تقدم مدير المركز القومي للمناهج في السودان عمر القراي باستقالته، احتجاجًا على تجميد العمل بالمقررات الدراسية الجديدة، ودمغ الحكومة الانتقالية بالإذعان لأصوات أنصار الرئيس المعزول عمر البشير. وجمّد رئيس الوزراء في 6 يناير الجاري، العمل بمقررات دراسية أقرها المركز القومي للمناهج، بعد اثارتها جدلا دينيا كبيرا وصل إلى حد تكفير القراي في المساجد. وقالت مصادر موثوقة ل "سودان تربيون": إن رئيس الوزراء قرر تجميد المناهج بناء عل موازنات سياسية "حساسة جدا" بعد ضغوط عنيفة من الكيانات الدينية وعلى رأسها جماعتي الأنصار والختميه باعتبارهما الطائفتان التابعتان لأكبر حزبين سياسيين في البلاد. ونوهت المصادر الي أن خروج القراى للرد على منتقديه في الاعلام خلق ردود فعل عنيفة وسط منتقديه كما أثار استياء بعض الدوائر الحكومية التي رأت انه لم يكن يتحدث كمسؤول حكومي بوجهة نظر علمية في قضية فنية وإنما "كناشط سياسي" من فوق منبر حكومي. وأفادت أن قرار حمدوك بتجميد خطة المركز القومي للمناهج كان حلا وسطا لأن الطوائف والكيانات الدينية كانت تصر بشدة على إقالة القراى. وقال القراي، في خطاب استقالته المقدم إلى رئيس الوزراء، الذي أطلعت عليه "سودان تربيون"، الخميس: " أجد نفسي غير مستعد للاستمرار مع حكومة جاءت بها ثورة شعبية، ثم ضعفت أمام المكون العسكري ورضخت لضغوط فلول النظام المدحور". وأشار إلى أن حكومة الانتقال "سلمت الثورة لقمة سائغة لفلول النظام البائد وقوى الهوس الديني والتطرف الأعمى". وأضاف مخاطباً حمدوك: "لقد اختارت حكومتك جانب سدنة النظام واخترت أنا جانب الشعب". وعيّن رئيس الوزراء، عمر القراي مديرًا لمركز المناهج في 17 أكتوبر 2019، بناء على توصية من وزير التربية والتعليم. وهاجم أنصار البشير وحزب الأمة القومي، تولي القراي منصب مدير مركز المناهج، بسبب خلفيته الدينية، حيث يدين بالفكر الجمهوري الذي يتزعمه الأستاذ محمود محمد طه، وطالبوا بعزله. وقال القراي لرئيس الوزراء إنه كان يتوقع تدخله أو مستشاره الإعلامي للدفاع عن حقه "كمواطن في تولي المنصب، ما دمت كفؤًا له، بغض النظر عن رأي الآخرين في أفكاري الدينية أو السياسية". وتابع: "بعد تعييني بعدة أشهر، قامت الموجة الثانية من الإثارة والتكفير، وتم فيها تهديدي بالقتل. وذلك لأن فلول النظام السابق وبعض آئمة المساجد، ذكروا زورًا وبهتانًا، أنني حذفت القرآن من المقررات الدراسية". وأردف: "كان من واجبك أن تستدعيني أثناء الزوبعة وتسألني عما يحدث، وتطلب الاطلاع على كتاب التربية الإسلامية لتري هل حذف القرآن أم لا. ثم تتحرى عن خطتنا لتنقيح وتطوير المناهج، وكيف تتم". وأشار إلى أن عدم دفاع الحكومة عنه جعله يضطر للخروج إلى الإعلام لتوضيح إنه لم يلغى القرآن، وإنما تخفيف سور الحفظ على الأطفال. وكشف القراي عن مقابلته مستشار رئيس الوزراء الإعلامي فايز السليك، وتسليمه نسخة من مقرر التاريخ للصف السادس. وأثارت لوحة "خلق آدم" لمايكل إنجلو، الواردة في مقرر التاريخ للصف السادس، موجة من الهجوم على القراي، زاعمين إنها تمثل "الذات الإلهية"، وهو الأمر الذي نفاه مدير مركز المناهج المستقيل. وأشار القراي إلى أنه بعد اتساع دائرة المؤامرة والاستعداء، انتظر استدعاء رئيس الوزراء ليسمع منه "لماذا قام عدد من آئمة المساجد بتكفيري وإهدار دمي، بمن فيهم أحد قادة مجمع الفقه". ويُعد مجمع الفقه الإسلامي المرجعية الدينية للدولة، ويسيطر عليه بعد تشكيلة الجديد فقهاء الانصار وبعض الختميه والطرق الصوفية الاخرى وانتقد القراي طريقة حمدوك في استشارة طوائف دينية بينهم جماعة الأخوان المسلمين، وانصار السنة واغفال مشورة قوي أخري بينها الشيوعي والبعث والحزب الجمهوري. وتابع: "أما ان الأجدر بك مهنيًا وأخلاقيًا، أن تتشاور مع الرجل الذي عينته مديرًا للمناهج. أما كان الأجدر بك أن تشاور لجان المعلمين ومدراء التعليم فق الولايات، بدلا عن الأخوان المسلمين الذين صنفهم العالم كجماعة إرهابية". وتُعد المناهج بواسطة خبراء تربويين متخصصين ومعلمين من مختلف المراحل، حيث يقول القراي إنه لم يتدخل في عملهم لإعداد المناهج.