيت موحد نصه: "الصحافة السودانية: لا للدماء"، إلى جانب افتتاحية واحدة للفت النظر إلى الصراع الدامي بين قبيلتي الرزيقات والمعاليا في ولاية شرق دارفور. وقفة إحتجاجية لعشرات الصحفيين أمام مجلس الصحافة وسقط المئات من قبيلتي المعاليا والرزيقات في أحدث مواجهات قبلية في "أبوكارنكا" بشرق دارفور، الإثنين الماضي، حيث يتصارع الطرفين على ملكية الأرض، بعد فشل عدة مؤتمرات للصلح وتسوية الخلافات. نفذ صحفيون، مساء السبت، وقفة احتجاجية ضد العنف القبلي ووقف الحرب ونزيف الدم بين القبائل في دارفور. وعبر رؤساء تحرير الصحف لدى احتشادهم بدار الاتحاد العام للصحفيين السودانيين عن عميق حزنهم لتصاعد الأحداث بولاية شرق دارفور ودعوا لوقف الحرب وعدم إهدار موارد البلاد جراء الصراعات القبلية مؤكدين استمرار مبادرتهم سعيا لإحلال السلام بدارفور وجميع أنحاء البلاد. وإعتصم صحفيون ضمن مبادرة "صحفيون ضد العنف القبلي"، صبيحة الاشتباكات بين المعاليا والرزيقات، أمام القصر الجمهوري بالخرطوم للتنديد باستمرار المواجهات القبلية في دارفور. ونعى الصحفيون السودانيون أقرباء لزملاء لهم سقطوا خلال معارك القبيلتين، حيث فقد الصحفي بصحيفة "التيار" عبد الله اسحاق إثنين من أشقائه، كما قتل شقيق الصحفي في "أول النهار" علي فضل المولى، وشقيق الصحفي بصحيفة "السوداني" محمد حمدان، فضلا عن مقتل أقرباء للصحفي عبد الرحمن العاجب. واتفقت جميع الصحف السودانية على الصدور، صباح السبت ب "مانشيت" واحد، وافتتاحية واحدة للفت النظر لما اعتبروه قضية ملحة وعاجلة، "ليقف الشعب كله صفاً واحداً ضد العنف القبلي". وتابع بيان للمعتصمين: "نتعشم من كل قارئ تلامس أعينه هذه السطور أن يكون معنا بقلبه ويده ولسانه لنحقق الغايات التي نرجوها"، وزاد "هو واجبنا الأوجب، أن ننهض بكل همة ونبادر لخلع أنياب الفتنة أولاً ثم تبني استراتيجية إعلامية ضد العنف القبلي تؤسس لمنصة انطلاق معافاة نحو مستقبل آمن رشيد". وقرر الصحفيون السودانيون في بيانا أصدروه عقب وقفتهم الاحتجاجية "أن يكونوا في قلب الأزمة، بكل عقولهم وبصيرتهم وصولا للحل الأمثل، ليس لتضميد جراح المعارك فحسب، بل لترسيخ قيم التعايش والوئام الاجتماعي الوطني بأجذر ما تيسر". وأكدوا أن وفدا من الصحفيين سيغادر إلى دارفور ليباشر على الأرض إطفاء حرائق النفوس تمهيداً لمبادرة شاملة تجمع التراضي الشعبي حولها. وقال البيان الذي سيكون على صدر جميع صحف الخرطوم، السبت: "اليوم يعتصرنا ألم يدمي القلوب على ما آل إليه الوضع في دارفور، بعد أن أصبح الدم رخيصاً بلا ثمن يستباح بكل أريحية قرباناً لصراعات قبلية ممعنة في ال(لا) وعي". وزاد "آخرها الدماء التي سكبت في (أبو كارنكا) بشرق دارفور بين قبيلتي الرزيقات والمعاليا، وأودت بأنفس بريئة من الطرفين لتحول مئات النساء إلى أرامل وآلاف الأطفال إلى أيتام يزحفون نحو مستقبل مجهول، علاوة على الأسر التي تشردت والمساكن التي أحرقت والمتاجر والمصالح التي عطلت". ويعد النزاع بين قبيلتي الرزيقات والمعاليا من أطول النزاعات القبلية بدارفور منذ العام 1966 بسبب الصراع حول أراضٍ "حاكورة" يدعي الرزيقات ملكيتها، بينما يتمسك المعاليا بأحقيتهم فيها، وأخذ الصراع بين الطرفين منحىً أكثرة عنفا وحدة بعد اكتشاف النفط في مناطق النزاع. ونزح 120.000 من المدنيين في هذه المنطقة نتيجة للنزاع القبلي الذي اندلع في اوائل شهر اغسطس من عام 2013. وخلف الصراع الدائر بين الرزيقات والمعاليا في يوليو من العام الماضي أكثر 600 قتيل بالاضافة الى إصابة نحو 900 جريح بين الطرفين، فضلا عن نزوح أكثر من 55,000 نسمة الى محليتي "عديلة وأبوكارنكا".